لا تزال قضية تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني تتفاعل على الصعيد الدولي، لا سيما في ظل إصرار ألماني على تكبيد موسكو ثمن الحادثة بعقوبات أوروبية جديدة، كي لا تمر سياسة الكرملين بإسكات المعارضين مرور الكرام.
وبعدما اتهم نافالني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مباشرةً بما تعرض له، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب القضية.
وفي حديث لموقع "تي-أونلاين" الإخباري، قال ماس السبت في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، "أنا مقتنع بأنه لن يكون هناك سبيل آخر لتجنب العقوبات". وأضاف، "يجب أن تكون العقوبات دائماً محددة ومتناسبة. لكن مثل هذا الانتهاك الصارخ للمعاهدة الدولية لمنع انتشار الأسلحة الكيماوية لا يمكن تركه من دون حساب. وفي هذا الشأن نحن متحدون في أوروبا".
رفض ألماني
جاء تصريح ماس في وقت قالت وزارة الخارجية الروسية، اليوم السبت، إن السفارة الروسية في برلين تلقت رفضاً من الخارجية الألمانية، رداً على طلب تواصل مع نافالني.
وقالت الخارجية الروسية في بيان حثت فيه من يثيرون "حملةً لشيطنة روسيا"، على الكف عن ذلك.
في المقابل، أشارت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية إلى تصريحات سابقة أدلت بها متحدثة باسم الوزارة، قائلةً إن برلين أحالت طلب روسيا بالسماح بزيارة قنصلية لنافالني، وإنها أبلغت السفارة الروسية بهذه الخطوة في 23 سبتمبر (أيلول).
ولكنها قالت إن هذا الأمر يعود لنافالني نفسه في ما إذا كان يريد أن يزوره مسؤولون روس أم لا.
رواية التسميم
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعود قضية زعيم المعارضة الروسية إلى 20 أغسطس (آب) الماضي، حين نُقل إلى مستشفى في أومسك في سيبيريا، بعدما فقد وعيه على متن طائرة أثناء عودته إلى موسكو. وعلى الرغم من نفي الأطباء الروس وجود أي أدلة على تعرضه للتسمم، وقولهم إن تشخيصهم الأولي أظهر تعرضه لـ"اضطراب في عملية الأيض" ناجم عن هبوط مفاجئ في مستويات السكر في دمه، أصرت عائلته ومحاموه ومؤيدوه على نقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج.
وتحت الضغط، اضطرت موسكو إلى قبول طلب نقله إلى برلين، حيث تلقى العلاج في مستشفى "شاريتيه". وقال الأطباء الألمان إنه تعرض للتسميم بغاز الأعصاب "نوفيتشوك"، المصنف سلاحاً كيماوياً محظوراً استخدامه، الأمر الذي أكدته تحاليل ثلاثة مختبرات أوروبية.
وبعد أسابيع من دخوله في غيبوبة مستحثة طبياً، استفاق نافالني في السابع من سبتمبر الماضي، وأخذت حاله في التحسن.
اتهام بوتين
في حديث إلى مجلة "دير شبيغل" الألمانية، في الأول من أكتوبر، قال المعارض الروسي، "أقول إن بوتين يقف وراء الجريمة، وليس لدي أي روايات أخرى لما حدث". وأكد أنه سيعود إلى روسيا، وأنه لا يشعر بالخوف.
في المقابل، اتهم الكرملين نافالني بالعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، والإدلاء بتصريحات "لا أساس لها وغير مقبولة".
وفيما طالبت دول عدة، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، روسيا بتقديم تفسير لما جرى لنافالني وبالكشف عن الحقيقة ومحاسبة المتورطين، واصلت موسكو التأكيد على أنها لم تشهد أي أدلة ملموسة على تعرض الرجل للتسميم، نافيةً الضلوع في أي هجوم عليه.
التوتر الألماني- الروسي
وأثارت قضية نافالني توتراً ألمانياً - روسياً بشكل خاص، لا سيما بعدما طال الحديث مستقبل مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بين برلين وموسكو، إذ طالب عدد متزايد من الساسة بسحب دعم المشروع، ما لم تساعد روسيا في توضيح ملابسات تسميم نافالني.
ولم تستبعد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فرض عقوبات على خط الأنابيب، إذا فشلت روسيا في إجراء تحقيق شامل في شأن تسميم زعيم المعارضة.
ورداً على تصريحات وزير الخارجية الألماني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي قال فيها إن "انتهاكاً مماثلاً (لحظر الأسلحة الكيماوية)، كالذي تمكنا من إثباته مع شركائنا في حالة تسميم نافالني، يشكل مشكلة لكل الدول"، اتهمت موسكو برلين بـ"الاستفزاز". ونددت بما وصفته "نظريات خرافية علنية" تشكل بالنسبة إليها "استكمالاً لخط عدائي بشكل علني مناهض لروسيا من برلين".
وتتولى ألمانيا حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة. ومن المقرر أن يناقش زعماء التكتل رد فعلهم والعقوبات المحتملة على روسيا خلال قمة تُعقد في 15 و16 أكتوبر.