حط المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف رحاله في دمشق قادماً من بيروت، بعد جولة دبلوماسية شملت عمان أيضاً، وفي حقيبة رجل الكرملين إجابات عن أكثر قضية تشغل بال السوريين والدول المضيفة لهم حول مسألة العودة إلى الوطن وسط توقعات عن تأجيل مؤتمر المهجرين المرتقب انعقاده في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى موعد لاحق أو تغيير مكان انعقاده خارج سوريا.
مؤتمر سوري من دون سوريا
المعلومات الأولية تشير إلى تطابق وجهات نظر موسكو ودمشق باحتضان المؤتمر من قبل البلد صاحب العلاقة الأساس في هذا الشأن، وعلى الرغم من الأهداف الإنسانية بحسم أكثر الأزمات الشائكة، والتي خلفتها حرب السنوات التسع المنصرمة، لكن الأمر يبدو عسيراً وسط تمسك دول فاعلة بعقده خارج حدود البلاد.
وإن كان مؤتمر المهجرين يحاول لملمة شتات السوريين ما استطاع، إلا أن هذا المطلب يواجه تحديات عدة ولا سيما التخوف من تسييس هذا الملف الإنساني.
في المقابل، تحدثت أوساط سياسية سورية عن ضغوط دولية لثني بلدان كانت تعتزم المشاركة في المؤتمر معتبرة الأمر بمثابة عرقلة واضحة لإيجاد حد لمعاناة أكثر من ستة ملايين لاجئ خارج سوريا عدا عن معاناة نازحي الداخل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى الباحث في القانون الدولي هاروت أكمانيان أن الاعتراض لإقامة المؤتمر على الأراضي السورية هو لعدم إضفاء الصبغة الشرعية للسلطة السورية لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
واستغرب الباحث أكمانيان الطريقة التي تتعامل معها الدول حيال قضايا العودة والتي تعد حقاً من حقوق المواطنين "لا بد في النهاية من محاورة سوريا مهما عقدت لقاءات ومؤتمرات خارج حدودها، أو مهما أفضت من نتائج لأن تطبيقها على الأرض هو عن طريق الدولة السورية نهاية المطاف".
ملف إنساني
وتعد دول الجوار السوري (لبنان وتركيا والأردن) من أكثر الدول التي تضم مهجرين على الرغم من تسجيل عودة ضئيلة إلى البلاد عبر معابر لبنانية أو أردنية على إثر استقرار نسبي في مناطق سورية عدة ولا سيما ريفي إدلب وحلب.
ومقابل ذلك، تحاول دمشق التي تتعرض لحصار وعقوبات أوروبية وأميركية، آخرها قانون "قيصر" من أجل إنهاء عاجل لملفات مثل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وسط ترد اقتصادي غير مسبوق.
ولفت مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية حسام الدين آلا إلى "وجود نصف مليون نازح سوري عقب احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان"، وطالب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ببيان أمام اللجنة التنفيذية لشؤون اللاجئين في جنيف "بضرورة تسهيل عودة المهجرين بعيداً عن الشروط السياسية التي تسعى الدول المانحة لفرضها على عمل الوكالات الإنسانية الدولية".
الحماية والعودة الآمنة
كما تطالب قوى المعارضة السورية وأوساط سياسية بضمانات لعودة آمنة لكل اللاجئين.
وفي إحاطة للمبعوث الأممي غير بيدرسون في جلسة لمجلس الأمن في 27 أكتوبر الحالي، شدد على ضرورة العمل بجد وتعاون الأطراف المعنية لتهيئة الظروف لتمكين عودة اللاجئين بشكل آمن وكريم وطوعي.
وأصدر الائتلاف الوطني السوري (المعارض) بياناً رحب بكلام بيدرسون الذي كان بحث مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق، في 25 أكتوبر الحالي، إمكانية عقد جولة رابعة من محادثات اللجنة الدستورية.
وتفيد المعلومات بإمكان عقد جلسة الشهر المقبل من دون تحديد موعد لها في مدينة جنيف السويسرية بهدف نقاش آلية وضع دستور جديد وفق قرار الأمم المتحدة 2254 القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة.
محادثات روسية للوصول لحل
وتطرق اللقاء الذي عقد، أخيراً، بين رئيس النظام السوري بشار الأسد والمبعوث الروسي لافرنتييف إلى أبرز التحديات التي تواجه المؤتمر المزمع عقده، وبحسب ما نشرت صفحة الرئاسة السورية، فإن "الوفد الروسي أطلع الأسد على نتائج جولته على عدد من دول المنطقة كونها تستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين".
أضافت صفحة الرئاسة "المؤتمر يشكل فرصة أمام الجميع للبدء بالنظر إلى هذا الملف من منظور إنساني فقط بعيداً عن أي استثمار سياسي من قبل بعض الدول الغربية".
الواقع الإنساني للاجئين
وسط هذه الأجواء، لفت مكتب الـ"يونيسف" في الأردن إلى الضرر الذي لحق بالأطفال السوريين جراء الحرب حيث ولد ستة ملايين طفل منذ بدء الأزمة، واقتلع أكثر من 2.5 مليون طفل من أرضهم وفروا إلى البلدان المجاورة بحثاً عن الأمان.
وكان برنامج الأغذية العالمي لفت الانتباه إلى أن نحو 9.3 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي.