أعلن طرفا الحوار الليبي، الذي احتضنته مدينة بوزنيقة المغربية، التوقيع على اتفاق شامل حول تقاسم المناصب السيادية ومعايير اختيار المرشحين لتوليها، بعد مفاوضات "ماراثونية" استمرت أكثر من شهر كامل.
وقال مجلس النواب في طبرق ومجلس الدولة في طرابلس، في بيان صدر في ختام هذه الجولة التفاوضية التي انطلقت، الجمعة، في مدينة بوزنيقة (جنوب الرباط) إنهما توصلا إلى "تفاهمات شاملة" بشأن المؤسسات السيادية، مشددين على وجوب أن تقر هذه التفاهمات المؤسسات الدستورية في ليبيا "للمضي قدماً في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية".
وأعلن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في مؤتمر صحافي، نجاح الجولة الثانية من المفاوضات، التي تعثرت أكثر من مرة، في الأيام الماضية، وأنها أفضت إلى اتفاقات مهمة بين الأطراف الليبية التي شاركت في جلساتها.
وكانت المفاوضات التي دارت بين الطرفين، قد ناقشت تقاسم عدة مناصب سيادية اقتصادية، مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ورقابية مثل هيئة الرقابة والنزاهة ومكافحة الفساد، وقضائية يتقدمها رئاسة المجلس الأعلى للقضاء.
حوار ناجح وتفاهمات هامة
أكد وفدا مجلس النواب والمجلس الأعلى في بيان مشترك في اختتام الجولة الثانية من حوارهما في بوزنيقة، وقالا إنها "توجت بالتوصل إلى تفاهمات شاملة، حول ضوابط وآليات ومعايير شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية، المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي، الموقع في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 بمدينة الصخيرات المغربية.
وأضاف البيان، أن هذا الاتفاق تم "لإدراك الطرفين لأهمية المؤسسات السيادية لإدارة البلاد وحماية مقدرات الشعب الليبي"، وأن الجلسات "اتسمت بالمسؤولية الوطنية وتغليب المصلحة العامة، لتجاوز الانقسام السياسي الحالي".
وتوقيع الاتفاق لا يعني دخوله حيز التنفيذ، حيث أوضح البيان أن "وفدي الحوار يضعان محضر التوافقات التي توصل إليها في الجولتين الأولى والثانية رهن إشارة مؤسستي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، للمضي قدماً في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية".
وأكد الوفدان في ختام البيان "عزمهما الاستمرار في اللقاءات التشاورية بالمملكة المغربية، لتنسيق عمل المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية، بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المغرب يشيد بالنتائج
من جانبه، قال وزير الخارجية المغربي، إن "الجولة الثانية من حوار بوزنيقة، التي جمعت ممثلين من مجلس النواب والمجلس الاستشاري للدولة، انتهت بتوافقات مهمة بين الأطراف الليبية، وتفاهمات على توزيع المناصب السيادية".
وقال بوريطة في تصريحات صحافية في ختام اجتماع الأطراف الليبية، إن "حوار بوزنيقة هو حوار ليبي اختاره وأداره الليبيون وهو مقوم مهم، وهذه المقاربة أثبت بوزنيقة أنها مقاربة صحيحة، أن الليبيين قادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم".
وأضاف "هذه لحظة مفصلية، ونؤكد أن الجولة الثانية انتهت بتوافقات مهمة ودونت هذه التوافقات، كما قمت بذلك في الجولة الأولى". وأعرب بوريطة عن أمله في "استمرار التشاورات بين الوفدين، لحل الأزمة وتكون رافداً أساسياً لحوارات أخرى"، لافتاً إلى أن هذا الحوار "سيمكننا من أن نذهب بعيداً في حل المشكلات التي تعاني منها ليبيا".
أول ردود الفعل
وجاءت أول ردود الفعل الرسمية، على توقيع طرفي الحوار الليبي في المغرب، اتفاقاً ينص على معايير تولي المناصب السيادية وتقاسمها، بين شرق ليبيا وغربها، من الحكومة المؤقتة في بنغازي حيث أصدر الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية، عزالدين الفالح، بياناً، ليل الثلاثاء- الأربعاء، حول اللقاءات في بوزنيقة والغردقة، مؤكداً أن "الحكومة الليبية تبارك دائماً كل ما من شأنه رأب الصدع بين الليبين، وحقن الدماء ووحدة التراب الليبي".
وأضاف الفالح "نتابع عن كثب المحادثات واللقاءات السياسية، في بوزنيقة المغربية، والعسكرية بالغردقة المصرية، وما يمكن أن يتمخض عنهما، ونأمل من الأمم المتحدة والدول المعنية بالملف الليبي، دعم مخرجات هذه اللقاءات، التي يجب أن تكون في صالح الوطن والمواطن، ضمن إطار التوزيع العادل للثروة والمناصب السيادية".
مؤكداً في الوقت ذاته "عدم قبول حكومته بأي محاولة من أي طرف للالتفاف على الجيش الليبي".
ويعتقد الصحافي الليبي، مراد الرياني، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "الاتفاق الذي وقع في بوزنيقة، حول تقاسم المناصب السيادية، هو خطوة إيجابية حلت بموجبها أول عقدة في طريق الحل النهائي للأزمة ولكن الوقت لا يزال مبكراً على اعتبارها بداية النهاية للأزمة الليبية".
ويوضح "لا شك أن الخلاف على المناصب السيادية، كان محركاً من محركات التنافس والصراع، في السنوات الماضية، ولكنه ليس عاملاً أساسياً في نشوبها، وتعقيدها في مراحل لاحقة، مثل العامل الأمني مثلاً، وصراع الشرعية بين الأجسام العسكرية، ومن منها هو الجيش الوطني للبلاد".
ويشير الرياني، إلى أن المسار الأمني هو عقدة العقد التي لو حلت لتمكنا من حل باقي الخلافات كلها "المسار الأمني هو الفيصل، ومسائل مثل توحيد الجيش وإخراج المرتزقة وتأمين الحقول النفطية، ليست مسائل خلافية سهلة، يمكن حلها في مفاوضات قصيرة، بل تحتاج لجهد كبير ومساعدة دولية، لتجاوز هذه الإشكالات، العسيرة جداً على الحل".