قتل الجيش الإسرائيلي أربعة فلسطينيين، أحدهم طفل، وجرح نحو 112 شخصاً، منهم 26 طفلاً، و8 سيدات، خلال إحياء الفلسطينيين فعاليات مليونية الأرض والعودة، التي دعت إليها الفصائل الفلسطينية. وقد واجه الجيش الإسرائيلي المشاركين في المسيرة بإطلاق النار والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
ومن الإصابات التي سجّلت، إصابة أكثر من 3 صحافيين بقنابل غاز في القدم، واستهداف الجيش الإسرائيلي سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني. ما أدى إلى إصابة عدد من المسعفين بالاختناق، على الرغم من ارتدائهم الشارات الدولية.
كذلك نقلت مصادر طبية أنباء تتحدث عن إصابة 5 مواطنين بالرأس جراء إطلاق قنابل الغاز باتجاههم، وصفت حالتهم الصحية بالحرجة. وسجلت إصابة ضابط كبير في الأمن الداخلي الفلسطيني بقدمه. وتحدّث الإعلام الإسرائيلي عن إصابة نحو 10 أشخاص تمكنوا من قطع السلك، محاولين التسلّل في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.
ورصدت "اندبندنت عربية" تحركات مكثّفة لقوات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزّة، وانتشار كبير للقناصة بالقرب من السياج الفاصل، ووجود عدد من الآليات العسكرية والمدرعات الحربية بالقرب من مخيمات العودة الخمسة التي أقامتها هيئة المسيرة على طول الحدود مع غزّة.
اختبار قوي
قال إسماعيل رضوان، القيادي في حركة "حماس" وعضو هيئة مسيرة العودة وكسر الحصار، إنّ الجيش الإسرائيلي أمام اختبارٍ في طريقة تعامله مع المتظاهرين، وإنّ "وقوع شهداء في صفوف المليونية سيقود المنطقة إلى تصعيد كبير".
أضاف أنّ الأيام المقبلة ستحمل في طياتها كثيراً من الخير للفلسطينيين في قطاع غزّة والضفة الغربية، على صعيد التخفيف من ويلات الظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون.
في المقابل، قال محلّلون عسكريون للإعلام الإسرائيلي إنّ التظاهرات ستحدد مسار التعامل مع غزّة في الفترة المقبلة، والتزام عدم التصعيد والامتناع عن استخدام أدوات مسيرات العودة قد يؤديان إلى تخفيف الحصار عن القطاع.
أدوات المسيرة
تقدّم عدد من المشاركين في المسيرة باتجاه السياج الحدودي مع إسرائيل، وأشعلوا عدداً من الإطارات المطاطية، في محاولة لحجب الرؤية عن القناصة الإسرائيليين الذين يطلقون النار باتجاه المتظاهرين. كما تمكن الشبان من رفع العلم الفلسطيني على السياج الحدودي، وإطلاق عدد من البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات غلاف غزّة، في حين أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى انفجار عدد منها.
وكانت القيادة العليا لهيئة المسيرة دعت إلى عدم استخدام الأدوات الخشنة في التظاهرات، والاكتفاء بإحياء فعاليات تراثية وثقافية احتفالاً بالذكرى 43 ليوم الأرض الفلسطيني، الذي يتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرة العودة على الحدود مع إسرائيل.
في المقابل، حذّرت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وعدد آخر من الفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي من أيّ اعتداءٍ يستهدف المشاركين في المسيرة. وتوعّد أبو حمزة، الناطق باسم سرايا القدس الجناح العسكري لـ "الجهاد الإسلامي"، الإسرائيليين بالرد القوي في حال وقوع قتلى بين صفوف المشاركين في المسيرة.
ضبط الميدان
يقدر عدد المشاركين في المسيرة بنحو 100 ألف، حملوا الأعلام الفلسطينية ولافتات كتبت عليها أسماء المدن والقرى التي هجّروا منها في العام 1948. وطالب المشاركون بأحقية رفع الحصار عن قطاع غزّة. وقد عمّ الأراضي الفلسطينية إضراب شامل لجميع مناحي الحياة.
