صباح أمس الأحد 14 سبتمبر (أيلول) انطلقت امتحانات الشهادة السودانية في الولايات كافة، بعد أن شهدت هذه الدُفعة أطول عام دراسي، بدأ في السابع من يوليو (تموز) 2019 واستمر حتى 13 سبتمبر (أيلول) 2020، جراء الظروف الصحية والبيئية. لكن على الرغم من الظروف الحالية الطارئة إلا أن أكثر من نصف مليون طالب وطالبة جلسوا للامتحان الذي كان يعتقد البعض أنه لن يجري بسبب الفيضانات التي ضربت السودان، وأدت إلى انهيار أكثر من 100 ألف منزل، ومئات المدارس التي كان من المفترض أن تُقام فيها.
والي الخرطوم أيمن خالد نمر قرع جرس إطلاق الامتحانات، وأكدت الجهات المسؤولة أن هنالك 522689 طالباً وطالبة جلسوا لامتحان الشهادة السودانية الذي يؤهل لدخول الجامعة، وتم توزيعهم على 4125 مركزاً داخل البلاد وخارجها.
عدد الجالسين للامتحانات وزعوا على مساقات عدة وهي المساق الأكاديمي والصناعي والتجاري والزراعي والنسوي والحرفي والشهادات الأهلية والقراءات.
تأمين الامتحانات
خريف وكورونا وعقبات أخرى يعاني منها السودان، التي اعتقد البعض أنها قد تحول بينها وبين خلق بيئة آمنة لوضع امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام، بخاصة أن الفيضان أدى إلى انهيار عديد من المدارس، وقطع الطُرق التي تربط العاصمة الخرطوم بالولايات. الطيب حسن عضو اللجنة الفنية لتأمين امتحانات الشهادة السودانية قال لـ"اندبندنت عربية"، إن "اليوم الأول للامتحانات مر على ما يرام على الرغم من ظروف الطوارئ في البلاد، ووفق المخطط له من قِبل اللجان المكلفة بالإشراف على الامتحانات وتأمينها، إذ جرى تنفيذها بواسطة لجنتين وهي لجنة وزارية وأخرى فنية برئاسة وكيلة التربية والتعليم. التجهيز للامتحانات كان بدأ منذ يناير (كانون الثاني)، حين وضعت خطة محكمة ومن ثم جاءت كورونا وحالت دون إقامتها، ولكن الفيضانات لم تجرف معها إصرار أولياء الأمور والطلاب اللافت بضرورة إقامة الامتحانات مراعاة للحالة النفسية للطلاب الذين انتظروا لفترة طويلة. الآن جميع المراكز مجهّزة ومؤمنة بواسطة الشرطة، والمنطقة المتضررة أكثر من غيرها هي مدينة سنجة في ولاية سنار حيث انهارت معظم المدارس واستبدلت بمراكز أخرى آمنة".
وعن نقل الامتحانات من الخرطوم للولايات، يقول حسن "الظروف في الولايات سيئة، والفيضانات زادت سوء الأمور، لذلك نُقلت الامتحانات بطائرات عسكرية ووفرت لكل الطلاب داخل السودان وخارجه، حتى دارفور ومناطق النزاعات وصلتها الامتحانات وتم إجلاس الطلاب. أما المراكز خارج السودان فقد أرسل مندوبون من وزارة التربية والتعليم قبل فترة كافية للتجهيز لها".
وفي السياق ذاته، يضيف حسن "نُطبق التباعد الاجتماعي وتم توزيع معقمات وكمامات للطلاب بسبب كورونا، وعلى الرغم من الظروف السيّئة هذا العام، إلا أن الحضور قد اكتمل، ولم يتغيب سوى القليل جدا عن الامتحانات".
مبادرات لترحيل الطلاب
في الخرطوم وولايات أخرى، انطلقت مبادرات لترحيل الطلاب لمراكز الامتحانات بالمجان، شارك فيها الجيش والشرطة وبعض الشركات، والمركبات العامة والخاصة، بينما شاركت شركة مواصلات الخرطوم بـ150 حافلة، والشرطة بست مركبات وعشر مركبات شارك بها الجيش.
سلمى ميرغني من مبادرة "وصلني" قالت لـ"اندبندنت عربية"، إن "المبادرة بدأت بنقل الطلاب الممتحنين في شهادة الأساس، والآن نقوم بنقل طلاب الشهادة السودانية دون مقابل، الصحفية سهير عبدالرحيم أطلقت المبادرة، وبدأنا بمركبة واحدة، ومن ثم انضم إلينا عديد من الأشخاص، وتبرعت الولاية بعدد من الحافلات وعدد من الشركات أبرزها "تاركو" للطيران، والشرطة والجيش، ومتطوعون من المواطنيين. مركبات المبادرة تنتشر في كل ولايات السودان ومهمتنا نقل الطلاب من السادسة والنصف صباحاً حتى السابعة والنصف حتى نضمن وصول جميع الطلاب قبل موعد الامتحان، بينما تعمل مركبات الجيش على إرجاع الطُلاب. وقد وجدت هذه المبادرة التفافاً واهتماماً رسمياً وشعبياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تضامن شعبي
بسبب الفيضانات وخسارة آلاف المواطنيين منازلهم، فتح عديد من الأسر منازلهم لاستقبال الطلاب المتضررين، وكان هناك تسابق على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلان عن عدد من المواقع المُجهزة للطلاب الممتحنين، الذين فقدوا كتبهم ومنازلهم. المبادرة وجدت ثناءً كبيراً وانتشاراً واسعاً، بخاصة وأن الأغلبية على الرغم من الفيضانات رفضوا تأجيل الامتحانات. مها محمد قالت إن "التكاتف واجب، جميع الطلاب الممتحنين هم أبناؤنا ويجب دعمهم والوقوف معهم، لا سيما أن الامتحانات مصيرية تؤهلهم لدخول مرحلة الجامعة، وتتطلب مجهوداً كبيراً، لذلك كان يجب أن نقوم بفتح بيوتنا لأيام معدودة لاستقبالهم وتوفير احتياجاتهم". بينما تقول ريم إنها "مستعدة لتدريس الطلاب مادة اللغة الإنجليزية والفرنسية مجاناً للطلاب الممتحنين، لدعمهم في ظل الظروف الاقتصادية السيّئة".
وعلى الرغم من الفيضانات وكورونا والتدهور الاقتصادي وشح الوقود والخبز، إلا أن هنالك إجماعاً شعبياً على إقامة امتحانات الشهادة الثانوية في وقتها، يتحدى فيها الطلاب الظروف المحيطة لخوض الامتحانات التي ستنقلهم لمرحلة جديدة أكثر أهمية.