في خطوة جريئة، وافق مجلس الشورى السعودي رسمياً على إضافة عقوبة التشهير بأسماء المتحرشين في السعودية بضوابط الحكم القضائي القطعي ليكون رادعاً ضمن مجموعة العقوبات التي تقع على المتحرش، وتعدّ هذه الخطوة هي الأولى بين الدول العربية بالدفع إلى التشهير بالمتحرشين.
فبعد الحركة العالمية التي حملت عنوان "أنا أيضاً" والتي دعت فيها النساء إلى الإعلان الصريح عن حوادث التحرش التي تعرضن لها في حياتهن، امتدت الحالة أخيراً إلى المجتمعات العربية وشاركت فيها ممثلات ومغنيات من الوسط الفني من دون سند نظامي، ما أوقعهن في مشكلات قانونية.
تعديل على الرغم من الاعتراض
وكان مجلس الشورى قد رفض إضافة عقوبة التشهير، بعد إسقاطها في مناقشتين سابقتين، كان آخرها في شهر مارس (آذار) الماضي، إلا أن التغيير الأخير جاء من السلطة التنفيذية لتعدل النظام بحسب المرسوم الملكي، الذي تحدد استخدامه جسامة الجريمة وتأثيرها في المجتمع.
إلا أنه عاد في المحاولة الثالثة، لتعلن الهيئة العامة لمجلس الشورى أن الغالبية صوّتت في الجلسة على تعديل المادة السادسة التي تنص على معاقبة كل من ارتكب جريمة تحرش بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على مئة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، بإضافة عقوبة التشهير من "دون إخلال بأي عقوبة أخرى تقررها أحكام الشريعة الإسلامية أو أي عقوبة أشد ينص عليها أي نظام آخر".
وافق #مجلس_الشورى على إضافة عقوبة التشهير إلى العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة جريمة التحرش ، الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم (م/ 96) والتاريخ 16/ 9/ 1439هـ، وذلك بحسب جسامة الجريمة وتأثيرها على المجتمع. pic.twitter.com/kNLtGZcuHk
— مجلس الشورى (@ShuraCouncil_SA) September 30, 2020
وعلى الرغم من اعتراض بعض أعضاء المجلس، كان أبرزهم علي عسيري الذي شارك رأيه على "تويتر" قائلاً، "طلب الشاب لرقم البنت أو سنابها ليس جريمة كبيرة تستحق التشهير"، يرى عدد من أعضاء المجلس أن "التشهير عقوبة متعدية، ضررها يمتد إلى الأسرة ومحيط المتحرش"، بينما يعتبرها آخرون "طريقة رادعة ومؤدّبة، فالبعض يخاف أن تمسّ سمعته، ولا يردع إلا بالتشهير"، خصوصاً أن العقوبة معمول بها في القضايا التجارية والمالية، في حال اكتسبت الصفة القطعية.
خمس سنوات
وشددت العقوبات على أن تكون عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على 300 ألف ريال (80 ألف دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال العودة إلى الجريمة أو في حالة اقتران الجريمة بأن يكون المجني عليه طفلاً، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو أن للجاني سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه، وكذلك في حال وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، أو كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، وإن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك، إضافة إلى وقوع الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
الفقرة الجديدة
ونصت الفقرة الجديدة التي وافق عليها المجلس على أنه يجوز تضمين الحكم الصادر بتوقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة السادسة، على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب جسامة الجريمة وتأثيرها في المجتمع، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة النهائية.
وتبدو الجريمة أكثر كلفة بعد التعديل، إذ من الممكن أن تلاحق وصمة العار المتحرش في السعودية مدى الحياة، وذلك بعد إعلان اسمه كاملاً في وسائل الإعلام، إذ رأى مجلس الشورى السعودي أن خمسة أعوام سجن وغرامة 300 ألف ريال (80 ألف دولار)، لم تكن كافية كعقوبة للمتحرش.
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة التي باءت بالفشل في منع إضافة التشهير ضمن العقوبات، باعتبارها عقوبة قد تنهي الحياة الاجتماعية للمتحرش حتى لو ارتدع، إلا أن مجلس الشورى رأى أن هذه العقوبة قد تحدّ من التحرش بشكل كبير.
قرارات ذات صلة
وللحدّ من جرائم التحرش والحيلولة دون وقوعها، أصدر مجلس الوزراء عام 2018 نظاماً تحت مظلة حماية حقوق الإنسان وصيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية.
وذكر المتحدث الرسمي باسم هيئة حقوق الإنسان محمد المعدي أن النظام ركز على إدانة مرتكبي الجريمة وحماية الضحايا، وهو ما يمنع تشجيع المتحرشين على ارتكاب المزيد من الجرائم، مستفيدين من خوف وصمت الضحايا، بما يحقق الموازنة بين حق المجني عليه في إنصافه، والحق في حماية الغير من الشكاوى الكيدية، التي تطبق بحقها العقوبات الخاصة ذاتها بممارسة سلوك التحرش.
وقال المعدي "إن المشروع المؤلف من ثماني مواد يهدف إلى مكافحة جريمة التحرش وتطبيق العقوبة على مرتكبيها، وحماية المجني عليه، وصيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة".