علامات سينمائية مهمة وضعتها المخرجة التونسية كوثر بن هنية منذ بداية مشوارها الفني، واستطاعت أن تتميز بأعمال لها بصمة خاصة، مثل "زينب تكره الثلج" و "بطيخ الشيخ" و "على كف عفريت"، وأخيراً فيلم "الرجل الذي باع ظهره"، والذي شاركت في بطولته النجمة العالمية مونيكا بيلوتشي.
ويدور الفيلم حول شاب سوري تضطره الظروف إلى أن يبيع ظهره لرسام عالمي ليرسم عليه وشماً تعبيرياً عبارة عن لوحة، ويظل يتجول معه في معارض عالمية بمقابل مادي، إضافة إلى فيزا تسمح له بالانتقال حتى يقترب من حبيبته التي تركته ورحلت إلى أوروبا.
وحصل الفيلم خلال مهرجان الجونة الأخير على جائزة "نجمة الجونة" لأفضل فيلم عربي روائي طويل، وقيمتها 20 ألف دولار أميركي.
"اندبندنت عربية" التقت كوثر بن هنية في حوار خاص، تحدثت فيه عن فيلمها الأخير ومشاركة النجمة العالمية مونيكا بيلوتشي، وهل حاولت استثمار نجوميتها العالمية، كما كشفت عن موقفها من السينما المصرية وعملها المقبل مع النجمة هند صبري.
دعم من الجونة
تحدثت كوثر بداية عن مشاركتها بفيلم "الرجل الذي باع ظهره" في مهرجان الجونة، وقالت إن "الفيلم له علاقة قديمة بالجونة، حيث قمنا بالمشاركة من قبل عندما كان الفيلم مجرد مشروع سيناريو، وحصلنا على دعم مادي في الإنتاج، لذلك فمهرجان الجونة تربطه علاقة قوية بالفيلم، وحتى عند عرضه في مهرجان فينسيا حضر صناع من الجونة بوصفهم منتجين ومشاركين، وأسعدني أنه عرض خلال الافتتاح الأخير".
لوحة على الظهر
وحول أصل الفكرة، لفتت بن هنية إلى أنها جاءت إليها من فنان بلجيكي معاصر "رسم على ظهر شخص لوحة فنية، وعرضها وهي على ظهر الرجل في معارض دولية، وإن كانت فكرة تقليدية فبكل تأكيد سأتراجع عن تقديمها، فأنا أحبذ الأفكار المبتكرة التي تحمل نوعاً من الغرابة، وتدمج الخيال في عوالم مختلفة، ولا أهتم بالتفكير إذا كانت الفكرة تجارية أم لا، فأنا يهمني أن أقدم عملاً يعجبني وفكرة تجذبني في البداية، بغض النظر عن تصنيف الفكرة من حيث تجاريتها أو شعبيتها أو غير ذلك".
وعن اهتمامها بتقديم قضايا أو أفكار تهم الجمهور، أشارت إلى أنها تهتم " جداً بالجمهور والأفلام الجماهيرية كما يقال، وأنا أصنع أفلامي للجمهور ولا أصنعها لنفسي أو لأصدقائي، فهدفي الأساس هو الناس واختيار موضوع يمسهم بشكل أو آخر، ولكن شرط أن يعجبني الموضوع، وأقدمه بصيغة جديدة ومبتكرة، وبأبعاد فنية تحمل عمقاً فنياً يضيف لي".
مرمى النيران
اختارت كوثر بن هنية التي كتبت أيضاً سيناريو "الرجل الذي باع ظهره" أن يكون بطل الفيلم شاباً سورياً، وكونها تونسية وتختار شخصية من سوريا، فهذا قد يضعها في مرمى نيران التعصب أو الاتهام بأنها تسيء للسوريين، وردت بحماسة، "ولماذا لا يكون البطل سورياً؟ وماذا إن كان أيضاً من أي جنسية أخرى غير تونسية، لقد كانت مناسبة للأحداث وأكثر منطقية، ولا أفهم سبب الخوف من تداول جنسيات عربية تخصنا كعرب في أعمالنا، و إذا كان الأميركيون يتحدثون عن قضايانا في أفلامهم، فلماذا نحن العرب لا نقدم قضايانا ونتجاوز الحدود، فأنا تونسية وأسافر إلى باريس وكثير من الدول، وأتعامل مع الجنسيات كافة، ولست وحدي فمثلي الملايين، ولهذا فالخيال لا بد من أن يتجاوز الجنسيات والسياقات والحدود الجغرافية، ولا داعي لأية تشنجات، فهذه حال غير صحية على الأقل في الفن".
