"خليلي يا عنب"، ربما هي أكثر عبارة تسمعها في الأسواق أثناء ترويج الباعة والمزارعين لعناقيد العنب بكافة ألوانها وأنواعها، والمقبلة بالتحديد من محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية. فهي أكثر المناطق شهرة بزراعة هذه الفاكهة الصيفية وكافة المنتجات التي يعتبر العنب الفلسطيني نواتها الأساس. فالتجار اختاروا مناطق الظل لترتيب صناديق العنب على أرصفة الشوارع الرئيسة، التي تعج بالمارة عادة، متسابقين على عرض أفضل منتجاتهم، وكسب ثقة الزوار.
وبحسب جهاز الإحصاء المركزي، فإن هناك مليوناً وربع المليون شجرة عنب في فلسطين، 70 في المئة منها في محافظة الخليل، لتكون ثاني أكبر المزروعات بعد الزيتون مشكلةً 12.5 في المئة من الدخل القومي الزراعي.
مهرجان حاشد سنوياً
بسبب كثافة الإنتاج ينظم كل عام مهرجان في شمال الخليل، يزوره أكثر من 100 ألف شخص من مختلف المناطق الفلسطينية لمدة ثلاثة أيام، يتعرفون فيه على العنب ويتذوقون ويتسوقون المنتجات المختلفة، وبالنسبة إلى المزارعين والمزارعات. فهذا المهرجان هو فرصة لتحقيق الأرباح وبناء العلاقات الاجتماعية، وتوفير فرص عمل، بخاصة للنساء. إذ تقول نجلاء أبو عياش إنها بدأت وسيدات أخريات منذ عام 2000 في استخدام العنب لإنتاج الزبيب، والملبن والدبس والمربى وورق العنب، وبيعه في السوق الفلسطينية، تحت شعار "ازرع تأكل"، لتعزيز دور النساء الاقتصادي، بخاصة أن معظم العاملات معها ربات أسر، إضافة إلى تشجيع الإقبال على المنتج الفلسطيني في ضوء المنافسة مع المنتجات الأخرى بخاصة الإسرائيلية.
كورونا تحول المهرجان إلى أسواق صغيرة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هذا العام لم يكن كما توقعه أحد، فالإغلاقات ومنع التجمعات بسبب انتشار فيروس كورونا في المناطق الفلسطينية، غيرت شكل المهرجان بالكامل. فبدل أن تخصص مساحة واسعة لما يقارب 350 مزارع عنب و20 جمعية نسوية لعرض المنتجات الغذائية وغيرها من المشغولات اليدوية كالتطريز والشمع والإكسسوارات، وتقديم كثير من الأنشطة الثقافية كالدبكات والكشافة والزجل والشعر، اقتصر الأمر على مهرجانات تسويقية صغيرة في مختلف المدن، بمشاركة ثمانية مزارعين وأربع جمعيات نسوية، وهذا كان له آثار سيئة اقتصادياً، بسبب تدني القدرة الشرائية للناس مما أدى إلى انخفاض سعر المنتوج المحلي، وتكدس المحاصيل وتلفها لاحقاً، كما أوضحت مديرة زراعة شمال الخليل سحر شعراوي في حديث لـ"اندبندنت عربية".
تقول أبو عياش إنها "بكت بحرقة حين علمت أن المهرجان هذا العام لن يقام، فهي وغيرها يعتمدن عليه بشكل كبير كمصدر للرزق وفرصة للاحتفال وبناء العلاقات، كما أن الظروف الاقتصادية وانخفاض الأجور والأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية أجبرتها على بيع منتجاتها بنصف السعر، ومحاولة إيجاد فرص للتسويق بشكل أكبر".
فرص لدعم السيدات ومنتجاتهن
أوضح نور الدين جرادات، رئيس غرفة تجارة وصناعة وزراعة شمال الخليل، أن الأيام التسويقية التي عملت الغرفة على تنظيمها هذا العام كبديل عن المهرجان لم تكن كافية لتسويق المنتج، لكنها وفرت دعماً ومساندة للمزارعين، وعملت على تشجيع بعض السيدات على تصنيع العنب يدوياً لإنتاج الدبس والمربى والعصائر وتخزين أوراق العنب، وتسويقه في مختلف المناطق.
جهود شبابية لإنقاذ العنب
على الرغم من أن جهوداً كبيرة تبذل لدعم منتج العنب، فإن معظمها تتركز في محافظات الضفة الغربية الجنوبية بسبب كثافة الإنتاج هناك. وهذا ما يدفع المجموعات الشبابية لتنظيم أنشطة لترويج المنتج في المناطق الأخرى، فبالنسبة إلى حازم أبو هلال، وهو أحد المنسقين في ملتقى الشراكة الشبابي، كان التركيز هذا العام على المزارعين في المناطق المهمشة في محاولة لتجنيب المزارعين الخسائر الفادحة بسبب قصر مدة الإنتاج واستخدامه الأكل فحسب. ويتابع أبو هلال أن الملتقى يعمل على مساعدة المزارعين بشكل دائم على ترويج منتجاتهم عبر افتتاح أسواق الفلاحين، بخاصة أيام العطل الأسبوعية، وتنظيم ورشات عمل وأيام تدريبية لهم.