حظي القادة الفلسطينيون بدعم السعودية مجددا لإقامة دولة فلسطينية اليوم الأربعاء، لكنهم فشلوا في إقناع الجامعة العربية بالتنديد باتفاق التطبيع الذي أبرمته الإمارات وإسرائيل الشهر الماضي.
وفي مؤتمر عبر تقنية الفيديو لوزراء الخارجية العرب، خففت القيادة الفلسطينية من انتقادها للإمارات جراء اتفاق 13 أغسطس (آب ) الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وسيكتسب الصفة الرسمية في حفل توقيع في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، لكن دون جدوى.
وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي للصحفيين "تم حوار جاد وشامل حول مشروع قدمته فلسطين، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، حول الإعلان الثلاثي وأخذت مناقشة الأمر بعض الوقت، ولكن لم يؤد النقاش في النهاية إلى التوافق حول مشروع القرار المقدم من فلسطين".
وأكد مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الذي تم عبر تقنية الفيديو كونفرانس تضامنه الكامل مع لبنان في مواجهة كارثة تفجير مرفأ بيروت الذي يعتبر مرفقاً حيوياً ورئيساً، وما له من دور تاريخي كصلة تجارية مهمة، ومواصلة دعم لبنان ومساعدته في مواجهة تداعيات الانفجار، والدعوة إلى ضرورة كشف ملابساته ومحاسبة المسؤولين عنه، داعياً المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية إلى مواصلة جهودها في تقديم الدعم الإغاثي والإنساني للشعب اللبناني.
إغاثة السودان
من ناحية أخرى، تضامن وزراء الخارجية العرب مع حكومة وشعب السودان، داعين إلى استمرار التنسيق لمواجهة تداعيات الفيضانات، وتوفير الإغاثات العاجلة، مطالبين مجموعة أصدقاء السودان والمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والمؤسسات المالية والمنظمات الإغاثية غير الحكومية، بالاطلاع بمسؤولياتها تجاه استمرار تقديم الدعم الإغاثي والإنساني لحكومة وشعب السودان.
قراران رافضان للتدخلات الإيرانية والتركية
كما أصدر المجلس قرارين يرفضان التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، فيما تحفظ العراق ولبنان على الفقرة الرابعة والخامسة والثامنة الخاصة بـ "حزب الله" وإيران، وتحفظت قطر وليبيا والصومال وجيبوتي على القرار الخاص بالتدخلات التركية.
حيث عقدت أعمال اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران، وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية اجتماعها الـ 14 اليوم، على هامش الاجتماع الوزاري، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة (رئيس اللجنة) ومشاركة أعضائها "السعودية والبحرين ومصر"، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وناقشت اللجنة سبل التصدي لتدخلات إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية، مؤكدة رفضها وإدانتها لهذه التدخلات، ومجددة دعوتها إلى إيران بالكف عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتوقف عن دعم وكلائها في المنطقة، وإثارتها للنعرات الطائفية التي تشكل تهديداً مستمراً لأمن واستقرار الدول العربية.
وأصدرت اللجنة في ختام الاجتماع بياناً أكدت فيه مجدداً مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم في مواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، كما أوصت المجموعة العربية في نيويورك ببذل جهودها نحو دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لاستمرار حظر تسليح النظام الإيراني، للحد من جرائمه وعدائيته، مؤكدة أنه "لا يمكن تحقيق تقدم في ثنائية الأمن والتنمية لشعوبنا، وتتناسب مع قدراتنا، طالما لم تتخذ خطوات جماعية لمواجهة الخطر الإيراني".
مواصلة دعم طهران للأعمال الإرهابية
ودانت اللجنة مواصلة طهران "دعم الأعمال الإرهابية والتخريبية في الدول العربية، واستمرار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع من داخل الأراضي اليمنية على السعودية"، بما في ذلك الأماكن المقدسة، مؤكدة دعمها للإجراءات التي تتخذها كل من الرياض والمنامة من أجل التصدي لهذه الأعمال العدوانية حماية لأمنهما واستقرارهما." ونددت كذلك بالأعمال التي قامت بها ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والمتمثلة في الهجوم بالطائرات المسيرة على محطتين لضخ النفط داخل السعودية.
التضامن مع المغرب في قرار قطع العلاقات
من ناحية أخرى، أعربت اللجنة عن تضامنها مع قرار المملكة المغربية قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران، كما دانت التهديدات الإيرانية المباشرة للملاحة الدولية في الخليج العربي ومضيق هرمز، وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر عبر وكلائها في المنطقة، من طريق استهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية لناقلة نفط سعودية في مضيق باب المندب، ما يشكل انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي.
إدانة للتدخلات التركية
على صعيد آخر عُقدت كذلك أعمال اللجنة الوزارية المعنية بالتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، برئاسة مصر، ودعا القرار الدول الأعضاء في الجامعة إلى مطالبة الجانب التركي بعدم التدخل، والكف عن الأعمال الاستفزازية التي من شأنها تهديد أمن واستقرار المنطقة.
كما أكد القرار رفض وإدانة التدخل العسكري في ليبيا، ونقل مقاتلين إرهابيين أجانب إلى الأراضي الليبية، باعتبار ذلك يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين، وانتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، إضافة إلى رفض وإدانة تدخل أنقرة في الأراضي السورية، باعتباره خرقاً واضحاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا.
