Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المطر نعمة ولدى نازحي غزة نقمة

برد وسيول وتوالي المعاناة

أغرق المطر خيام النازحين (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

سرق المنخفض الجوي من نازحي غزة مصدر الطاقة الوحيد وسلب المطر الأغطية والأمتعة فضلاً عن إغراق خيامهم.

أمام خيمة قماشية يقف حمزة يتفقد أحوال الطقس ويتمتم، "السماء ملبدة بالغيوم، من الصعب أن نرى الشمس اليوم". يتأفف ويتفقد لوحة الطاقة الشمسية والبطاريات الموصولة بها، وبجهد يحاول تشغيل منظومة الكهرباء البسيطة، لكنه عبثاً يحاول.

يشد حمزة على ملامح وجهه حتى تظهر تجاعيد جبينه ويقول، "لقد سرق المطر مصدر الكهرباء الوحيد"، ثم يدخل الخيمة التي باتت مكان سكنه بدلاً من بيته الذي دمرته إسرائيل في حربها على غزة، ويفتح شباكاً مصنوعاً من القماش وبعض الأخشاب التالفة.

 

الغيوم وشحن الهواتف

استغل حمزة امتلاكه لوح طاقة شمسية وبطاريات وصنع منظومة كهرباء صغيرة وحولها إلى مشروع تجاري يكتسب منه القليل من المال، إذ يشحن للنازحين مثله الذين هربوا من شمال غزة نحو المنطقة الإنسانية مستلزماتهم الكهربائية البسيطة.

أمام خيمة حمزة يصطف عشرات النازحين وينتظرون أن يفتح الرجل الشباك ليسلموه هواتفهم المحمولة وبطارياتهم التي يعاد شحنها وبعض مصابيح الإنارة القابلة لإعادة الشحن، إذ لا مصدر طاقة في غزة سوى تلك المشاريع التي تعتمد على الشمس.

يطأطئ حمزة رأسه ويقول للحشد أمام خيمته، "أنا آسف، الطقس ممطر اليوم، ولا يمكن تشغيل منظومة الكهرباء، السماء ملبدة بالغيوم، اعذروني، ستقضون يوماً كما الحياة البدائية، من دون هواتف ولا أي مصدر إنارة".

 

14 شهراً من دون كهرباء

بمجرد ما انتهى حمزة من تقديم اعتذاره هطل المطر على رؤوس النازحين، ففروا جميعاً يتفقدون خيامهم وهم يدركون أن هواتفهم التي ظهر عليها إشعار تحذير بسبب انخفاض البطارية ستغلق بعد قليل ولن يستطيعوا التواصل مع بعضهم وإجراء مكالماتهم الهاتفية.

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة كإجراء عقابي على هجوم "حماس"، ثم بعد أيام قامت طائرات حربية بقصف أهداف رئيسة لشركة الكهرباء، مما تسبب في أعطال كبيرة فيها، كما منعت إدخال الوقود لتشغيلها، مما أدى إلى توقفها نهائياً وخروجها من الخدمة، ليصبح قطاع غزة بأكمله من دون كهرباء، ويعيش منذ 14 شهراً من دون أي مصدر طاقة.

واعتمد السكان على البديل الوحيد المتوافر، وهو الطاقة الشمسية لشحن جوالاتهم وأجهزتهم البسيطة.

وأدت الحرب إلى تهافت الغزاويين المقتدرين على شراء ألواح الطاقة الشمسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خيام بلا إضاءة

فرحة الغزاويين بالكهرباء لم تكتمل، إذ حل الشتاء من جديد، وعادت الغيوم إلى السماء ضيفاً ثقيلاً، وحرمت النازحين من مصدر الطاقة الشمسية، ومنعتهم من شحن مستلزماتهم، وكان لهذا أثر وخيم على حياة أصحاب الخيام.

يقول وائل، "أشحن هاتفي وبعض المصابيح التي بها بطاريات قابلة لإعادة الشحن من أجل استخدامها خصوصاً في ساعات الليل، لكن الغزاويين في ظل الأجواء الشتوية وغياب الشمس خلال الأيام الماضية باتوا يعيشون ظروفاً صعبة، بعدما توقف عنهم المصدر الوحيد المتبقي للكهرباء".

منذ يومين يمر منخفض جوي كلاسيكي عابر على سماء غزة، وذلك كما وصفته دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية التي أصدرت تحذيراً مبكراً للنازحين في القطاع لتدبر أمورهم وتفقد خيامهم من تأثير هذا المنخفض، لكن لم يعبر المنخفض الجوي بأمطاره ورياحه بسلام على خيام النازحين المنهكة، وكان ثقيلاً على قلوبهم المزدحمة بهواجس الشتاء الذي يزورهم للعام الثاني على التوالي في ظل حرب القطاع.

تداعيات مختلفة

تسببت الغيوم في عدم شحن رجائي بطاريته لاستخداماته البسيطة، وأمضى هذا النازح ليالي المنخفض الثلاث من دون كهرباء، "غالبية الخيام كانت مظلمة، كان مشهداً قاسياً، لقد عاد سكان غزة إلى العصر الحجري فعلاً". وتتابع دانا الحديث، "لم نستطع شحن هواتفنا بعدما حل الغيم ضيفاً ثقيلاً علينا وسلب منا أشعة الشمس التي تشغل منظومة كهرباء الطاقة الشمسية، كما أنني لم أتمكن من شحن بطارية أعتمد عليها للإنارة ليلاً، لقد قضيت ليلتي أتحسس الأغراض في الخيمة. أجبر الغيم النازحين على المبيت في فراشهم باكراً".

تقول بسمة، "جلست في فراشي عند السادسة مساءً، ثم غفوت بعد ربع ساعة، كنت أسهر طويلاً حتى منتصف الليل، لكن الجوالات مغلقة ولا إنارة بسبب المنخفض الجوي".

لساعات طويلة سقط المطر وأغرقت خيام النازحين، لكن أبشع ما حصل ترويه فاطمة، "تعرضت خيمتنا للغرق، ولم يكن لدينا أي مصدر إنارة نستطيع من خلاله تحديد أماكن تسرب المياه".

سرق أمتعة

ومع اشتداد المطر جرفت المياه أمتعة النازحين البسيطة وبللت الأغطية. يقول شاهر، "خيمتي مصنوعة من القماش، ودخل المطر علينا وسرقت المياه مقتنياتنا البسيطة وأتلفتها".

وبينما كان محمد يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه داخل خيمته التي أصبح كل شيء فيها مبتلاً يقول، "لم يتبقَ إلا أن يبتلعنا البحر. نازحو غزة في مواجهة البرد والأمطار وأمواج البحر والقصف والجوع وغلاء الأسعار". ويضيف "انهارت الخيمة التي نحتمي بها. جميع الثياب والبطانيات والفراش والأغطية جرفتها المياه. لقد نمنا ليلتنا في الشارع بملابس مبللة".

وسط هذه الجواء يقول المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، "الخيام ليست حلاً للنازحين، ويجب توفير كرفانات إيواء لمساعدتهم في موسم الشتاء، هذا المنخفض الجوي أتلف 81 في المئة من خيام النازحين، هناك 110 آلاف خيمة من أصل 135,000 خيمة في حاجة إلى استبدال فوري عاجل نتيجة الاهتراء".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير