غيب الموت مساء السبت الكاتب والصحافي والناشر السوري رياض نجيب الريس عن 83 عاماً في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حيث كان يتلقى العلاج. أمضى رياض ردحاً طويلاً من حياته في الصحافة اللبنانية والعربية، وكتب في صحف عدة وأنشأ في لندن التي لجأ إليها هرباً من الحرب اللبنانية العام 1977 أول جريدة عربية لندنية هي "المنار"، ولكن لم يكتب لها أن تدوم، على رغم جمعها أقلاماً عربية مهمة. انطلق كصحافي في جريدة "الحياة" لصاحبها كامل مروة ثم انتقل الى "النهار" ملبياً دعوة غسان تويني، وغطى حرب فيتنام وتولى شؤون الخليج العربي، وزار معظم البلدان العربية وعواصم عالمية.
أخذ مهنة الصحافة عن والده الصحافي نجيب الريس صاحب جريدة "القبس" السورية، لكنه نشأ في لبنان وعاش فيه ولم يتركه الا في الستينيات ملتحقاً بجامعة كامبريدج في بريطانيا، ومن هناك راسل مجلة "شعر" لصاحبها الشاعر يوسف الخال. فهو كان عضوا في هيئة تحريرها عندما كان يكتب الشعر. ومعروف انه بدأ شاعراً ونشر ديوانين لم يُعد نشرهما على خلاف كتبه الاخرى، وأعلن أنه توقف عن كتابة الشعر، وأسقط عن نفسه صفة الشاعر بعدما أدرك أنه وجد ليكون صحافيا. وحمل أحد دواينه عنوان "موت الآخرين". لكنه ظل صديقا للشعراء، وخصوصاً رفاقه مثل توفيق الصايغ وجبرا ابراهيم جبرا وأنسي الحاج ومحمد الماغوط وسواهم. وعندما أسس مجلة "الناقد" في لندن العام 1988 بالتعاون مع الشاعر نوري الجراح، أنشأ جائزة شعرية باسم يوسف الخال. أما الدار التي حملت اسمه فانطلقت العام 1986 في لندن ثم انتقلت إلى بيروت. وفي بيروت حوّل مجلة "الناقد" الى "النقاد" لكنها كانت أشبه بمجلة ثقافية فضائحية صفراء.
كان رياض يسمي نفسه "صحافي المسافات الطويلة"، وهو كان صحافياً فعلاً، ووسمت الصحافة شخصيته، لكنه نشر كتباً عديدة بعضها جمع فيها مقالاته وتحقيقاته ونصوص أسفاره الكثيرة ومنها: المفكرة الأندلسية، رياح الجنوب، رياح السموم، صحافي ومدينتان، قبل أن تبهت الألوان، الفترة الحرجة، أرض التنين: رحلة الى فيتنام وسواها.
أصر رياض على ربط اسمه باسم والده نجيب الريس وفاء له واعترافاً دائماً بأبوته، وكان والده اشتهرعربياً بقصيدة له كتبها في سجن الانتداب الفرنسي وفيها يقول: "يا ظلام السجن خيّم/ إننا نهوى الظلاما/ ليس بعد اليوم إلا / فجرُ مجد يتسامى".