أصدر مشروع نقل المعارف التابع لهيئة البحرين للثقافة والآثار كتابين هما "سوسيولوجيا الدّين: I-مقاربات كلاسيكيّة" و"سوسيولوجيا الدّين: II-مقاربات منشقّة".
في الجزء الأول من كتاب "سوسيولوجيا الدين" عرضٌ لمقاربات "الآباء المؤسّسين" الذين تناولوا أسبابَ فقدان الدين تأثيرَه في المجتمعات الحديثة. ارتاح بعضهم لما يؤدّي إليه من نزع الاستلاب عن الإنسان، وأسِف آخرون لما يسبّبه من برود الوجدان وجفاف القيم، وبعض ثالث تأمّلوا في إمكان التعويض بأخلاق مشتركة قائمة على العقل والعلم. هناك توجّه غالبٌ إلى عقلنة العالم وتجريده من سحريّته، وتتكاثر الصيغ الجديدة لتشكُّل الجماعات الدينيّة. هذا يدعو إلى تتبّع أشكال التجربة الجماعيّة في مجال المقدّس، وهي أشكال لم يؤدِّ انفكاكُها عن الدين المؤسّسي إلى اختفائها، إذ هي تعاود الظهور بصيغ أخرى. فالتحوّلات التي عرفتها الظاهرة الدينيّة، بما في ذلك الجدل حول ما يسمّى "عَلمنة" أو "دَهْرنة" لا تُفقد التحليلات الكلاسيكيّة صلاحيتِها، بل تدعو إلى إعادة قراءتها على نحو مغاير. ولا غِنىً عن قراءة "المؤسّسين" للتعرّف على أسئلتهم وعلى ما أوجدوا لها من إجابات.
أما في الجزء الثاني من كتاب سوسيولوجيا الدّين فعرض لمقاربات تُعتبر "منشقّة" عن مقاربات "الآباء المؤسسين" في علم اجتماع الأديان، وهذه تناولها الجزء الأول. المؤلّفون المقدَّمون هنا، مع كونهم مدينين للإشكاليات التي حدّدها أولئك "المؤسّسون"، فإنهم يبتعدون عنها أو يتخذون منها مسافةً واضحة. إن التحليلات، هنا، مع تنوّعها الواسع، لا تتمحور على ما أصاب الدين من ضعف في المجتمعات المعاصرة بقدر ما تركّز على قدرة الفاعلين الدينيّين على إنشاء أشكال اجتماعيّة، بما في ذلك ضمن الحداثة. إن المؤلّفين، وهم يستوحون من ماركس ودوركهايم أو من ماكس فيبر، يتبعدون عنهم عندما يتعلق الأمر ببيان الصِّلات بين الدين والمجتمع. إنهم تلاميذ مبتدعون وغير أوفياء أو هم منشقّون، على نحو ما، وذلك يمنح قيمةً لأعمالهم تميّزُها وتنجو بها من فخاخ التلمذة الاتّباعية. لقد دشّن المؤلفون، كلٌّ بطريقته، مسالك جديدة، لاختصار المسافة، وسطّروا منعطفاتٍ غير متوقّعة، فساعدوا، كثيراً، على فهمٍ أوسع وأعمق للظاهرة الدينيّة، من وجهةٍ اجتماعيّة.