من المحتمل أن يؤدّي تناول المشروبات السكرية بكثرة إلى زيادة خطر الوفاة المبكرة جرّاء أمراض القلب والأوعية الدموية وفق ما أشارت إليه دراسة حديثة.
فقد خلص البحث الذي نُشر في مجلة "سيركولايشن" (Circulation) أنّ الذين يستهلكون حصّتين أو أكثر يومياً من المشروبات المحلاة بالسكر أو (SSB) (أي ما يعادل كوباً أو زجاجة أو عبوة عادية) يعانون من ارتفاع خطر الوفاة المبكرة بسبب أمراض القلب بنسبة 31 في المئة.
كلّ حصّة إضافية من المشروبات السكرية مرتبطة أيضاً بزيادة 10 في المئة من خطر الإصابة بأمراض قلبية.
ووجدت الدراسة التي قادتها كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفرد بأنّ الاستهلاك المتكرر للمشروبات السكرية زاد نسبة الوفيات بمرض السرطان 18 في المئة.
وقال باحث في قسم التغذية في كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفرد فاسانتي مالك: "نتائج أبحاثنا تدعم النظرية القائلة ان الحد من تناول المشروبات السكرية واستبدالها بمشروباتٍ أخرى كالماء مثلا من شأنه الـاثير ايجابا على الصحة العامة وطول العمر".
وكانت دراسات سابقة قد وجدت ارتباطاً بين تناول المشروبات السكرية وزيادة الوزن وارتفاع خطر الإصابة بالسكري من النوع 2 وأمراض القلب والجلطة، مع أنّ قلّة من الدراسات بحثت في العلاقة بين تناول المشروبات السكرية والوفيات.
و لفحص تأثير المشروبات السكرية على ارتفاع خطر الوفاة في الدراسة، استخدم الباحثون بياناتٍ من 37,716 رجلاً أميركياً في دراسة (HPFS) للمتابعة الصحية التي بدأت عام 1986 و80,647 امرأة في دراسة صحة الممرضات (Nurses' Health Study) التي بدأت عام 1976 وانتهت كلا الدراستين عام 2014.
وقام المشاركون بتعبئة استطلاعات حول نظامهم الغذائي كلّ أربع سنوات وأجابوا على أسئلة تتناول أسلوب حياتهم وصحّتهم العامة كلّ سنتين.
وخلص الباحثون إلى أنّه مقارنةً بالأشخاص الذين يتناولون المشروبات السكرية أقلّ من مرّة في الشهر، فإنّ الذين يتناولون بين واحد وأربع مشروبات سكرية في الشهر مرتبط بزيادة خطر الوفاة بنسبة 1%.
بينما وُجد أنّ تناول ما بين اثنين إلى ستة مشروبات سكرية أسبوعياً مرتبط بزيادةٍ نسبتها 6 في المئة وبين واحد إلى اثنين يومياً بزيادة 14 في المئة في حين سجّل تناول اثنين أو أكثر يومياً زيادة بنسبة 21 في المئة.
وتنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) الراشدين باستهلاك ما لا يزيد عن 30 غراماً من السكريات الحرّة يومياً (free sugars) (أيّ نوع من السكر المضاف إلى الطعام أو الشراب). وينخفض هذا الرقم إلى 24 غراماً للأطفال بين السابعة والعاشرة من العمر وإلى 19 غراماً بين 4 و6 أعوام.
وتُعتبر المنتجات غنيّة بالسكر إذا كانت تحتوي أكثر من 22,5 كلغ من إجمالي السكر لكلّ 100 غ وقليلة السكر إذا احتوت 5 غ من إجمالي السكر للقيمة نفسها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجد الباحثون أنّ استبدال المشروبات المحلاة بالسكر بالمشروبات المحلاة اصطناعياً (بديل السكر او ASB ) مرتبط بتراجع بسيط لخطر الوفاة المبكرة. غير أنّهم وجدوا أيضاً رابطاً بين معدلات الاستهلاك المرتفعة (أربع حصص يومياً على الأقل) من المشروبات المحلاة اصطناعياً سجل زيادة طفيفة لخطر الوفيات الإجمالية وتلك المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية لدى النساء. نتيجةً لذلك، حذّروا من استهلاك بديل السكر بشكلٍ مفرط.
ويقول بروفسور علم الأوبئة والتغذية والتر ويليت عن الدراسة: "وتتوافق نتائج هذه الدراسة مع الآثار الضارة المعروفة جراء تناول كمية عالية من السكر على عوامل الخطر الأيضية وتشكّل دليلاً قوياً بأنّ تناول المشروبات المحلاة بالسكر يرفع نسبة الإصابة بالسكري من النوع 2 وهو بحدّ ذاته عامل مسبّب رئيسي للوفاة المبكرة.
ويضيف: " نتائج الدراسة تدعم بشكل صريح سياسات الحدّ من الترويج لبيع المشروبات السكرية للأولاد والمراهقين ولفرض ضرائب على المشروبات الغازية لأنّ السعر الحالي للمشروبات السكرية لا يشمل التكاليف العالية لعلاج العواقب (المترتبة عن الاكثار من تناولها)."
تجدر الإشارة إلى أنّ الدراسة وجدت رابطاً فقط بين تناول المشروبات السكرية و الوفاة المبكرة و لم تتوصل إلى نتيجة نهائية يسببها تناول المشروبات السكرية.
خلال الشهر الماضي، طبّقت هيئة النقل في لندن (TFL) حظراً على كافة إعلانات الوجبات السريعة التي روّجت للمأكولات ذات نسب الملح والسكر والدهون العالية في محاولةٍ للحدّ من مشكلة البدانة لدى الأطفال التي تشكّل "قنبلة موقوتة" (في بريطانيا).
وقبل بدء العمل بالحظر، قال عمدة لندن صادق خان: "تضع بدانة الأطفال حياة الشبان اللندنيين في خطر وتضع ضغطاً كبيراً على خدماتنا الصحية المستنزفة اصلا. من الضروري جداً أن نتحرّك بحزم لمواجهة هذه القنبلة الموقوتة الآن ويلعب الحدّ من التعرّض لإعلانات الوجبات السريعة دوراً في هذا الأمر -ليس بالنسبة للأولاد وحسب بل للأهل والعائلات ومقدّمي الرعاية الذين يبتاعون الطعام ويحضّرون الوجبات."
© The Independent