بشكل صريح لا يقبل التأويل، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهديداً لليونان بـ"تجارب مؤلمة" إذا لم توافق على الجلوس في محادثات مع تركيا بشأن موارد الطاقة المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط، وهو النزاع الذي يشمل المناطق البحرية التابعة لقبرص أيضاً، حيث تزعم أنقرة امتلاكها حقوقاً في المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين.
تحدث الرئيس التركي بلهجة تصعيدية على نحو غير مسبوق، قائلاً خلال افتتاح مستشفى في إسطنبول أمام عدسات وسائل الإعلام السبت، إن (اليونانيين) إما سيفهمون بلغة السياسة والدبلوماسية، أو في الميدان بتجارب مؤلمة. وشدد على أن تركيا "مستعدة لكل الاحتمالات والنتائج".
نشر عسكري تركي
سبق هذه التعليقات لغط بشأن انتشار عسكري تركي على الحدود مع اليونان خلال الأيام القليلة الماضية، إذ أفادت وسائل إعلام تركية بتحرك دبابات باتجاه الحدود اليونانية. وقالت صحيفة الجمهورية، التركية، إن 40 دبابة نقلت من الحدود السورية إلى أدرنة في شمال غربي تركيا، وتداولت حسابات لأتراك على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمركبات مدرعة من طراز TOMA وشاحنات، مما يعني نقل التوترات مع اليونان إلى مدينة إفروس.
ووفقاً لما ورد، فإن عشرات من المركبات التركية المدرعة تحركت من منطقتي ريحانية وكوملو في مقاطعة هاتاي على الحدود مع سوريا، التي وصلت إلى الإسكندونة، بعد تحميلها على متن ناقلات، ومنها إلى تراقيا الشرقية وأندريانوبوليس. وسابقاً نقلت تركيا مدرعاتها من طراز TOMA إلى سوريا للمساعدة في معاركها ضد الأكراد والسوريين في الشمال السوري.
ولم ترد وزارة الخارجية اليونانية على طلب "اندبندنت عربية" بالتعليق على التحركات التركية. لكن في تعليقات لوسائل إعلام يونانية، أوضح مسؤول عسكري رفيع أن التحركات التركية لا تشكل نشراً واسعاً. وهو ما أكده مسؤول عسكري تركي، بحسب وكالة الاسوشيتدبرس، قائلاً، إن الانتشار كان تحركاً معتاداً للقوات التركية وغير مرتبط بالتوتر مع اليونان.
وبحسب موقع بينتابوستاجما، اليوناني، فإنه على ما يبدو تسعى تركيا لخلق مناخ من التوتر لصالحها بعد وصول الفرنسيين إلى شرق المتوسط، حيث أرسلت فرنسا في منتصف أغسطس (آب) الماضي، طائرتين مقاتلتين من طراز رافال والفرقاطة البحرية "لافاييت" في إطار خطط لزيادة وجودها العسكري في المنطقة في ظل التصعيد المتواصل من قبل تركيا ضد جيرانها الأوروبيين. ولا يبدو أن التحركات التركية الأخرى تثير قلق الأميركيين، إذ إن الأمر يتعلق بنشاط معتاد للقوات التركية المتمركزة في ملاطية. وبحسب ما أفادت به وكالة الأناضول التركية للأنباء فإن "هذا ليس نقل (نشر) قوات إلى الحدود مع اليونان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تركيا تصر على التصعيد
يبدو أن تركيا تصر على التصعيد، فقد أرسل الجيش التركي طائرة تجسس إلى شمال جزيرة رودس اليونانية، الأسبوع الماضي، للمرة الثانية خلال أقل من شهر، حيث رصدت طائرات من دون طيار تركية لجمع المعلومات الاستخبارية، تحلق فوق المنطقة الوسطى بين جنوب غربي الساحل التركي، وجزيرة رودس اليونانية في منتصف أغسطس الماضي. وبحسب خبراء أوروبيين، فإن هناك علامة استفهام بشأن سبب تركيز الأتراك على هذه المنطقة القريبة من رودس وما يبحثون عنه. فربما يريدون إما جمع المعلومات، أو تشتيت الخصوم بشأن نواياهم غير القانونية الحقيقية في مكان آخر.
ويحذر محللون أنه إذا حدث صدام بين أنقرة وأثينا، فقد يُدرج في التاريخ على أنه "أكثر الحروب المؤسفة". وقال مارك بيريني، المحلل لدى مركز أبحاث كارنيجي أوروبا، إنه في حين تعمل القيادة التركية على تأجيج نزاع بحري خطير مع اليونان وقبرص، فإنه لا يستبعد اندلاع صراع هائل في شرق البحر المتوسط، ولو عن طريق الصدفة.
ويضيف أنه في الآونة الأخيرة، اختارت أنقرة اتباع نهج عدائي، ما يجعل الاضطراب عنصراً رئيساً في سياستها الخارجية. عندما لا تخدم القواعد الحالية أهدافها، كما هو الحال في شأن القانون الدولي حيال النزاع حول الحدود البحرية والتنقيب عن موارد الطاقة في البحر المتوسط، تحاول تركيا من جانب واحد خلق قواعدها الخاصة، اعتقاداً منها أن الطرف الآخر سوف يرضخ للضغط.
تضامن وضغط أوروبي
هدد الاتحاد الأوروبي مراراً بفرض عقوبات ضد تركيا، لردع النظام عن مواصلة أعمال التنقيب غير القانونية عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخالصة لقبرص واليونان. وقال رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "نحن واضحون ومصممون في الدفاع عن مصالح الاتحاد الأوروبي وتضامنه مع اليونان وقبرص". وأضاف، "يجب أن نسير على خط رفيع بين الحفاظ على مساحة حقيقية للحوار، وفي نفس الوقت إظهار القوة الجماعية".
ويقول بيريني إنه خلال المجلس الأوروبي الخاص، المقرر انعقاده يومي 24 و25 سبتمبر (أيلول) الجاري، لن يكون أمام رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي خيار آخر سوى إعادة تأكيد تضامنهم مع اليونان وقبرص (التضامن الداخلي هو مبدأ أساسي من مبادئ الاتحاد الأوروبي). وستعرض مرة أخرى استعدادها الكامل للدخول في حوار صريح مع تركيا، بشرط ألا يتم إجراء هذا الحوار في ظل تهديدات دائمة.