أبدت الحكومة الإثيوبية رغبتها في استئناف مفاوضات سد النهضة، داعية أطراف المفاوضات لا سيما مصر والسودان إلى مواصلة الحوار حول القضايا الخلافية العالقة، وأتت الدعوة الإثيوبية للتفاوض بعد توقف دام أسابيع عدة، نتيجة فشل الأطراف في التوصل إلى توافق في ما بينها. وكانت الوساطة الأفريقية فشلت في دمج مسودات مقترحات الدول الثلاث، وفق مسودة اتفاق موحدة لقضايا الخلاف يسهل عبرها الوصول إلى اتفاق.
حلول مرضية
تشير دوائر سياسية إلى أن دواعي الدعوة الإثيوبية لاستئناف الحوار رغبة أديس أبابا الأكيدة في التوصل إلى حلول مرضية لأطراف التفاوض، تجعل من سد النهضة رمز إخاء وتعاون بين الدول الثلاث، والتعويل على التفاوض وسيلة وحيدة لحل القضايا العالقة.
ويرى مراقبون أن ما شهدته الأشهر الماضية من نشاط تفاوضي أمر كاف لتبيان وجهة نظر كل طرف، وتعبر الخطوة الأثيوبية عن جدية في التفاوض وفق احترام متبادل لحقوق كل دولة، وأشار مراقبون إلى أن الأطراف الثلاثة قادرة على تحقيق حد معقول من التوافق حول القضايا العالقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتصف مصادر سياسية قضية سد النهضة بأنها قضية للتفاوض، وليس سوى ذلك، وهو ما تتبناه الحكومة الأثيوبية، ويتفق عليه الطرفان المصري والسوداني، وضمن هذه الحيثية، سبق أن أشار صراحة وزير الري والموارد المائية المصري محمد عبد العاطي في ما يتعلق بمفاوضات بلاده مع أثيوبيا إلى أن "الطرفين يسعيان للوصول إلى حل في ملف سد النهضة"، لافتاً إلى أن "كثرة الحوار بين الجانبين أسهمت في تحديد المشاكل".
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في تصريحات سابقة "واثقون من إمكانية التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة يرضي السودان ومصر وإثيوبيا ويراعي مصالحها".
قضية تنمية
وجددت إثيوبيا على لسان الناطق الرسمي بوزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي رغبتها في استئناف الحوار تماشياً مع طبيعة المرحلة المقبلة، بعد ما قطعه التفاوض من نجاحات فنية متعددة، مضيفاً أن "سد النهضة يمثل قضية تنمية رئيسة لإثيوبيا، وليس قضية أمن قومي، وأكد مفتي رغبة بلاده في استئناف المفاوضات الثلاثية بشأن القضايا موضع الخلاف، مشدداً في الوقت عينه على أن بلاده حريصة على إنجاح المفاوضات مع مصر والسودان تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، ومشيراً إلى أن تعليق المفاوضات بين الدول الثلاث لم يكن بسبب إثيوبيا
معلوم أن قضايا الخلاف حول سد النهضة ما زالت تتركز حول قواعد ملء البحيرة، والجانب القانوني في تشغيل السد، وآلية فض المنازعات المستقبلية، والتخفيف من حدة الجفاف، إلى جانب الطابع الملزم للاتفاق.
جمود واستعداد
كانت أخر جولات التفاوض قد باءت بالفشل من دون التوافق على مسودة الاتفاق المدمجة، التي كانت قد اوصت لجنة الوساطة الأفريقية بتقديمها لرئاسة الاتحاد الأفريقي في 28 أغسطس (آب) الماضي، ليترك الخيار لكل دولة من الدول الثلاث بمخاطبة رئاسة الاتحاد الأفريقي بشكل منفرد، ومن ثم دخلت المفاوضات في جمود.
وكانت وزارة الري السودانية قد ذكرت حينها أن جولة التفاوض انتهت من دون تحديد موعد جديد لاستئنافها، وقالت عبر تصريح لوزيرها البروفيسور ياسر عباس "هناك حاجة لإرادة سياسية من أجل التوصل لاتفاق"، وأشار عباس إلى أن المفاوضات هي الطريق الوحيد للتوصل إلى اتفاق، وأن السودان سيكون مستعداً لاستئناف المفاوضات في أي وقت بعد التواصل مع رئاسة الاتحاد الأفريقي.
رؤى تعاون
تشير مصادر أفريقية إلى أن المهمة الملقاة على عاتق لجنة الوساطة الأفريقية برئاسة الاتحاد الأفريقي وإشراف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، تتطلب ابتكار وسيلة أكثر فاعلية لحمل أطراف التفاوض للخروج من حالات الفشل المتعاقبة إلى مواقف متجاوبة عبر إرادة سياسية فاعلة تعمل الوساطة لخلقها مع حكومات الدول الثلاث، وتلفت المصادر نفسها إلى أن ما ضاع من وقت كان من الأجدى الاستفادة منه في الانتقال إلى وضع أسس تعاون إقليمي بين الدول الثلاث، لكيفية الاستفادة من مشروع سد النهضة كمشروع تعاوني مشترك الفائدة، والتدرج من حالات التفاوض والشكوك إلى آفاق التعاون، ووصفت المبادرة الأثيوبية خطوة في الاتجاه الصحيح، وتنتظر إرادة مشتركة وتجاوباً مماثلاً من دولتي المصب مصر والسودان، وقالت إن كرة التفاوض الآن في ملعبهما، للوصول إلى عزم يقود إلى توافق وحلول شاملة لكل نقاط الخلاف.