يواجه قصار القامة مشكلة كبيرة في الحصول على الملابس المناسبة لهم، فقياساتهم لا تتوافر في متاجر الملابس، وإن وجدت فلا تكون بالشكل المرضي الذي يحقق التوازن بين الراحة والطابع العصري الذي يتماشى مع خطوط الموضة، وهذا ما دفع شابة مصرية من قصار القامة إلى العمل على مشروع لتصميم وإنتاج ملابس خاصة بهذه الفئة، في خطوة هي الأولى من نوعها في مصر، لتحقق المعادلة الصعبة، وتساعد قطاعاً من المجتمع في توفير إحدى حاجاته بسهولة.
وعن بدايات الفكرة وخطوات تنفيذها، تقول نسمة يحيى لـ "اندبندنت عربية"، "بصفتي من قصار القامة فقد عانيت كثيراً من عدم توفر حاجاتي من الملابس بسهولة في محال ملابس الأطفال أو الكبار وكان الحصول عليها مسألة صعبة، وهي إن وجدت لا تناسب حاجات الشخص قصير القامة وذوقه".
وتضيف، "كحل لمشكلتي، بدأت برسم تصميمات أرغب في تنفيذها، ثم باللجوء إلى شخص يقوم بتفصيلها لتناسب قياساتي الخاصة باعتباري من قصار القامة الذين يتراوح طولهم بين 70 و130 سنتيمتراً. لدي هواية تصميم الأزياء، وقمت بتطويرها وتنميتها على مدى سنوات، ما مكنني من التنفيذ بسهولة".
الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط
لا تهتم مصانع ودور الأزياء عادة بهذه الفئة، على اعتبار أنها ربما لن تحقق لها أرباحاً كبيرة. وعن هذا الأمر تقول نسمة، "بعدما قمت بحل مشكلتي في الحصول على الملابس المناسبة، فكرت باستغلال موهبتي لمساعدة من هم مثلي من قصار القامة ويواجهون المشكلة نفسها، فمنذ عام تقريباً بدأت أخطط لإطلاق خط أزياء يختص بملابس قصار القامة، ويوفر لهم حاجاتهم من الملابس بشكل يرضيهم ويحقق لهم الثقة بالنفس. أجريت ما يشبه استطلاع الرأي لمجموعة من معارفي من قصار القامة، وأظهروا حماسة كبيرة للفكرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف، "بالفعل بدأت في التنفيذ لتكون هذه التجربة الأولى في مصر، ولم أكتف بتصنيع الملابس، وإنما قررت أن أكون أول عارضة أزياء من قصار القامة من خلال عرضي للمجموعة، ليراها الناس في شكلها النهائي".
مراحل التنفيذ
حتى تصل قطعة الملابس إلى شكلها النهائي، تمر بمراحل عدة وخطوات متتالية من التصميم والتنفيذ. وعن هذه العملية، توضح نسمة أن "المرحلة الأولى هي التصميم، وهي بالطبع الأصعب، يليها اختيار نوعية الأقمشة وتنسيق الألوان، ثم البدء في التنفيذ. أستوحي التصميم أحياناً من شكل الجسم حتى يظهر من يرتديه في أفضل صورة، فالأهم أن يتماشى التصميم مع أبعاد الجسد، لا أن يكون على الموضة ويظهر بشكل غير متناسق عند ارتدائه، وبشكل عام أميل إلى الألوان الهادئة، والاعتماد على البساطة".
وتضيف، "أراعي بعض المسائل في الملابس التي أصممها، ومنها الابتعاد عن النقوش والقصات التي تجعل الشخص يبدو أقصر مثلاً، وأفضل الأقمشة الانسيابية على الجسم، وأن يتيح التصميم سهولة الحركة"، مشيرة إلى أن تصميماتها "تنوعت لتلائم كل الرغبات، فقدمت ملابس كاجوال وكلاسيك، وحتى فساتين زفاف".
مقاييس الجمال
كثير من المجتمعات تضع مقاييس للجمال تعتبرها النموذج الأوحد والمثالي للجمال، ولا تتقبل التنوع والاختلاف، ما قد يسبب مشكلة وحالاً من عدم الثقة بالنفس لدى من لا ينتمون إلى مثل هذا النموذج. وتكشف نسمة أن "لدينا مشكلة نعاني منها بدرجة كبيرة في العالم العربي، فالغالبية العظمى لا تقبل الاختلاف وتضع مقاييس معينة للجمال، ومن يختلف عنها يكون أقل جمالاً، وهذا بالطبع غير صحيح".
وتضيف، "كل شخص له جماله، والجمال الداخلي ينعكس على الشخص من الخارج، ولا بد من تقبل الاختلاف في كل شيء، والابتعاد عن النموذج الأوحد وتقبل الآخر، فمن هو مختلف عن السائد لا يعاني من ذلك وحسب، إنما يواجه مشكلات أكبر، منها التعرض للتنمر في بعض الأحيان".
أمنيات ومشاريع مستقبلية
أنجزت نسمة الخطوة الأولى في مشروعها المتفرد، ولاقت نجاحاً واحتفاء من قصار القامة وغيرهم، لكن ما هي الخطوة المقبلة؟
تقول، "أتمنى أن يحقق مشروعي نجاحاً ليس داخل مصر فقط، بل في كل أنحاء العالم. فهذه المشكلة يعاني منها قصار القامة في كل مكان، وأتمنى أن يتم تنظيم عرض أزياء لملابس قصار القامة في خطوة غير مسبوقة، وأن يتعاون في هذا الأمر كبار مصممي الأزياء في العالم العربي، الذين أتمنى أن يدعموا حاجات هذه الفئة من الأزياء، بخاصة أن المشروع يلقى الضوء على مشكلاتها، فهي بالطبع لا تنحصر في الحصول على الملابس المناسبة وحسب، وإنما تواجه عدة معوقات في التعامل مع المجتمع، مثل عدم التقبل والتنمر، وغياب تسهيلات تتناسب مع وضعهم في المواصلات العامة والمصالح الحكومية، وما إلى ذلك من أمور حياتية. أرجو أن يكون هناك اهتمام بكل من لديه ظروف خاصة، وليس قصار القامة وحسب".