احتفلت إثيوبيا، الأحد، الرابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بـ "عيد الشكر" المعروف باسم "اريتشا" بحسب لغة قومية الـ "أورومو" الإثيوبية التي تمثل لها المناسبة ارتباطاً روحياً وحياتياً درجت على الاحتفال بها كل عام.
فبعد انتهاء فصل الأمطار، تتهيأ منطقة "أوروميا" (وسط إثيوبيا وشرقها) في مختلف المدن والأرياف للمناسبة لا سيما من خلال ارتداء الزي القومي الأبيض، وأداء رقص وحركات مميزة الطابع.
طقوس مميزة
المؤرخ الإثيوبي آدم كامل أوضح لـ "اندبندنت عربية" أن "اريتشا" مناسبة قومية خاصة بقومية الـ "أورومو"، وهي جامعة لإثيوبيا بحكم الغالبية السكانية لها والتي تُمثل حوالى 55 في المئة من سكان البلاد، وأضاف كامل، "المناسبة ظلت مئات السنين تُمارس كجزء من عادات هذه القومية، وهي خاصة بغير المسلمين من الأهالي، فما أن ينتهي موسم الأمطار حتى تتهيأ مختلف مدن "أوروميا" للاحتفال، فتتزين الأماكن ويخرج الأهالي إلى مواقع الاحتفالات التي تُحدد مسبقاً"، وقال، "ظلت منطقة أديس أبابا في الماضي مكاناً للاحتفال، قبل نقل الإمبراطور مِنِليك الثاني (1844- 1913) موقع الاحتفال الى منطقتي دبرزيت ونازريت شرق إثيوبيا ومنطقة باشفتو بإقليم أوروميا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في ما يتعلق بالطقوس الممارسة، فأضاف المؤرخ الإثيوبي، "هذه المناسبة تتصف بطقوس غريبة، هناك ثلاثة رموز، الأول شيخ القبيلة الذي يسمى "اباقدا"، ومعناه أبو الأمة، وهو الزعيم المرشد. إلى جانب شجرة ضخمة مقدسة تنتشر في كل منطقة القومية يُطلق عليها اسم "أودة"، ثم تاريخ المناسبة الذي يعقب دوماً فصل الأمطار وبداية موسم الحصاد".
"أودة" المقدسة
ويتابع كامل أن "المناسبة هي للشكر على نعمة الأمطار والمحاصيل الزراعية، ويتجمع الأهالي حول هذه الشجرة المقدسة في مختلف مدن وأرياف منطقة "أوروميا" يدهنون الشجرة بالسمن ويتحلقون حولها، الى جانب ذلك، يحملون حزماً من الأكاليل الخضر يضعونها في المياه ويخرجونها في طقوس معروفة بإشراف الشيوخ "اباقدا" الذين ينتشرون في كل بقاع منطقة "أوروميا" وهم إلى جانب الشجرة يمثلون زعامة القبيلة".
وأشار المؤرخ الإثيوبي إلى أن هذه الشجرة ضخمة، ذات فروع تمتد إلى مسافات طويلة، وهي "تمثل القومية الـ "أورومية" موقع الاجتماعات، وتصدر تحتها أحكام المنازعات، وتعقد في ظلها مؤتمرات الأهالي وتشهد احتفالاتهم، ومختلف المناسبات"، ويؤكد كامل أن أي حكم يصدر من "اباقدا" زعيم المنطقة تحت هذه الشجرة يُعتبر أمراً نافذاً غير قابل للمراجعة.
"اريتشا" والديانات
وعن وصف مهرجان "اريتشا" يقول الباحث السياسي حالي يحيا "ظل المهرجان مئات السنين مرتبطاً بانتهاء موسم الأمطار والاستعداد لبدء موسم الحصاد، والاحتفال ظل سارياً في مختلف العهود، ولا يُؤثر في تنظيمه أي متغيرات سياسة"، ويُشير يحيا إلى أن الجميع يشارك في هذه الاحتفالات، صغاراً وكباراً، نساء، ورجالاً، يؤدون بصورة جماعية أغاني الحصاد والشكر، ويمارسون مختلف الفنون من رقص وحركات مرتبطة بالشكر.
وتابع أن إقامة المناسبة في العاصمة أديس أبابا خلال الأعوام الأخيرة أضافت زخماً لها في تجمهر المواطنين بتباين انتماءاتهم القومية ليعطي المناسبة بعداً جامعاً أكثر معنى في أبعاده الدينية والوطنية.
وعن ارتباط هذه التقاليد باعتقادات التديّن يشير يحيا إلى أن "اريتشا" ليس لها ارتباط بالدين الإسلامي ولا الدين المسيحي، ويقول إنها مناسبة يحييّها أهالي "اوروميا" منذ القدم بمختلف توجهاتهم الثقافية والدينية، ويشرف عليها شيوخ المناطق "اباقدا" الذين يحرصون على الحفاظ على تقاليدها في مختلف الأزمان، لافتاً إلى أنها ظلت في الماضي مرتبطة بمنطقة "باشفتو" (40 كيلومتراً) شرق أديس أبابا قبل أن يعود الاحتفال بها مجدداً إلى أديس أبابا.
وشهد هذا العام ظروفاً سياسية انعكست على مهرجان "اريتشا" بعد أن هدد بعض الجماعات السياسية بالإخلال بالأمن، لتشهد العاصمة احتفالية رمزية للمناسبة حضرها رئيس الوزراء أبي أحمد الذي هنّأ المواطنين بعيد الشكر داعياً إلى السلام والوحدة والاستقرار، وتغليب الوحدة الوطنية.