واجهت بعض الدول المصدرة للنفط عديداً من العقبات بعد تخفيض الإنتاج، الأمر الذي أثار تساؤلات بعض الدول الموقعة على تحالف "أوبك+"، حول ما إذا كان يجب تمديد تخفيضات الإنتاج لمدة أطول أم لا.
وقد يشهد تحالف الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، والمنتجين من خارج المنظمة (أوبك+) انقسامات داخلية خلال اجتماعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بحسب "رويترز"، لكن متخصصين في شؤون النفط، استطلعت "اندبندنت عربية" آراءهم أكدوا أن أسواق النفط قد تتجه للهبوط، خوفاً من التأثير السلبي على النمو الاقتصادي والطلب على النفط، ما قد يزيد الضغوط على "أوبك+" لمراجعة قرار تقليص التخفيضات في يناير (كانون الثاني) 2021.
تأثيرات كورونا
بدأت أعراض إصابة سوق النفط بآثار الموجة الثانية من كورونا (كوفيد-19) بالظهور على أسعار الخام، حتى وصل إلى ما دون 40 دولاراً أميركياً للبرميل الواحد.
ويؤكد المتخصص في الشؤون النفطية، محمد الشطي، أن "مرحلة الخطر قد رحلت بسلام، أما الآن فإجراءات العزل والتباعد تمثل تحدياً أمام تعافي الطلب، فقد تراجع الطلب مع زيادة العرض، ما أسهم بشكل عام في تقليص وتيرة السحوبات من المخزون النفطي بأقل من التوقعات، فارتفعت الضغوط على الأسعار منذ سبتمبر (أيلول)، لكن الجميع يتفق على أن الأسوأ قد تم تجاوزه" .
ومن جانبه، أشار المتخصص في شؤون الاقتصاد والطاقة، المهندس عايض آل سويدان إلى أن الأسعار تعكس الأسواق التي يسودها نوع من التخوف لضبابية الفترة القادمة، وهي نتيجة لعدة أسباب، منها "الموجة الثانية لـ(كوفيد-19)، وعدم تعافي الطلب بالشكل الكافي، وعودة الإنتاج الليبي، وتغير المشهد السياسي في الولايات المتحدة بعد الانتخابات".
ليبيا شبح الأسواق الجديد؟
عودة ليبيا إلى الإنتاج بنحو 800 ألف برميل يومياً، وسط توقعات بارتفاعه تدريجياً، وصولاً إلى مليون برميل في اليوم الواحد قبل نهاية السنة، تركت بصمتها على الأسواق العالمية، إذ أكد آل سويدان أن "هذا الأمر سيكون بلا شك ضربة أخرى لأسواق النفط لأنه يعني زيادة المعروض، لا سيما عند إبقاء منظمة (أوبك) وحلفائها على اتفاقية (أوبك+)، التي تنص على رفع الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً بداية العام المقبل، وعودة النفط الليبي ستؤثر بالتأكيد على مستوى التخفيض الحالي لما بعد 2020، أو إدخال طرابلس في الاتفاقية".
فائض الأسواق
بعد التخوفات من رفع الإنتاج وتذبذب أسعار النفط عالمياً، ونشوء فائض في الأسواق بشكل كبير، لفت الشطي إلى أن "أوبك+" أوجدت آلية فعالة لمراقبة السوق بشكل دوري، حسب البرنامج الذي تم وضعه في اجتماع أبريل (نيسان) الماضي، وأسهم ذلك في إيقاف انهيار الأسعار وعودتها لمسار التعافي في أجواء من التفاؤل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "عالجت الاتفاقية مسألة رفع الإنتاج بطريقتين، الأولى ارتفاع نسب الالتزام لدول "أوبك+"، وشهدت نسباً تفوق المئة في المئة خلال الشهرين السابقين، ما أكد مصداقية "أوبك+" وحرصها على تقييد الإنتاج، والثانية هو إيجاد آلية لتعويض الزيادة في الإنتاج للدول التي لم تلتزم بحصصها وفق آلية محددة استعدت لها الدول المتحالفة".
واعتبر الشطي أن التصريحات المنسوبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تأجيل رفع الإنتاج، وبعض الدول المنتجة مثل السعودية والجزائر والعراق، كانت لها انطباعات إيجابية على سوق النفط العالمي.
الاجتماع الفاصل
تترقب الدول المنتجة والمستهلكة للنفط اجتماع "أوبك" وحلفائها المقرر انعقاده في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ويتوقع آل سويدان مزيداً من التعاون بين أعضاء المجموعة بهدف دعم استقرار الأسواق، منبهاً إلى أنه من المرجح تمديد قرار خفض الإنتاج الحالي لما بعد 2020. بينما يرى الشطي أنه من الصعب التكهن بنتائج الاجتماع المقبل.
تزايد الضغوط
من جانبه، قال عمر النقيب، الاقتصادي الأول في وحدة أبحاث بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط تعرضت مرة أخرى للضغوط في ظل تزايد الحالة الضبابية لتوقعات الطلب، مع الموجة الثانية من حالات الإصابة بالفيروس في فصل الخريف.
وأضاف النقيب في مذكرة بحثية، أن الأسواق أصيبت بخيبة أمل نتيجة فشل الكونغرس الأميركي في إقرار مشروع قانون التحفيز المالي لمواجهة تداعيات الجائحة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية.
وأشار إلى أن هذا العامل أدى إلى تراجع سعر مزيج خام برنت، المعيار القياسي لتسعير النفط العالمي، إلى أقل من 40 دولاراً، وصولاً إلى 37.5 دولار للبرميل بنهاية تداولات شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وهي المستويات نفسها المسجلة في أواخر مايو (أيار) الماضي.