قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن "انتعاش سوق العمل لم يكتمل بعد، وإنه لا يزال في منتصف الطريق، ومن المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى مزيد من الدعم الحكومي لإعادة الاقتصاد إلى قوته الكاملة"، واصفاً الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بفيروس كورونا بأنه "مقلق بشكل خاص".
في تصريحات بعد اجتماع البنك المركزي لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كرر باول أن التوقعات الاقتصادية "غير مؤكدة بشكل غير عادي"، وتعهد بمواصلة دعم النمو لأطول فترة ممكنة. ويحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي إقناع الاقتصاد بالعودة إلى قوته الكاملة، تاركاً أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه لشهر نوفمبر، بعد أن خفض سعر الفائدة إلى ما يقرب من الصفر في مارس (آذار)، مؤكداً أنه يخطط لإبقائها منخفضة في المستقبل المنظور.
واشترى البنك المركزي أيضاً كميات ضخمة من السندات المدعومة من الحكومة، نحو 120 مليار دولار شهرياً، أخيراً، في محاولة للحفاظ على عمل الأسواق بسلاسة وتحفيز الطلب. وقال البنك إنه سيُبقي على عمليات الشراء بهذه الوتيرة "على الأقل".
وقال باول إن "التقدم الاقتصادي تجاوز التوقعات الأولية وسط عمليات إعادة الافتتاح الحكومية والمحلية، لكن التعافي لا يزال غير مكتمل، والتقدم معتدل، والمخاطر تلوح في الأفق. وأشار إلى أن الولايات المتحدة "بعيدة جداً عن أهدافها، ونحن في منتصف الطريق، في أحسن الأحوال، نحو تعافي سوق العمل".
ويبدو أن المعدلات المنخفضة تعمل على تعزيز الانتعاش، حيث شكل قطاع العقارات النقطة المضيئة، ويتدافع المشترون لشراء منازل جديدة وقائمة. لكن برامج الإنفاق الحكومي كانت أيضاً محركاً مهماً للانتعاش حتى الآن، حيث حافظ على تدفق الأموال إلى الشركات والأسر.
نتائج الانتخابات وجفاف برامج الدعم الحكومية وتصاعد كورونا
ويواجه التقدم الاقتصادي في الولايات المتحدة المزيد من التأرجح مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد وجفاف برامج الدعم الحكومية، فيما لا تزال نتائج الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس التي جرت هذا الأسبوع غير مؤكدة، مما يجعل من الصعب تخمين ما إذا كانت الحكومة ستجدد البرامج التي خلقت قروضاً للشركات الصغيرة يمكن التنازل عنها ومتى ستجدد التأمين ضد البطالة؟ وضمانات أخرى ساعدت في الحفاظ على الشركات والعائلات واقفة على قدميها.
وأوضح باول أن أكبر خطرين اقتصاديين في الوقت الحالي هما "انتشار المرض بشكل أكبر"، واستعانة الأسر بمدخراتها التي تمكنت من تجميعها نتيجة للبرامج الحكومية في وقت مبكر من الوباء، بما في ذلك فحوصات التحفيز وتعزيز استحقاقات البطالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "لقد أحدثت إجراءات السياسة المالية التي اتخذت حتى الآن فرقاً حاسماً". "ومع ذلك، فإن الانكماش الاقتصادي الحالي هو الأشد في حياتنا".
وعلى الرغم من استعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي للعمل وفق الحاجة لدعم الانتعاش، أكد باول أن المزيد من الدعم المالي قد يكون مطلوباً للتخفيف من المخاطر التي تلوح في الأفق، وتشمل أيضاً حالات الإفلاس وتندب سوق العمل على المدى الطويل.
وذكر: "سنحصل على انتعاش أقوى إذا استطعنا الحصول على بعض الدعم المالي على الأقل، عندما يكون ذلك مناسباً وبالحجم الذي يراه الكونغرس كذلك".
الفيدرالي يتجنب السياسة لحماية وضعه المستقل
وعادة ما يتجنب بنك الاحتياطي الفيدرالي الزج بثقله في السياسة، في محاولة لحماية وضعه المستقل، وهذا أحد أسباب تردد باول في أن يكون توجيهياً عندما يتعلق الأمر بما يجب أن يفعله الكونغرس. ورداً على سؤال حول الانتخابات الرئاسية التي لم يعلن عنها، وما إذا كانت قد ظهرت خلال المداولات السياسية، قال "تأتي الانتخابات بين الحين والآخر، لكنها ليست محط تركيز الاجتماع على الإطلاق".
تعديل برنامج شراء السندات وارد
ولا يزال هناك المزيد مما يمكن لمجلس الاحتياطي الفيدرالي القيام به لتحفيز الاقتصاد، وقال باول، رداً على سؤال، إن "البنك المركزي ليس خارج السلطة وذخيرته لم تنفد". وعلى الرغم من أنه لم يلتزم بأي جهود جديدة، فإنه أشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يعدل برنامج شراء السندات. وقال إن البنك المركزي يفكر في الشكل الذي قد يبدو عليه ذلك، وكان اجتماع نوفمبر يدور حول "إجراء مناقشة جيدة حول كيفية التفكير في تلك المعايير المختلفة".
ويقول الاقتصاديون إن المسؤولين يمكن أن يعززوا تعهدهم بالحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة من الزمن. يمكنهم أيضاً تغيير الاتصال حول مشتريات السندات من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، أو تغيير تركيبة البرنامج بحيث تميل المشتريات أكثر نحو الديون طويلة الأجل، وكل ذلك بهدف جعل الائتمان أرخص والحفاظ على تدفق الأموال إلى الاقتصاد.
ومع ذلك، فإن مثل هذه التدابير ليست الدواء الشافي، فهي تفيد الأشخاص الذين هم في وضع يسمح لهم بشراء المنازل والسيارات، ويمكن أن تساعد الاقتصاد على التعافي على المدى المتوسط إلى الطويل. سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي ليست مناسبة لتوصيل الأموال مباشرة إلى أيدي العمال الذين فقدوا وظائفهم، فيجب أن يأتي هذا التخفيف المستهدف من الكونغرس والبيت الأبيض.
يذكر أن العديد من الجهود مدعومة بتمويل من وزارة الخزانة ومن المقرر أن تنتهي في ديسمبر (كانون الأول)، ما لم يوافق باول ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين على تمديدها.
وقال باول: "نحن فقط في طور التحول إلى هذا السؤال"، مشيراً إلى أنه قرار يتعين عليهم "اتخاذه وسوف يتخذونه" بالاشتراك مع وزارة الخزانة. واقترح منوتشين في رد حديث على استجواب الكونغرس أنه يفضل السماح لمرفق واحد على الأقل بشراء سندات البلدية. إذا طُرح لقاح فيروس كورونا في الأسابيع المقبلة، فقد يعني ذلك أن وزارة الخزانة ستكون أقل ميلاً لتوسيع المرافق.