لم تضمن الصين مقعدا في المباحثات الأخيرة لمحافظي البنوك المركزية للدول المتقدمة بشأن التعاون المحتمل الذي يشمل العملات الرقمية للبنك المركزي. وشكلت مجموعة عمل من قبل بنوك كل من "كندا، وإنجلترا، واليابان، والمركزي الأوروبي، وريكسبانك السويدي، والوطني السويسري، والاحتياطي الفيدرالي الأميركي"، جنباً إلى جنب مع بنك التسويات الدولية، وكلها تشترك في دافع مشترك؛ وهو تجنب حواجز غير مقصودة لتحويل العملات السيادية بأشكالها الإلكترونية.
أما بنك الصين الشعبي، بحسب تشاينا بوست مورننغ بوست، فقد كان غائباً بشكل واضح عن المجموعة الدولية، على الرغم من كون الصين رائدة عالمياً في اختبار عملتها السيادية الرقمية، وعضو في لجنة المدفوعات والبنية التحتية للسوق في بنك التسويات الدولية؛ المنتدى الدولي للبنوك المركزية.
وقال جون كونليف، نائب محافظ بنك إنجلترا، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "بدا من المنطقي تكوين مجموعة للعملة الرقمية، لأن لدينا منصة مشتركة من التفكير المماثل". وأضاف "إننا نواجه بيئات مماثلة، ولدينا هياكل متشابهة للقطاع المالي، ويعمل عدد منا معاً في هذا الجانب، كما يمكن أن تكون العملة الرقمية أداة مهمة للبنوك المركزية لمساعدتها على تحقيق أهداف سياستها العامة".
ولم يقرر أي من البنوك المركزية المشاركة رسمياً في إصدار عملة رقمية للبنك المركزي. وقال بينيوت كويور رئيس "بي آي إس إنوفيشن هوب"، وعضو سابق في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، إنه على الرغم من وجود عدد من المناقشات مع الصين، فإن اليوان الرقمي الناشئ مخصص بشكل أساس للاستخدام المحلي، مما يجعل التعاون الدولي غير ضروري في الوقت الحالي.
تدويل اليوان ونظام الدفع العالمي المقوم بالدولار الأميركي
أجريت تجارب التعاملات باليوان الرقمي في عدد من المدن الصينية مثل شنتشن وسوتشو وشيونغان وتشنغدو، وكذلك في أماكن الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 في بكين، حيث عولجت 13 مليون معاملة باستخدام اليوان الرقمي، وفقاً لفان ييفي، نائب محافظ في البنك المركزي. وهذا يجعلها العملة الرقمية الأكثر استخداماً للبنك المركزي في بيئة تجارية، وكان مقال نشر الشهر الماضي في مجلة تشاينا فاينناس، التي يديرها بنك الشعب الصيني، قد حث على ضرورة أن تصبح الصين أول دولة تصدر عملة رقمية، مع الضغط لتدويل اليوان وتقليل اعتماده على نظام الدفع العالمي القائم على الدولار الأميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال سكاي قو، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بلوكتشين سايفيريوم ومقرها نيويورك، إن اليوان الرقمي سيحسن كفاءة إدارة السياسة العامة، وسيساعد الصين على تعزيز اقتصادها المحلي. وكانت الشركة قد دخلت في شراكة مع شبكة خدمة بلوكتشين المدعومة من الحكومة الصينية، التي تركز على استخدامات المؤسسات لتكنولوجيا بلوكتشين.
يذكر أنه لم يطرح اليوان الرقمي الصيني رسمياً، ولكن استخدم في أكثر من 1.1 مليار يوان (162 مليون دولار أميركي) من المعاملات كجزء من سلسلة من البرامج التجريبية الجارية في جميع أنحاء البلاد في العام الماضي.
استخدام الأصول الرقمية في هروب رأس المال
من المرجح أن تفكر الصين في معاملات اليوان الرقمية عبر الحدود في خطوتها المقبلة، لأن حربها التجارية مع الولايات المتحدة دفعت بكين إلى تطوير نظام الدفع الخاص بها للتجارة والاستثمارات العالمية، مما أدى إلى تسريع جهودها لتدويل اليوان، وبالتالي تقليل اعتماد الصين على نظام الدفع بالدولار الأميركي. وقال "قو"، إن هناك اختلافات مع اليوان الرقمي لأن الصين تريد تطوير نظامها الخاص بها، بشكل مستقل عن نظام الدفع الحالي الذي يهيمن عليه الدولار الأميركي.
وقال جيري تشان، الرئيس التنفيذي لشركة بلوكتشين، إن الصين قد ترغب أيضاً في أن تستخدم الدول الأخرى اليوان الرقمي حتى تتمكن من تتبع ومراقبة تدفقات رأس المال من وإلى الخارج، وإلى البلاد بسهولة أكبر، عبر منصة الدفع العالمية الخاصة به. وهذا من شأنه أن يسمح أيضاً بمراقبة أفضل لغسل الأموال والأنشطة غير القانونية الأخرى. وتريد الصين بالتأكيد أن يستخدم الجميع عملتها الرقمية لأنهم يريدون الاستيلاء على تلك الحصة السوقية، لكن الرغبة الأكبر هي القدرة على التحكم في تدفق رأس المال"، مشيراً إلى كيفية تتبع العملات الرقمية، قائلاً "إذا كنت تستخدم العملة الرقمية الصينية، فسيعرف بنك الشعب الصيني إلى أين تتجه عالمياً". وأضاف "أن المخاوف من إمكانية استخدام الأصول الرقمية في هروب رأس المال دفعت الحكومة الصينية إلى منع مواطنيها من تبادل اليوان مباشرة بالعملات المشفرة مثل البيتكوين عبر مواقع الإنترنت، كما أغلقت بورصات العملات المشفرة".
القيود المفروضة على العملات المشفرة في الصين
لكن ضوابط رأس المال المرهقة والقيود المفروضة على العملات المشفرة في الصين تتعارض مع مبادئ العملات الرقمية التي تتبناها البنوك المركزية الكبرى الأخرى، فالأشكال الجديدة للأموال التجارية مثل العملات المشفرة الخاصة هي أدوات مختلفة تستخدم كوسيلة للدفع، ويجب أن تتعايش مع العملات المركزية.
وقال كويور، إن العملات الرقمية المصرفية في النظام البيئي ذاته، ما دامت توفر الاستقرار والأمان للمواطنين. وأضاف أن الصين لديها طريقة خاصة للقيام بذلك، ويمكن أن يكون لدى البنوك المركزية الأخرى طرق مختلفة للقيام بذلك. قائلاً "نحن لا نفرض الهيكل الفني على عملات البنوك المركزية الرقمية".
الصين وزمام المبادرة في رقمنة الاقتصاد العالمي، وبينما أخذت الصين زمام المبادرة في رقمنة الاقتصاد العالمي، وربما تحصل على ميزة المتبني الأول في الوقت الحالي، فإن القيود المفروضة على تدفقات رأس المال والأموال الخاصة، بحسب تشان. وتثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكن أن تضر هذه في نهاية المطاف بالطموحات الرقمية للصين والاقتصاد على المدى الطويل، وستحتاج الشركات إلى تحديد ما إذا كانت ستقبل أن ممارسة الأعمال التجارية في الصين سوف تتطلب منها التكيف مع اليوان الرقمي، أو ما إذا كانت ستستخدم بدلاً من ذلك عملات رقمية أخرى قابلة للتحويل بحرية خارج الصين.
وأضاف تشان "من المحتمل أن تكون هذه أكبر تجربة اقتصادية شهدها كوكب الأرض، فبمجرد أن ننتقل إلى عالم رقمي، فهذا يعني فقط أن هذه العملات الرقمية ستتنافس مع بعضها البعض. لن يحتوى حدود النفوذ الاقتصادي بعد الآن بواسطة الحدود السياسية".