صُدم الأميركيون، اليوم الجمعة، بخبر إصابة الرئيس دونالد ترمب بفيروس كورونا، وسط شكوك حول قدرته على أداء مهامه، في ظل تفشي الوباء، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يفصلنا عنها 32 يوماً فقط.
متى يعود نشاط الرئيس؟
تُثار التساؤلات حول مصير الحملة الانتخابية، التي لطالما واجهت انتقادات بأنها تنشر الوباء، وتعرض حياة الناس إلى الخطر، نظراً إلى التجمعات التي يحييها المرشح الجمهوري بحضور المئات والآلاف من أنصاره. وبعد إصابة الرئيس فإن المعمول به هو إلزامه كغيره الحجر الصحي الموصى به من مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ولذلك أُلغي تجمع انتخابي كان من المقرر إقامته في فلوريدا، مساء الجمعة.
وستكون لفترة التعافي المتراوحة من مريض إلى آخر الكلمة الفصل في تحديد موعد عودة الرئيس الأميركي لممارسة أعماله بشكل طبيعي. على أساس ذلك، يبدو تأجيل المناظرة الرئاسية المقبلة التي من المفترض إقامتها بعد أقل من 13 يوماً منطقياً، فوفقاً لدراسات المرض وتجارب الأطباء، فإن بعض المرضى يشفون سريعاً مع بقاء مشكلات صحية مزمنة أو إمكانية نقل العدوى، وآخرون يحتاجون إلى وقت أكبر، كما أن كبر السن يزيد من خطر التعرض لمضاعفات الفيروس.
البيت الأبيض من جانبه أكد أن الرئيس الأميركي، 74 عاماً، يعاني "أعراضاً خفيفة"، ويخضع هو وزوجته ميلانيا للحجر المنزلي لحين زوال الأعراض، في حين أظهرت الفحوص عدم إصابة كل من إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر، وابن السيدة الأولى بارون.
دائرة المخالطين والأحداث واسعة
لكن، الخوف الحقيقي يتمثل في أن ترمب حظي بأسبوع حافل، وبمقدار فرحة ضيوفه للقاء شخصية مهمة يبدو أنهم يعيشون في وضع مقلق، فحسب البيت الأبيض، يجري التحقق من حالات العشرات الذين التقاهم الرئيس خلال الأيام الماضية، وهذه إطلالة مقتضبة على جدوله الأسبوع الماضي:
التقى ترمب، السبت، مرشحته للمحكمة العليا القاضية إيمي كوني باريت في المكتب البيضاوي، وأعضاء مجلس الشيوخ وكبار المسؤولين الإداريين، وتُظهر الصور عدم ارتدائهم الكمامات. وفي اليوم نفسه، حضر الرئيس الأميركي تجمعاً في بنسلفانيا بعنوان "عودة أميركا العظيمة"، ومرة أخرى بدا القناع غائباً لدى أنصاره الواقفين كتفاً بكتف.
والأحد عقد ترمب مؤتمراً صحافياً. وفي اليوم الذي تلاه، أطل من الحديقة الجنوبية في البيت الأبيض أمام أول شاحنة كهربائية مصنعة في أوهايو، في حدث اعتبره مراقبون أنه لكسب أصوات العمال، أصحاب الياقات الزرقاء، الذين فقد كثير منهم وظائفهم بسبب الوباء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما يوم الاثنين فظهر ترمب في صورة مع نائبه مايك بنس، لكن لحسن الحظ أن الأخير لم يصب، حسب المعلومات الواردة. وهذا الأمر يدعم الفرضية المتداولة بأن ترمب وزوجته التقطا الفيروس لاحقاً عبر المستشارة هوب هيكس، التي رافقتهما في مناظرة الثلاثاء، حين جابه المرشح الجمهوري خصمه في مدينة كليفلاند، وشارك الرئيس يوم الأربعاء في تجمع انتخابي آخر في مينيسوتا.
واستقل سيد البيت الأبيض، الخميس، طائرة مارين ون بعد حملة لجمع التبرعات في "نادي ترمب الوطني للغولف" في نيوجرسي، وفي المساء تأكدت إصابة هوب هيكس، التي خالطها الرئيس والسيدة الأولى، وفي ساعة مبكرة من الجمعة، كشف ترمب في تغريدة حصدت أكثر من مليون إعجاب، عن إصابته وزوجته بالفيروس، وأنهما يخضعان للعزل المنزلي.
ترمب أفلت من بايدن فاقتنصه كورونا
لكن، يوجد حدث جدلي رغم أنه أُشبع تحليلاً من زواياه السياسية، فإنه لم يأخذ حقه على صعيد مراقبة التزام الإرشادات الوقائية، وهو المناظرة الرئاسية في أوهايو التي ما زالت تجذب الجدل. سخرية ترمب من نظيره لارتدائه الكمامة بشكل روتيني، ومن ثم إخراج الرئيس الأميركي كمامة من جيبه، يظهران أنه لا يعارض الأقنعة، لكنه لا يعدها صديقاً حميماً في الوقت ذاته. هذا الموقف المحير يشعل تساؤلات منها، هل التزم الحاضرون الإرشادات الوقائية في كواليس المناظرة وأثناء ركوبهم الطائرة الرئاسية؟
يجيب عن هذه التساؤلات حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي الذي أكد أنه "لم يرتدِ أي شخص الكمامة أثناء مساعدة الرئيس استعداداً للمناظرة الرئاسية"، مؤكداً في مقابلة على قناة "آي بي سي"، أنه "كان يخضع للاختبار كل يوم يذهب فيه إلى البيت الأبيض".
في مناظرة الثلاثاء، أطل بعض أفراد عائلة ترمب ومساعدوه بالكمامات، لكنهم سرعان ما بادروا بخلعها عند جلوسهم في المقاعد المحدودة. وكانت هيكس على تواصل مع كثير من مساعدي البيت الأبيض، بمن فيهم إيفانكا ترمب، التي كانت حاضرة في المناظرة.
مخاوف احتمال نقل الفيروس في المناظرة تسللت إلى أوساط جو بايدن، الذي سارع إلى إجراء فحص، جاءت نتيجته سلبية. كما لفتت حملة بايدن إلى أن المرشحة لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس اختُبرت، الخميس، كجزء من الفحوص الروتينة للحملة، وكانت النتيجة أيضاً سلبية.
ومن جانبه، تمنى المرشح الديمقراطي لمنافسه الشفاء العاجل، وقال "نتمنى أنا وجيل (زوجته) الشفاء العاجل للرئيس ترمب والسيدة الأولى ميلانيا ترمب. سنواصل الصلاة من أجل صحة وسلامة الرئيس وعائلته".
الإدارة الأميركية تحت الفحص
في ظل الاستنفار الحالي، والشكوك حول قدرة الرئيس وإدارته على القيام بواجباتها، قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، لوكالة "رويترز"، إن الرئيس الأميركي ونائبه "سيعملان من مقرين منفصلين، كما سيعمل طاقما عملهما بمعزل عن بعضهما بعضاً، زيادة في الحرص". وأكد المسؤول أن ترمب "ليس عاجزاً" عن أداء مهامه.
وكشف ديفين أومالي، المتحدث باسم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، في تغريدة على تويتر، "هذا الصباح، جاءت نتائج فحص نائب الرئيس بنس وزوجته سلبية. نائب الرئيس بنس في صحة جيدة، ويتمنى لعائلة ترمب الشفاء".
وفي سياق متصل، أفادت المتحدثة باسم وزير الخزانة ستيفن منوتشين، بأنه خضع لاختبار كورونا الجمعة، وجاءت النتيجة سلبية كذلك، كما ثبت عدم إصابة وزير الخارجية مايك بومبيو.
ويُجري ترمب فحوص الكشف عن الفيروس بانتظام، كما يُختبر الأشخاص الذين يعملون في البيت الأبيض يومياً، بمن فيهم الصحافيون والأشخاص الذين من المقرر أن يجتمع بهم الرئيس، كما يرتدي الموظفون المقربون منه الأقنعة الواقية عند السفر على متن الطائرة الرئاسية، وهو البروتوكول الذي اتبعته هيكس هذا الأسبوع.
ومن أبرز مسؤولي الإدارة الحالية الذين أصيبوا بالمرض مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين في يوليو (تموز) الماضي. وتأتي إصابة هيكس التي يُعتقد أنها نقلت الفيروس إلى الرئيس وزوجته لتجسد التحديات التي يواجهها مسؤولو البيت الأبيض، ما بين كفاحهم لتجنب تعريض أنفسهم إلى خطر الوباء وتأييد رغبات الرئيس الأميركي بإعادة فتح الاقتصاد.
وعلى رغم تفشي الجائحة، لم يتوقف ترمب عن إقامة التجمعات، ولا يبدي اكتراثاً بالغاً بارتداء الكمامة، عدا في مناسبات نادرة منها زيارته أخاه روبيرت في المستشفى أغسطس (آب) الماضي، وجولته في مصنع بولاية ميشيغان. لكنه مع ذلك، كان حريصاً في فترة مبكرة على تناول دواء هيدروكسي كلوروكين لأغراض وقائية.