اختارت بن هنية يحيى مهايني، وهو ممثل كندي من أصل سوري ليلعب دور البطولة أو شخصية سام علي، وعن قصة اختياره كشفت قائلة، "يحيى ممثل هاوٍ مثّل في بعض الأفلام القصيرة، ولكن بعد أن قدم معي تجارب الأداء وجدت أنه ممثل جيد جداً ومناسب للشخصية، وبعد اختباره وجدته ممثلاً كبيراً، وهو أكثر من سيعطي لشخصية سام قيمتها، ولهذا اخترته للبطولة من دون تردد".
مونيكا بيلوتشي
وعن لعب مونيكا بيلوتشي أحد الأدوار الرئيسة، وهل تم استثمار نجوميتها العالمية لمصلحة الفيلم. أضافت، "اختيارها كان أسهل شيء في العمل، وكانت أكثر الممثلين بساطة وسلاسة، وأخف عليّ من إيجاد يحيى البطل، واخترتها لأني أحبها جداً، وكانت مناسبة لشخصية ثريا، وأحببت أن أعمل معها، وهي تمتلك الأناقة والشموخ والبرود الذي تحتاجه الشخصية بالضبط، وقد رشحتها ثم عرضت عليها السيناريو لتقرأه، وهي لا تفكر أنها ستمثل في فيلم عربي أو غير عربي، بل تفكر في الدور وطبيعته لا في جنسيته، وقد قرأت السيناريو وعرفت من سيكون المخرج، ورأت عملاً لي، وهو فيلم "على كف عفريت"، ووافقت من دون شروط، وحتى أجرها لم تبالغ فيه، بل أخذت أجراً مثل باقي الممثلين من دون مغالاة لأنها نجمة عالمية".
وتابعت، "لم أختر مونيكا بيلوتشي لأستثمر نجوميتها العالمية، لأني لو كنت أريد استثمارها لأعطيتها الدور الأول، لكنها قدمت دوراً ثانوياً في الفيلم، أو بالأصح الدور الرابع بعد الشاب السوري وحبيبته والرسام، وفي التسويق للفيلم لم نستثمرها أيضاً، ولم يحدث وجودها النقلة التي يتخيلها البعض كتسويق مادي، لأنها كما قلت دور رابع وليس بطولة".
قضايا المرأة
قدمت بن هنية من قبل فيلم "على كف عفريت"، وطرحت قضية الاغتصاب، فهل بحكم كونها امرأة تعنى بقضية المرأة وتوليها اهتماماً خاصاً؟ أجابت، "أنا امرأة ومخرجة، ومن الطبيعي أن أكون مهتمه بالمرأة، ولكني عندما أكتب تجعلني الكتابة فوق الجنس والجنسية، فهناك شخصيات رجالية ومهنتي تجعلني أتقمص شخصيات وأكتب كلاماً عن أناس لا أعرفهم، ولهذا أعتبر أن الكتابة عابرة لحدود المرأة أو الجنس عموماً، وطبعاً لن أحصر نفسي في قضية واحدة، بل أحب أن أكتب وأقدم جميع الأجناس والشخصيات والجنسيات، وفعلاً تناولت قضية المرأة والاغتصاب في فيلم "على كف عفريت"، وأتطرق إلى قضية إنسانية أخرى في الرجل الذي باع ظهره، وفي عمل آخر قد تكون قضية الجنس والجنسية فيه مختلفة بكل تأكيد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السينما المصرية
وعن متابعتها للسينما المصرية والنجوم الذين يمكن أن تتعاون معهم من مصر أضافت، "أتابع كل أنواع السينما في العالم سواء في مصر أو غيرها، ولا أنكر تأثير السينما المصرية عليّ، فهي من شكلت وجداني منذ طفولتي، وكنت أتابع أفلام فاتن حمامة ورشدي أباظة وأتابع سينما الزمن الجميل، وأحلم أن أقدم عملاً للسينما المصرية، أما بالنسبة للنجوم المصريين الذين أود التعامل معهم فسيكون الحكم الأخير للقصة وطبيعة الدور، مع تقديري للجميع ورغبتي في أن أتعاون مع معظمهم".
وعن تعاونها المقبل مع النجمة هند صبري أضافت، "فيلمي القادم مع هند اسمه "بنات ألفة"، على أننا نعتبر هنداً ممثلة مصرية وتونسية في الوقت نفسه، والفيلم وثائقي بإنتاج تونسي".
واختتمت كوثر حديثها برأيها في تجارب الممثلين التونسيين في مصر، مثل هند صبري وظافر عابدين ودرة، معتبرة أنها "تجارب ناجحة جداً لأن الإنتاج الفني في تونس قليل جداً، ولا بد للممثل التونسي من العبور من بوابة ضخمة، مثلما حدث مع نجوم كثيرين تونسيين، حققوا نجاحاً في مصر بشكل كبير".