تعهد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي استهدفته انتقادات غير عادية من جانب الرئيس دونالد ترمب، بنشر رسائل البريد الإلكتروني المثيرة للجدل التي تعود لهيلاري كلينتون، وهي رسائل يقول الجمهوريون إنها ستثبت أنه ينبغي محاكمة المرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة الأميركية في عام 2016.
ووجه ترمب الخميس انتقادات نادرة لاثنين من أقرب مساعديه، هما بومبيو، والمدعي العام وزير العدل، بيل بار، قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي مقابلة هاتفية مع "فوكس بيزنس"، طالب ترمب الذي اضطر إلى تعليق حملته الانتخابية بسبب إصابته بفيروس كورونا، بأن يتخذ الوزيران إجراءات في ما يخص إدارة سلفه باراك أوباما.
وقال الرئيس إن على بومبيو أن يجد وسيلةً لنشر رسائل كلينتون الإلكترونية، وهو ما يطالب به نشطاء الجمهوريين الذين ينتقدون استخدامها خادماً خاصاً (Private Server) عندما كانت وزيرةً للخارجية.
تعهد من بومبيو
رداً على سؤال حول هجوم الرئيس الأميركي عليه، قال بومبيو لقناة "فوكس نيوز" الجمعة "سننشر هذه المعلومات حتى يتمكن الأميركيون من رؤيتها. تتذكرون جميعكم كان هناك معلومات سرية على خادم خاص، لم يكن ينبغي أن تكون موجودةً فيه، ما كان يجب على هيلاري كلينتون أن تفعل ذلك، لقد كان تصرفاً غير مقبول".
وأضاف "أكانت روسيا أو الصين أو إيران أو كوريا الشمالية التي تسعى إلى وضع يدها على هذا النوع من المعلومات، المعلومات السرية ينبغي أن تبقى في الأماكن المناسبة. الوزيرة كلينتون، عندما كانت هنا في وزارة الخارجية، لم تقم بذلك".
ولدى سؤاله عما إذا كان سيفعل ذلك قبل الانتخابات الرئاسية، أضاف بومبيو "إننا نقوم بذلك بأسرع ما يمكن. أعتقد تماماً أننا سنرى المزيد قبل الانتخابات".
وقال ترمب "قالت (كلينتون) إن لديها 33 ألف رسالة إلكترونية. إنها (الرسائل) في وزارة الخارجية، لكن مايك بومبيو لم يتمكن من إخراجها، وهو أمر محزن جداً بالحقيقة". وأضاف "لست مسروراً منه لهذا السبب". وتابع "إنه يدير وزارة الخارجية، أخرج تلك الرسائل".
لا "دليل مقنع"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وللمفارقة، فإن بومبيو اشتهر بنبرته الحادة في استجواب كلينتون عندما كان عضواً في الكونغرس يحقق في الهجوم الدامي على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا. وفي هذا السياق، راود أعضاء في الكونغرس شكوك حول تسليم كلينتون جميع الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالحادثة.
وخلص تحقيق لوزارة الخارجية، نشر في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إلى عدم وجود "دليل مقنع" على سوء تعامل كلينتون ومساعديها مع معلومات سرية على نطاق واسع. وفيما أكد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في عام 2016، جايمس كومي، مرتين أن كلينتون لا ينبغي أن تواجه اتهامات جنائية لاستخدامها خادماً خاصاً، إلا أنه انتقد "إهمال كلينتون ومساعديها الشديد" في التعامل مع المعلومات السرية.
حكاية "فضيحة" كلينتون
وتعود فضيحة كلينتون إلى عام 2015، حين كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه قبل تعيينها وزيرة للخارجية في عام 2009، أنشأت كلينتون بريداً إلكترونياً على خادم خاص في منزلها في تشاباكوا بولاية نيويورك، واستخدمته خلال سنوات خدمتها الأربع لجميع مراسلاتها الإلكترونية، سواء تلك المتعلقة بعملها الحكومي أو بأمورها الشخصية. كما أنشأت بريداً إلكترونياً على خادمها الخاص لكل من مساعدتها هوما عابدين، وكبيرة موظفي وزارة الخارجية شيريل ميلز.
ولم تنشئ كلينتون مطلقاً بريداً إلكترونياً حكومياً على خادم مملوك ومُدار من قبل السلطات الأميركية، طوال توليها وزارة الخارجية.
تبرير كلينتون ولكن
وفي معرض تبرير فعلتها، قالت كلينتون إن السبب الأول لاستخدامها بريداً وخادماً خاصاً كان "السهولة والراحة"؛ إذ فضلت اقتناء هاتف واحد فيه بريد إلكتروني واحد، عوض اقتناء جهازين، واحد شخصي، وآخر للعمل، لكن المشككين أشاروا إلى أن كلينتون أرادت التحكم بمراسلاتها بشكل كامل عن طريق خادم خاص، إذ باتت تقرر وحيدةً ما ينبغي، أو لا ينبغي عرضه على الحكومة أو إخراجه إلى العلن عبر طلبات حرية الوصول إلى المعلومات.
كما أن تحقيقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي وجد أن كلينتون استخدمت "العديد من الأجهزة الشخصية" حين توليها وزارة الخارجية، فضلاً عن خوادم عدة للبريد الإلكتروني. وقال موظفوها للـ"أف بي آي"، إنهم دمروا بمطرقة عدداً من الأجهزة التي استبدلتها كلينتون، لكنهم لم يقدموا شرحاً لأجهزة أخرى.
نشر الدفعة الأولى
وبناءً على طلب كلينتون، نشرت وزارة الخارجية الأميركية في مايو (أيار) 2015، الدفعة الأولى من الرسائل الإلكترونية الموجودة على بريدها الخاص، وتعلق قسم كبير منها بالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا عام 2012.
وبعدما وقعت إفادة خطية في أغسطس (آب) 2015، أقسمت فيها بأنها سلمت جميع السجلات الحكومية العائدة إلى فترة توليها وزارة الخارجية، وجد جهاز الـ"أف بي آي" مئات الرسائل الإلكترونية غير المسلمة إلى وزارة الخارجية، لكنه خلص إلى أنها حذفت قبل عام 2014 ولم تتم إزالتها عمداً "بقصد إخفائها".
مخاوف من الأجهزة الأجنبية
وفيما لا يمنع القانون الأميركي المسؤولين الحكوميين من استخدام بريد إلكتروني خاص، شرط الحفاظ على السجلات الفيدرالية في نظام الوكالة المناسب لحفظ السجلات، الأمر الذي تؤكد كلينتون التزامها به، إلا أن قدرة أجهزة الاستخبارات الأجنية والمقرصنين على اختراق بريدها الخاص، أثار المخاوف من خطوة كلينتون.
وعلى الرغم من تأكيد وزيرة الخارجية السابقة أنها لم ترسل أي معلومات سرية عبر بريدها الإلكتروني، تبين للمفتش العام في المخابرات الأميركية، تشارلز ماكولوغ، في يوليو (تموز) 2015، أنها أرسلت ما لا يقل عن أربع رسائل تضمنت معلومات مشتقة من ملفات سرية. وبعد شهر، كشف ماكولوغ أن رسالتين إلكترونيتين احتوتا معلومات "سرية للغاية".
وتحت الضغوط، وافقت كلينتون في أغسطس 2015، على تسليم "خادمها الخاص" ليحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي بسرية المعلومات الواردة في رسائلها. وبالفعل، رصدت عشرات الرسائل التي احتوت هكذا معلومات.