شغلت دجاجة برازيلية الإعلام المصري خلال الأيام الماضية، بعدما ادعى طبيب بيطري إجراءه جراحة دقيقة لها في مدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر جنوب شرقي البلاد، ونشر صورها ليتبين لاحقاً أن الصور ترجع لدجاجة في البرازيل، تعرضت لإصابة وعولجت في مدينة ريو دي جانيرو.
بداية القصة كانت بنشر صفحة "Jungle Veterinary clinic" على "فيسبوك" والتي تخص عيادة للطب البيطري تحمل الاسم نفسه في سفاجا، صورتين لدجاجة مصابة، وكتبت الصفحة "علاج طبيعي لدجاجة بعد عملية عظام مع شرائح ومسامير، نتيجة السقوط من أعلى المنزل"، ما أثار موجة من المشاركات والتعليقات، بين متهكم على الاهتمام الزائد بدجاجة، وآخرين قدموا التحية للاهتمام بالحيوان.
وانتشر هاشتاغ "أشهر فرخة في مصر"، وتلقفت الصحافة المحلية الواقعة، وتواصلت مع الطبيب محمد أحمد صاحب العيادة، الذي قال إنه أجرى الجراحة للدجاجة "ليسكي" مع طبيبة أخرى تدعى إيمان أبو المجد.
تفاصيل الجراحة المزعومة
وسرد الطبيب عبر تصريحات لمواقع إخبارية وقنوات تليفزيونية تفاصيل دقيقة ومثيرة عن واقعة علاج "الفرخة" كما يسميها المصريون، فقال إنه للمرة الأولى في مصر تجرى جراحة لدجاجة، إذ استدعت الحالة تدخلاً جراحياً سريعاً بعدما سقطت "ليسكي" من أعلى سطح منزل مالكها، وهو سويسري الجنسية يسكن في مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر. وأضاف الطبيب أنه استقبل الدجاجة وهي في حال إعياء شديد وعجز عن الحركة، وكان صاحبها منهاراً، وطلب إنقاذها مهما كانت الكلفة، حتى لو تطلب الأمر علاجها خارج مصر، كما طلب أن يتم التخلص منها بأساليب "الموت الرحيم" إن لم تكن هناك طريقة لإنقاذها.
وروى الطبيب البيطري أنه قام بعمليات التعقيم وأجرى تحاليل طبية للدجاجة، كما تواصل مع أطباء خارج مصر لسؤالهم عن الإجراءات الطبية السليمة، وتم تخديرها تخديراً كلياً بالاستنشاق، وتضمنت الجراحة تركيب شريحتين وستة مسامير، وكانت الصعوبة فى إيجاد مسامير وشرائح صغيرة على مقاس رجلها، مؤكداً أن الجراحة كلفت سبعة آلاف جنيه (444 دولاراً)، وأنه وضع "ليسكي" تحت الملاحظة في عيادته عقب الجراحة مدة يومين، وكانت تتغذى بالمحاليل. وأضاف الطبيب أن رجل "الفرخة" ستوضع في الجبس لشهرين، وستقوم بجلسات علاج طبيعي كي تستطيع السير، مشيراً إلى أنها ستوضع على كرسي متحرك لكي تتنقل بحرية حتى موعد فك الجبس.
دجاجة تعيش حياة الملوك
ولم يكتف الطبيب البيطري بسرد تفاصيل الجراحة المزعومة، وإنما روى تفاصيل حياة الدجاجة قبل الحادثة، مؤكداً أن صاحبها سويسري اسمه "مارك فبيان" يعيش في مدينة مرسى علم، ويهوى تربية الفراخ ويعتبر "ليسكي" صديقته، حيث تعيش معه في الفيلا المخصص بها أماكن لنومها ولعبها، وأيضاً لقضاء حاجتها، ويحرص على الترفيه عنها بالمشي في حديقة الفيلا، والاستحمام فى حوض المياه ليخفف عنها درجات الحرارة المرتفعة، كما يهتم بتقديم غذاء صحي لها بإعطائها وجبتين يومياً، تحوي الخس والجرجير والفاكهة الطازجة والبلح والتفاح والعنب والكمثرى، إذ يعامل السويسري الفرخة كحيوان أليف مثل القطط والكلاب ولا يحبسها في قفص.
كشف الحقيقة
نجومية الطبيب التي قادته لإجراء مداخلات في قنوات التليفزيون لم تستمر سوى يومين، فبعدما ظهرت تدوينات على السوشيال ميديا تشكك في صحة الواقعة، ما دفع بعض رواد مواقع التواصل وصحافيين إلى البحث في أصل الصور، ظهر أنها منشورة من جانب طبيب بيطري برازيلي قبل أيام من اختلاق الطبيب البيطري محمد أحمد واقعة الجراحة. وكتب الطبيب البرازيلي جوليو أرودا على صفحته بموقع "إنستغرام" أن الدجاجة كانت ضحية طقوس دينية تسببت في تحطم أعضائها، وأجرى لها جراحة في الحوض والصدر.
وبعد اكتشاف القصة الحقيقية للطبيب البرازيلي، تواصل موقع إخباري مصري مع الطبيب محمد أحمد الذي رد بأن صور الطبيب البرازيلي ربما تكون شبيهة للدجاجة التي يزعم علاجها، وأنها ستكون لديه للمتابعة في العيادة خلال أيام، قبل أن يغلق هاتفه وعيادته. وحاولت "اندبندنت عربية" التواصل معه مرات عدة لكنه أبقى هاتفه مغلقاً.
التحقيق مع الطبيب
أعلنت نقابة الأطباء البيطريين أمس السبت إحالة الواقعة إلى التحقيق، وأن لجان التأديب ستقوم بعملها تجاه الطبيب وفق قانون النقابة، بحسب تصريحات تليفزيونية لخالد سليم نقيب الأطباء البيطريين المصريين.
كما أعلنت مديرية الطب البيطري في محافظة البحر الأحمر غلق عيادة الطبيب في سفاجا، بناء على تفتيش لجنة من المديرية ومجلس المدينة للعيادة عقب واقعة اختلاق علاج "الفرخة". وأكد مدير مديرية الطب البيطري فتحي السلمي في تصريحات صحافية أن اللجنة اكتشفت عدم حصول العيادة على ترخيص من الهيئة العامة للخدمات البيطرية.
كما توقفت صفحة العيادة عن نشر تدوينات جديدة عبر "فيسبوك" منذ أمس، ولم يظهر الطبيب مرة أخرى، كما أنه ليس معلوماً ما إذا كانت ستتم مساءلته عن وجود العيادة من دون ترخيص خلال الفترة الماضية.