يعد معبد التنبؤات من أشهر الأماكن الأثرية والسياحية في واحة سيوه التابعة لمحافظة مطروح غرب القاهرة. ويقع المعبد فوق هضبة أغورمي التي ترتفع 30 متراً عن سطح الأرض، حيث يمكن للزائر مشاهدة مشهد كامل للواحة بجبالها ومنازلها ومزارع النخيل التي تحيطها من الطابق العلوي للمعبد.
يتكون المكان من ثلاثة أجزاء، وهي المعبد الرئيس وقصر الحاكم وجناح الحراس، وبه ملحقات كالبئر المقدسة التي كان يتم فيها الاغتسال والتطهر. وترجع أهمية المعبد إلى كونه مهبط وحي الإله آمون بحسب المعتقدات المصرية القديمة خلال العصر الفرعوني، لهذا أصبح مقصداً مهما للناس في ذلك العصر للاستشارة في الأمور التي يرغبون التنبؤ بها.
ويشهد معبد آمون ظاهرة فلكية تسمى الاعتدال الربيعي، حيث تتعامد الشمس على المعبد مرتين كل عام في الربيع والخريف، ويتساوى الليل والنهار بعد 90 يوماً، حيث يكون أقصر نهار في العام، وبعده بـ 90 يوماً آخر يقع أطول.
معبد التنبؤات
للتعرف على تاريخ هذا المعبد وأهم ما يميزه وسبب تسميته بهذا الاسم، يقول عالم الآثار المصرية حسين عبدالبصير لـ "اندبندنت عربية" إن معبد آمون أو معبد الوحي سمي أيضاً بمعبد التنبؤات، وهو أحد أهم المعابد الشهيرة للإله آمون، ويقع في واحة سيوه، ويرجع تاريخه إلى عصر الأسرة الـ 26 ويطلق على هذا العصر اسم عصر النهضة أو العصر الصـاوي الممتد من 646 وحتى 526 ق.م. وتشير النقوش في منطقة قدس الأقداس داخل المعبد إلى أن من أنشأه هو الملك أحمس الثاني أحد أهم ملوك تلك الأسرة".
ويضيف، "الإله آمون في المعتقد المصري القديم له علاقة بالوحي بشكل عام، وسمي هذا المعبد بمعبد التنبؤات لأن الناس في ذاك الوقت كانوا يتوجهون للمعبد لاستشارة الإله آمون في الأمور التي يرغبون التنبؤ حولها، فيذهبون للمعبد ويطلبون من الكهنة استشارة آمون في الأمر الذي يحيرهم، ومن هنا جاء الاسم الذي عرف به المعبد حتى الآن".
تتويج الإسكندر الأكبر
من الأحداث المهمة المرتبطة بهذا المعبد هو أنه شهد تتويج الإسكندر الأكبر ابناً للإله آمون، كوسيلة اتخذها الإسكندر للتقرب إلى المصريين لما عرف عنهم من ارتباطهم بمعبوداتهم في ذلك الوقت، وكان من أشهرها الإله آمون. وعن هذا الأمر يشير عبدالبصير إلى أن "هذا المعبد شهد زيارة الإسكندر الأكبر عام 331 ق.م بعد وصوله إلى مصر، وتم تتويجه ابناً للإله آمون قبل أن ينصب حاكماً على مصر، فالإسكندر الأكبر حاول أن يظهر التقدير والاحترام لآلهة المصريين لما عرفه من أهمية كبيرة لهذا الأمر لديهم".
ويضيف، "طلب الإسكندر وقتها من الكهنة أن يتنبأوا بمصير حملاته العسكرية المقبلة لما عرفه من شهرة هذا المعبد في هذا الأمر، وأنه الناس يقصدونه لهذا الغرض، فطلب أن يتم التنبؤ له هل سيحكم العالم أم لا؟ لتكون الإجابة نعم، ولكن ليس لفترة طويلة".
جيش قمبيز المفقود
ترتبط بمعبد التنبؤات قصص كثيرة يتناقلها الناس حتى وقتنا هذا، وتظل مثيرة للدهشة والتعجب، ومن أشهرها قصة جيش قمبيز المفقود الذي فقد في الصحراء ولم يعثر عليه وذلك عندما توجه لهدم هذا المعبد. وحول هذا الأمر يقول عبدالبصير إن "قصة جيش قمبيز المفقود واقعة حقيقية وثابتة تاريخياً وليست أسطورة متعلقة بالمعبد، ففي عام 525 ق. م أرسل الملك الفارسي قمبيز جيشاً لهدم معبد آمون، إلا أن هذا الجيش أثناء طريقه إلي واحة سيوه اختفى تماماً ولم يعثر عليه بعدها أبداً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف، "يعتقد أن هذا بسبب أحد العوامل الطبيعية، فيستنتج بعضهم أن هذا الجيش طمر تحت رمال الصحراء بسبب عواصف ورياح شديدة، وظل هذا الأمر أحد الألغاز المرتبطة بمعبد آمون وأحد القصص التي يتناقلها الناس على مر العصور عن هذا المعبد".
يذكر أن "سيوه" هي مدينة وواحة تقع في الصحراء الغربية، وتبعد حوالى 300 كيلومتر عن ساحل البحر المتوسط جنوب غربي محافظة مطروح، ويعمل أغلب سكان المنطقة في مجالات تتعلق بالزراعة والسياحة والحرف اليدوية التي تتميز بها الواحة مثل التطريز وصناعات الفخار.
وتتميز واحة سيوه وتشتهر عالمياً بالسياحة العلاجية، وتعرف رمالها ومياهها الكبريتية بأنها أحد وسائل الطب البديل، وأحد أماكن الاستشفاء التي يقصدها الناس من مصر وخارجها. وتضم أماكن أثرية عدةـ كما أعلنت محمية طبيعية تضم أشكالاً متنوعة للحياة النباتية والحيوانية.