قال علماء بريطانيون إنهم لم يعثروا على أثر لفيروس كورونا على الأسطح وفي الهواء داخل أنفاق مترو لندن أو في حافلات النقل (الباصات) بالعاصمة. وكان علماء من "كلية لندن الإمبراطورية" Imperial College London قد بدأوا بإجراء فحوص شهرية على شبكات النقل، إذ قاموا خلالها بمحاكاة حركة الركاب وسلوك وجهاتهم، وأخذوا مُسحات وعينات من المصاعد والدرابزين والمسكات ومحطات انتظار الحافلات والآلات التي تمرر عليها بطاقات النقل العام (لتسجيل الدخول والخروج). وهذه المرة الثانية التي تأتي فيها نتائج الفحوص سلبية وذلك بعد إجرائها في محطتي واترلو Waterloo، وأوستون Euston، وفي "خط النقل الشمالي" Northern Line. كما استخدم العلماء جهاز استشعار خاص يمتص الهواء من الجو عبر مصفاة على مدى ساعة كاملة وبمعدل 300 ليتر في الدقيقة – أي أعلى من نسبة الهواء الذي يمكن للإنسان أن يتنشقها.
وفي سياق متصل، كانت "دائرة النقل في لندن" Transport for London قد أعلنت تكثيف أنظمة وطرق التنظيف التي تعتمدها، بيد أن الدائرة حثت المواطنين على التزام المباعدة الاجتماعية وارتداء كمامات الوجه، واعتبرت أن هذه الأمور، إضافة إلى الأجواء النظيفة، ما زالت ضرورية. وذكرت ليلي ماتسون، رئيسة قسم سلامة الصحة والأجواء في "دائرة النقل في لندن" TFL، أن نتائج الفحوص السلبية تمثل "طمأنة كبيرة" لدائرة النقل كما للزبائن الذين يستخدمون وسائل النقل المشترك في تنقلاتهم الضرورية خلال الحجر الثاني الذي تشهده البلاد لمواجهة كورونا. وقالت ماتسون "أعتقد أن مترو الأنفاق والحافلات آمنان للاستخدام. إذ إننا اعتمدنا مجموعة ضخمة من التدابير، من التنظيف إلى رفع العينات والتعقيم وصولاً إلى استخدام بخاخات ورذاذ مضاد للفيروسات". وتابعت "علينا مواصلة الجهود ومتابعة تجنب كل خطر متأت من كل هذا (جائحة الفيروس)".
أما بالنسبة للعلماء فإن البروفيسور السير روي أندرسون، عالم الأوبئة في "كلية لندن الإمبراطورية" والذي لم يشارك شخصياً في إعداد الدراسة، قال إن لمس الأسطح لا يعتبر "مسألة أساسية" في انتقال فيروس كورونا. وفي حديث مع صحيفة "إيفنينغ ستاندرد" Evening Standard ذكر البروفيسور أندرسون أن "المسألة الأساسية تتمثل في تصرفاتنا كأفراد وجماعات. في الأمكنة المفتوحة تنخفض احتمالات انتقال العدوى والفيروس مقارنة بالأمكنة المغلقة. فتلك الجزيئات (قطرات العدوى التي تحوي الفيروس) تنتقل في الجو. وهذا يشكل التفصيل البسيط والأكثر أهمية". وتابع "طبعاً ينبغي الانتباه للأسطح الملوثة وأخذ الحذر منها. لكن بحسب رأيي الشخصي فإن مسألة العدوى ترتبط أكثر بالرذاذ المنتشر بالجو، خصوصاً حين نتنشق تلك القطرات أو القطيرات الدقيقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهة أخرى كان مفوض "دائرة النقل في لندن" TFL، أندي بايفورد، دعا سكان لندن الشهر الفائت إلى العودة لاستخدام شبكات النقل المشترك إثر التأكد من انعدام وجود آثار للفيروس فيها. وقال في هذا الصدد "نحن جاهزون حين تستعدون. فشبكات النقل آمنة، ونحن نشجع الناس على استخدامها". وقد سبق لأبحاث أجريت حول علاقة شبكات النقل بالفيروس أن توصلت إلى أن حظوظ التقاط الفيروس في عربة قطار تُقدر بحالة واحدة من أصل 11 ألف حالة، وذلك بحسب "مجلس سلامة السكك الحديدية ومعايير السلامة" Rail Safety and Standards Board. وقد استندت الدراسة إلى فرضية تنقل شخص من دون ارتداء كمامة للوجه في قطار لمدة ساعة مع 44 راكباً آخر، وبتبديل مرة واحدة لـ 22 راكباً [ركاب يغادرون المقصورة ويصعد ركاب جدد غيرهم]. بيد أن "مجلس سلامة السكك الحديدية ومعايير السلامة" RSSB كان ذكر الشهر الفائت أن المخاطر العامة للإصابة ازدادت إثر تلك الدراسة.
أما "دائرة النقل في لندن" TFL من ناحيتها فقالت إنها ستستمر بإجراء الفحوصات الشهرية وذلك للسيطرة على الفيروس في شبكات النقل وضمان سلامة الركاب والمسافرين. وتأتي نتائج الفحوصات الجديدة اليوم تزامناً مع دخول إنجلترا في تدبير إقفال عام (حجر) ثانٍ يشمل البلاد، فارضاً القيود على أشكال السفر والتنقل، ومُجيزاً فقط الأساسي والضروري منها. وإثر إعلان الحكومة عن تدابير الحجر الجديدة، جرت يوم الأحد الموافقة على خطة إنقاذ ثانية ورزمة دعمٍ لـ"دائرة النقل في لندن"، حيث بلغ الدعم هذه المرة 1.7 مليار جنيه استرليني، وذلك في مسعى لتجنيب شبكة النقل المشترك شح الموارد المالية تزامناً مع دعوة سكان لندن إلى البقاء في منازلهم، أو استخدام الدراجات الهوائية أو اعتماد السير على الأقدام للذهاب إلى الوظائف الأساسية.
© The Independent