ونص القرار كذلك على رفض وإدانة توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، باعتباره اعتداءً على السيادة العراقية وتهديداً للأمن القومي العربي، والدعوة إلى تكثيف الجهود من أجل إيجاد حلول سلمية للقضايا العربية، بما يحقق الأمن والاستقرار، بعيداً من التدخلات الخارجية التي لا تخدم استقرار المنطقة، كما طالب القرار الجانب التركي بسحب قواته الموجودة على أراضي الدول العربية.
وعقب الاجتماع كشف الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي عن أن قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب تظهر رفضاً عربياً واضحاً للتدخلات التركية والإيرانية في الشؤون العربية.
وأضاف، "القرارات تعكس ضيقاً عربياً شديداً من التدخل التركي والإيراني في الشأن العربي عامة، وشؤون بعض الدول العربية بخاصة"، مشيراً إلى أن "المزاج العربي عموماً رافض بالكامل لهذه التدخلات، لأنه يدرك أن كلتا الدولتين تتبنيان سياسات متقاربة، وتسعيان إلى تحقيق فوائد تخصهما على حساب المصالح العربية، سواء المصالح العربية عامة، أو المصلحة الخاصة بكل دولة، وأنها أصبحت أمراً معيباً وينبغي العمل على وقفها، وأن هناك رفضاً عربياً جاداً لهذه التدخلات، وإدراك كبير لخطرها ووجوب مقاومتها، حتى لا تتحول الدول العربية إلى ساحة للتناحر على حساب العرب ومصالحهم".
الأزمة الليبية
وحول أزمة ليبيا، قال زكي "شهدنا قدراً أكبر من التوافق من قبل الأطراف المهتمة بالأزمة الليبية في صياغة القرار مع الوفد الليبي، وأعتقد أن هناك نوعاً من التفاؤل الحذر في الأزمة، وربما تحمل الجهود الجديدة التي نرصدها أنباء جيدة. لا نريد أن نغامر ونقول إن هناك اختراقات معينة"، مشيراً إلى أن "الملف الليبي يحتاج إلى جهد من كل الأطراف حسنة النية".
الملفات العربية
وحول الالتزام بشبكة التمويل العربية للسلطة الفلسطينية، أوضح زكي أن "النص مازال قائماً، وليس هناك تطور في القرار، ولكن تنفيذ مثل هذه القرارات يحتاج إلى توافق الرؤى وإرادة سياسية"، مشيراً إلى أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أثار مسألة دقة الوضع المالي للجامعة العربية، إذ تبلغ نسبة سداد المساهمات 35 في المئة، مؤكداً أن هناك "وعووداً مباشرة وسريعة من عدد من الوزراء الذين تعهدوا بمعالجة الأمر".
وشدد في الوقت ذاته على أن القرارات الخاصة بفلسطين لم تخرج عن المفاهيم الثابتة للجامعة العربية في شأن القضية الفلسطينية، بما فيها قرار كان محل تواصل مطول، ويعامل ضمن أمور أخرى وضمن مبادرة السلام العربية التي أكد التمسك والالتزام بها، ورفض ما يسمى خطة السلام الأميركية، ورفض الاعتراف بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، مع التأكيد على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه "لم يطرأ تغيير على هذه الأمور".
فيما أكد وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد البوسعيدي دعم عُمان للشعب الفلسطيني من أجل الحصول على حقوقه المشروعة، ودعم جهود ومبادرات السلام في المنطقة. وقال إنه لا يمكن تحقيق سلام شامل وعادل بين الدول العربية وإسرائيل من دون حل الدولتين المبني على مبدأ الأرض مقابل السلام، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وقوف السعودية إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، مضيفاً أنها لا زالت بعيدة عن التسوية المنشودة، "حتى ينال الشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه المشروعة، فلا بد من إنجاز حل مستدام وعادل للقضية الفلسطينية، وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، ولتحقيق ذلك لا بد من توافر الإرادة السياسية عند مختلف الفاعلين والأطراف، كما ينبغي التوقف تماماً عن أية خطوات أحادية من شأنها تقويض فرص إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف أية مساع لضم أراض فلسطينية، هي وفقاً للقانون الدولي حق يتعين أن يسترده الإخوة الفلسطينيون ليقيموا عليه دولتهم المستقلة".
وأكد أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أطماع تركيا في شمال العراق وسوريا وليبيا بشكل خاص.
وعن سوريا قال، "ما زالت التدخلات الخارجية تلعب دوراً هداماً بهدف الإضرار بالأمن القومي العربي، فالتدخلات التركية السافرة التي يمكن وصفها بالاحتلال مستمرة في سوريا، ونؤكد هنا مجدداً ألا بديل لاستئناف العملية السياسية، وصولاً للتسوية السلمية الشاملة، وتنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وفي اليمن تستمر أيادي بعض الأطراف الإقليمية في محاولاتها العبث بالأمن القومي العربي، بما يشكل تهديداً مباشراً لأمن دول الخليج العربي.
وثمّن شكري مواقف الدول العربية الداعمة لمصر والسودان في إطار المفاوضات الجارية بشأن سد النهضة الإثيوبي، معرباً عن ثقته في استمرار الموقف العربي الصلب في دعم هذه الحقوق التاريخية.
وكانت الاجتماعات التحضيرية التي عقدها المندوبون الدائمون أول أمس عقدت حضورياً للمرة الأولى منذ جائحة كورونا، فيما استمر الاجتماع الوزاري افتراضياً منذ آخر اجتماع عقد حضورياً في التاسع من مارس ( آذار) الماضي بسبب الجائحة.