أصبح مخيم الهول الواقع في شمال سوريا، ملاذاً آمناً للفارين والمعتقلين من تنظيم داعش، بعدما كان على مدى عقود مضت، ملاذاً للاجئين العراقيين إبان حرب الخليج في العام 1991. المخيم المصمم أساساً لاستقبال 20 ألف شخص حدّاً أقصى، يؤوي اليومَ أكثرَ من 70 ألفاً وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بعد نقل قوات سوريا الديمقراطية عشرات الآلاف الفارين من الباغوز وغيرها من المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش في شرق سوريا. وفي الهول أيضاً، أكثر من تسعة آلاف امرأة وطفل أجنبي أتوا من فرنسا وتونس وروسيا، أودع بعضهم السجن فيما نقل البعض الآخر إلى المخيم الخاضع لرقابة الأكراد السوريين.
عزل النساء الأجنبيات
هؤلاء عزلوا في مكان مخصصٍ لهم، عن بقية النازحين بسبب ارتباطهم الوثيق بداعش وإظهار الولاء الكلي له. ويخضنَ النساء الأجنبيات يومياً مشاجراتٍ مع الحراس ما يجعل هذا المخيم بؤرة جهادية مهدّدة بالانفجار في شرق سوريا، في حين تطالب السلطات الكردية بإعادة العائلات الأجانب إلى بلدانهم خوفاً من "الخطر" الذي قد يمثله وجود الآلاف منهم في المخيم. ويقول أحد المسؤولين الأكراد إن "النساء هنا في حاجة ماسّة إلى إعادة تأهيل ودمج في مجتمعاتهنّ الأساسية وإلا فهنّ مشاريع إرهابيات".
توزيع المساعدات
الاكتظاظ في المخيم يتسبب بمشاجرات مستمرة وخصوصاً لدى توزيع المساعدات أو الخيم، حينها تتجمع النساء أمام مستودعات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، حاملاتٍ الصناديقَ الكرتونية لنقل ما يوزّع عليهنّ من زيت ومعلبات وحبوب وسكر وشاي، بينما تجوب شاحنات أزقة المخيم ذهاباً وإياباً طيلة النهار. وتلفت شابة بلجيكية (24 سنةً) وصلت إلى سوريا في العام 2013 إلى التوتر السائد في المخيم، موضحةً أن الروسيات والتونسيات يتبنّينَ "معتقداتٍ شديدةَ التطرّف". وقالت "إنهنّ يُشعرنني بالخوف، يعتقدنَ أن مجرد حديثي مع المقاتلين والطلب منهم الإذن" للذهاب إلى السوق، يجعلني كافرة. وتابعت "هنّ لا يتردّدنَ في الاستيلاء على ما نملك أو حرق خيامنا". لا تزال لمياء (21 سنة)، ابنة مدينة منبج السورية مرتبطةً بالتنظيم وتقول "بقينا مع الدولة الإسلامية حتى الآن، نحب الدولة وسنبقى ثابتين، سنذهب مع الدولة أينما ذهبت". وتضيف لمياء التي قتل زوجها الأول في المعارك ويقبع الثاني في السجن، "أريد العودة إلى مدينتي".
التسوّق
عند مدخل المربّع المخصّص للأجانب، تحتشد النسوة عند البوابة لتذكير الحارس بأنّ دورهنّ قد حان للذهاب إلى السوق، إذ لا يمكن للأجنبيات الذهاب إلى السوق إلا برفقة حارسٍ كرديّ. ومن بين النساء، جزائريات وأوكرانيات، وأطفال يصرخون بالفرنسية، وآخرون ذوو ملامح آسيوية، وبعضهم الآخر من ترينيداد وتوباغو في جزر الكاريبي. وفور وصولهنّ بعرباتٍ محملة بالبيض والبطاطا والحفاضات وموقد غاز، يفتَّشنَ بدقة خوفاً من إدخالهنّ هواتف محمولة أو حتى السلاح. وتؤكد الحارسات الكرديّات "إنها إجراءات أمنية" لتجنب الاتصال مع الخارج بالإضافة لمنع التهريب. في المقابل تقول فانيسا التي اعتنقت الإسلام وجاءت من فرنسا إلى سوريا في العام 2013 مع أولادها وزوجها الذي قتل في إحدى المعارك "لا نفكر بالطريقة نفسها. يردنَ فرض رؤيتهنّ للإسلام. ويعتبرننا كفاراً".