يبذل عمال إغاثة قصارى جهدهم اليوم السبت للعثور على ناجين بين أنقاض الأبنية المنهارة في غرب تركيا غداة زلزال قوي أسفر عن مقتل 28 شخصاً في البلاد وفي اليونان المجاورة.
في بايرقلي بمحافظة إزمير التركية، حاول طوال الليل عمال إغاثة مجهزون بحفارات شق طريقهم بين الركام الهائل لمبنى من سبعة طبقات، على ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى مسافة قريبة، تعالت أصوات جموع محتشدة عندما أخرج عمال الإغاثة جثة من بين الانقاض. وقال رجل قطعت أخبار أقارب له "دعوني أرى من هو!".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووقع الزلزال الذي قدر معهد الجيوفيزياء الأميركي قوته بسبع درجات على مقياس ريختر والسلطات التركية بـ6,6 درجات، بعد ظهر أمس الجمعة في بحر إيجه جنوب غربي إزمير ثالث أكبر مدينة في تركيا وقرب جزيرة ساموس اليونانية.
تسونامي
وكان الزلزال قوياً إلى درجة أن سكان اسطنبول وأثينا شعروا به. وتسبّب بتسونامي محدود في جزيرة ساموس ببحر إيجه، وبمدّ بحري أغرق شوارع في إحدى بلدات ساحل تركيا الغربي.
وأمام هذه الكارثة وضعت كل من تركيا واليونان خلافاتهما الدبلوماسية جانباً وأعربتا عن استعدادهما لتبادل المساعدة.
وفي ساموس حيث قتل شخصان وجرح سبعة آخرون، الوضع "صعب للغاية" وفق وزير الدولة للدفاع المدني نيكوس هاردالياس، الذي تفقد الجزيرة مساء الجمعة. ودعا السكان إلى "توخي اليقظة" ضد مخاطر الهزات الارتدادية. ومن المقرر أن يتفقد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس المنطقة بعد ظهر السبت، بينما بدأت السلطات تقييم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمباني في ميناء فاثي وقرى أخرى في الجزيرة.
الضحايا من المراهقين
وأعرب هاردالياس عن أسفه لمقتل مراهقين يبلغان من العمر 15 و17 عاماً عثر عليهما تحت أنقاض جدار في ميناء فاثي، الذي انهار أثناء عودتهما من المدرسة. وأصيب سبعة أشخاص على الأقل لكن حالتهم الصحية لا تسبب أي قلق، بحسب الخدمات الصحية. ونقلت فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً وامرأة تبلغ من العمر 63 مصابتين بكسور خطيرة إلى أثينا مساء الجمعة وأدخلتا المستشفى.
وساحل بحر إيجه التركي المكتظ بالسكان هو الأكثر تضرراً. وقد قتل فيه 26 شخصاً على الأقل، وأكثر من 800 جريح، حسب وزير الصحة فخر الدين قوجة.
في بايرقلي التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة نصبت السلطات خياماً للسماح لأبناء المنطقة بتمضية ليلتهم ووزعت عليهم الحساء.
النوم في العراء
كانت نرمين يني (56 عاماً) في مطبخ منزلها عندما بدأت الهزة. وتروي قائلة أمام خيمة أمضت فيها ليلتها "هرعت إلى الخارج ومن ثم انهرت". وعلى مسافة قريبة تجمعت عائلة حول موقد نار للاتقاء من البرد الخريفي. وقد نام أشخاص في سياراتهم أو في اكياس نوم في الشارع.
في الحي تعلو أصوات المطارق والحفارات، وأحياناً يطلب المسعفون لزوم الصمت التام أملاً بسماع ناجين محتملين قبل استئناف عملهم الدؤوب.
ومنذ الزلزال انتشل نحو مئة شخص لا يزالون على قيد الحياة من بين الانقاض، على ما قال السبت وزير البيئة مراد كوروم.
واختار الكثير من أبناء المنطقة الذين صمدت منازلهم، البقاء في الخارج. والخوف من الهزات الإرتدادية كبير. فمنذ الزلزال الرئيسي الجمعة حصلت هزات ارتدادية يزيد عددها عن الخمسمئة خلال 24 ساعة بحسب السلطات. وامضت عزيزة أكيون ليلتها وهي تراقب المسعفين يحاولون شق طريق بين أنقاض مبنيين سكنيين متجاورين انهارا كلياً، وقالت "هذه الستائر تعود إلى عائلة صهري" مشيرة إلى قماش يظهر من بين الركام. وتابعت هامسة "بإذن الله سيخرجون على قيد الحياة. هي المرة الأولى التي اختبر فيها شيئاً كهذا".
شهادات السكان
وأعرب جمال الدين اينغينيورت وهو عسكري متقاعد (51 عاماً) عن يأسه بعدما تصدعت جدران منزله، ولا يعرف إن كان لا يزال قابلاً للسكن. وأوضح "اعتبرنا أنه من الأفضل البقاء في الخارج. المناخ في إزمير معتدل ويمكننا الاستمرار على الأمد القصير. لكن إلى متى؟". وبعد حوالى 24 ساعة على الزلزال تم انتشال أم وأطفالها الثلاثة أحياء وسط التصفيق، قبل أن يتم نقلهم إلى المستشفى.
وقبل ذلك تم إنقاذ امرأتين بعد 17 ساعة على الزلزال، على ما أكدت الحكومة. ونشر أكثر من ستة ألاف عامل انقاذ في المنطقة المتضررة على ما أوضحت الرئاسة التركية.
وغداة الزلزال، بدأت العائلات دفن موتاها. وقالت امرأة في جنازة والدتها "لا أستطيع البكاء بعد الآن. انظر أنا لا أبكي!". وأضافت "أمي متى سأراك مرة أخرى؟".
وأحيت الهزة الأرضية القوية المخاوف من حدوث زلزال هائل يتوقعه الخبراء في عاصمة البلاد الاقتصادية.
يذكر أن العام 1999 شهد زلزالاً قوته 7,4 درجات شمال غربي تركيا قضى فيه 17 ألف شخص بينهم نحو ألف في اسطنبول.