لليوم الثالث على التوالي، تستمر المعارك الدامية بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في إقليم ناغورنو قره باغ، في حين طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر مساء الثلاثاء بإجماع أعضائه بـ"وقف فوري للمعارك" المتواصلة في الإقليم المتنازع عليه.
وقال أعضاء المجلس في البيان إنّهم يعبّرون عن "دعمهم لدعوة الأمين العام الجانبين لوقف القتال على الفور، وتهدئة التوتّرات والعودة بدون تأخير إلى مفاوضات بنّاءة"، وفقاً لوكالة فرانس برس.
وصدر البيان الرئاسي في ختام اجتماع طارئ عقده المجلس تلبية لطلب الدول الأوروبية الأعضاء فيه وهي بلجيكا وإستونيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وأضاف البيان أنّ أعضاء المجلس "يدينون بشدّة استخدام القوة، ويأسفون للخسائر في الأرواح والخسائر البشرية في صفوف المدنيين". كما أعرب أعضاء مجلس الأمن "عن قلقهم إزاء التقارير بشأن أعمال عسكرية واسعة النطاق على طول خط التماس" في الإقليم.
وفي نهاية البيان "أعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم الكامل للدور المركزي للرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا) التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وحثّوا الجانبين على العمل الوثيق معهم من أجل استئناف الحوار بصورة عاجلة وبدون شروط مسبقة".
ووفقاً لدبلوماسيين، فإن البيان الذي أقرّه المجلس بعد اجتماع استمر زهاء ساعة اقترحه الرؤساء المشاركون الثلاثة لمجموعة مينسك، ممّا سهّل اعتماده.
تصعيد أمني
وفي تصعيد أمني لافت، أكدت وزارة الدفاع الأرمينية الثلاثاء، أن طائرة تركية من طراز "إف-16" أسقطت إحدى طائراتها من طراز "سوخوي 25" ما أدى إلى مقتل قائدها، غير أن وزارة الدفاع في أذربيجان نفت إسقاط طائرة حربية أرمينية.
وقال طرفا النزاع إنهما نشرا مدفعيةً ثقيلةً الثلاثاء، وإن كلاً منهما كبّد الجانب الآخر خسائر فادحة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية أن "القوات الأرمينية تصدّت لهجمات أذربيجانية في مختلف قطاعات الخطوط الأمامية وتكبّد العدو خسائر فادحة في الأرواح". وأضافت أن الجيش الأذربيجاني تكبّد خسائر كبيرة منذ اشتعال المواجهات، مع إسقاط نحو 50 طائرة من دون طيار وأربع مروحيات وتدمير 80 دبابة.
وكتب المتحدث باسم الوزارة، أرتسرون هوفانيسيان، على فيسبوك، أن "الجانب الأذربيجاني شنّ قصفاً مدفعياً كثيفاً على مواقع أرمينية، استعداداً لهجوم جديد".
وزارة الخارجية في أرمينيا قالت بدورها إن مدنياً قُتل الثلاثاء في بلدة واردنيس، بعدما قصفت مدفعية أذربيجان وطائرة مسيرة البلدة، وذلك في أول إعلان عن سقوط قتلى على أراضي أرمينيا منذ نشوب القتال.
المعارك ليلاً
في المقابل، قالت وزارة الدفاع بأذربيجان، في بيان، إن المعارك استمرت خلال الليل، موضحةً أن القوات الأرمينية "حاولت استعادة المناطق التي خسرتها من خلال شن هجمات مضادة باتجاه مناطق فضولي وجبرائيل وآغدام وترتر".
وتابعت الوزارة أن اشتباكاً دار في ساعات مبكرة الثلاثاء حول مدينة فضولي، وأن قواتها "دمّرت أربع دبابات للعدو وآليةً مدرعة وقتلت عشرة جنود".
وأضافت أن الجيش الأرميني قصف منطقة داشكسن على الحدود بين البلدين، على بعد أميال من ناغورونو قره باغ، لكن أرمينيا نفت الأمر.
ارتفاع القتلى
ووفق آخر حصيلة أعلن عنها طرفا النزاع، بلغ عدد القتلى الإجمالي 98، بينهم 14 مدنياً، 10 في أذربيجان وفق ما نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية الثلاثاء عن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، وأربعة في الجانب الأرمني.
ومنذ اندلاع المعارك، الأحد، لم تعلن باكو عن حصيلة قتلاها العسكريين، لكن القوات الأرمينية بثت تسجيلات من ميدان المعارك تظهر ما قالوا إنها جثث جنود أذربيجانيين.
وقالت سلطات قره باغ إنها خسرت 53 من قواتها الاثنين، و31 الأحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دعوات لوقف إطلاق النار
ودعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الثلاثاء، طرفي النزاع في ناغورنو قره باغ إلى "وقف أعمال العنف" والعودة إلى المفاوضات "بأسرع وقت".
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، الثلاثاء، إن المستشارة أنغيلا ميركل دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار وخفض التصعيد في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، وذلك في اتصالين هاتفيين مع زعيمي البلدين.
ومنذ الأحد، تخوض القوات الأرمينية، المدعومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من يريفان، والقوات الأذربيجانية المدعومة من أنقرة، معارك دموية هي الأعنف في المنطقة منذ عام 2016.
وتطالب أذربيجان، البلد الناطق بأحد فروع اللغة التركية، وذو الغالبية الشيعية، باستعادة السيطرة على ناغورنو قره باغ، الإقليم الجبلي ذي الغالبية الأرمينية، والذي لم يعترف المجتمع الدولي، ولا حتى أرمينيا، بانفصاله عن باكو عام 1991.
وأثارت الاشتباكات الأخيرة القلق من استقرار منطقة جنوب القوقاز، حيث تمرّ خطوط أنابيب تحمل النفط والغاز للأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن شركة "سوكار" النفطية الحكومية في أذربيجان، قولها الثلاثاء إن الجيش يحمي منشآتها النفطية.
ومع استمرار القتال، سجّلت السندات السيادية لأرمينيا وأذربيجان المقوّمة بالدولار المزيد من التراجع اليوم الثلاثاء.
دعم تركي "مباشر" لأذربيجان
بينما توالت الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، عزز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المخاوف من تصعيد إضافي بخطاب عالي النبرة دعم فيه باكو، قائلاً إن "الوقت قد حان لإنهاء الأزمة في إقليم ناغورنو قرة باغ".
واتهمت أرمينيا تركيا، الاثنين، بتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان. وقالت وزارة الخارجية الأرمينية، في بيان، إن أنقرة لها "وجود مباشر على الأرض"، مضيفةً أن خبراء عسكريين منها "يقاتلون جنباً إلى جنب" مع باكو، التي قالت يريفان إنها تستخدم أيضاً أسلحة تركية من بينها طائرات مسيرة وحربية، لكن أذربيجان نفت هذه الاتهامات، بينما لم تصدر تركيا تعليقاً على الأمر.
كما اتهم سفير أرمينيا لدى روسيا تركيا بنقل نحو أربعة آلاف مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان للمشاركة في القتال بقره باغ، وفق ما نقلت عنه وكالة "إنترفاكس" الروسية، لكن أذربيجان نفت الأمر.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مقاتلين منتمين لجماعات سورية معارضة مدعومة من تركيا، تأكيدهما أن الأخيرة ترسل مقاتلين سوريين لدعم أذربيجان مقابل مبالغ مالية.