ولضمان سلمية المسيرة، وعدم الاقتراب من السياج، نشرت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة للحكومة الموازية في غزّة، أكثر من 8 آلاف عنصر أمني بالقطاع، في إطار مساندة المشاركين.
وعلمت "اندبندنت عربية" أنّ هيئة مسيرة العودة أصدرت تعليماتها لعناصرها بمنع اقتراب المتظاهرين من السياج الحدودي، وذلك في إطار سعيها إلى الحفاظ على الدم الفلسطيني، وعدم تصاعد الأوضاع وإعطاء الوفد المصري فرصة لبدء تنفيذ التفاهمات مع الجانب الإسرائيلي.
وفي أثناء إطلاق الجيش النار باتجاه المشاركين في المسيرة، زار الوفدان الأممي والأمني المصري مخيمات مسيرة العودة، واطّلعا على سير التظاهرات الحدودية وتعامل الجيش الإسرائيلي مع المتظاهرين الفلسطينيين.
إضراب في الضفة
في جانب آخر، خرجت تظاهرات عدّة في الضفة الغربية شارك فيها عدد من الشبان، وسط إضرابٍ شامل في مختلف المدن. لكن الجيش الإسرائيلي واجه المشاركين بالقوّة، مستخدماً المياه العادمة والغاز المسيل للدموع، واعتدى على الطواقم الطبية الموجودة في المكان.
مقتل شاب فلسطيني
وكان قد قتل، صباح السبت، شاب فلسطيني بنيران القوات الإسرائيلية خلال تظاهرة عند الحدود بين القطاع وإسرائيل، وفق ما أفاد بيان صادر عن وزارة الصحة في القطاع.
وجاء في البيان أن محمد جهاد سعد (20 عاماً) قتل جراء "إصابته بشظايا في الرأس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق غزة". وقال شاهد عيان لوكالة "فرانس برس" إن سعد كان يتكئ على عكازين إثر إصابته برصاص الجيش في وقت سابق، واقترب حوالي 200 متر من الحدود عندما أطلق الجنود النار عليه وأصابوه.
وذكر شهود أن حوالي 30 شاباً تجمعوا في وقت مبكر من صباح السبت قرب السياج الفاصل شرق مدينة غزة.
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على حادثة.
وكان مسؤولون طبيون في القطاع قالوا إن القوات الإسرائيلية أصابت عشرة فلسطينيين بالرصاص على حدود القطاع، الجمعة، عشية مسيرة ضخمة في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق "مسيرات العودة الكبرى"، التي يتوقع أن يشارك فيها عشرات آلاف الفلسطينيين في نقاط مختلفة على طول السياج الإسرائيلي الفاصل مع قطاع غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار" دعت في بيان إلى "المشاركة في الفعاليات السلمية لمليونية الأرض والعودة" التي ستنطلق السبت من مختلف مناطق القطاع. كما دعت الهيئة إلى إضراب شامل.
ويتزامن ذلك مع "يوم الأرض" الذي يتم إحياؤه سنوياً في 30 مارس (آذار) في ذكرى مقتل ستة عرب إسرائيليين على أيدي القوات الإسرائيلية خلال تظاهرات خرجت في العام 1976 احتجاجاً على مصادرة أراض فلسطينية.
ودعا رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية إلى المشاركة في "مليونية العودة"، في حين شددت الأمم المتحدة على ضرورة تجنب إراقة الدماء.
وتتزامن هذه الاحتجاجات مع إعلان مسؤولين من الفصائل الفلسطينية التوصل إلى تفاهمات جديدة مع إسرائيل عبر الوساطة المصرية للمحافظة على الهدوء على السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
وفيما ساد الهدوء قطاع غزة صباح الجمعة، نشرت إسرائيل تعزيزات عسكرية على الجانب الآخر من الحدود.