بدأت السلطات البريطانية خلال الأيام الأخيرة إجراء اختبارات فيروس كورونا من النوع الذي تم اعتماده في ليفربول، على نطاق جماعي واسع، بحيث شملت مدناً عدة منها لندن ومانشستر وبيرمنغهام، وذلك بعدما سجلت المملكة المتحدة أكبر حصيلة يومية للوفيات بالمرض منذ منتصف مايو (أيار) الماضي.
وقد حدد مات هانكوك وزير الصحة البريطاني 67 منطقة في إنجلترا، سيتم تسليم مجالسها المحلية وحدات اختبار الفيروس السريعة (تعطي النتيجة في أقل من نصف ساعة) بما يكفي لفحص نحو 10 في المئة من سكانها كل أسبوع.
وتشير هذه الخطوة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لا يريد أي تلكوء في حملته التي أطلق عليها اسم Operation Moonshot (عملية طلقات القمر) والهادفة إلى كبح جماح الموجة الثانية من فيروس كورونا من خلال إجراء اختبارات جماعية، على الرغم من الإعلان عن إمكان توافر لقاح للمرض مع حلول نهاية السنة.
وبرزت في المقابل خطط إجراء اختبارات واسعة النطاق في أوساط طلاب الجامعات في إنجلترا، في الأسبوع الذي يبدأ في الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتمكينهم من العودة إلى منازلهم بأمان من أجل قضاء فترة الميلاد مع أسرهم.
وأوضحت وزيرة الجامعات البريطانية ميشيل دونيلان في رسالة بعثت بها إلى قادة التعليم العالي في البلاد أن الاختبارات ستكون سريعة وسهلة الإجراء، وستكون نسبة النتائج الإيجابية الخاطئة فيها لجهة الإصابة بالعدوى متدنية.
وكانت قد سُجلت يوم الثلاثاء الفائت 532 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، وهي أكبر حصيلة وفيات يومية منذ نحو ستة أشهر. وتم في المقابل تسجيل 20412 إصابة بالفيروس، واستقبال أكثر من 13 ألف مريض في المستشفيات.
في الوقت نفسه، خصصت الحكومة البريطانية نحو 43 مليار جنيه استرليني (حوالى 56 مليار دولار أميركي) للشركات للمساعدة في تنفيذ وعد رئيس الوزراء بتأمين "ملايين" الاختبارات يومياً للتمكن من تحديد الأشخاص الحاملين للفيروس من دون ظهور أعراض المرض عليهم.
ويشمل الرقم المخصص عقداً بنحو مليار جنيه استرليني (حوالى 1.3 مليار دولار) لتوريد الاختبارات المعروفة بـ"مقاييس الفحص المناعي وفق التدفق الأفقي" lateral flow tests ، وهي من النوع الذي استخدم في ليفربول، إضافة إلى مناقصة تخص هيئة "الصحة العامة في إنجلترا" بقيمة تصل إلى 22 مليار جنيه استرليني (حوالى 28 مليار دولار) لشراء معدات اختبار، وأخرى تصل قيمتها إلى 20 مليار جنيه استرليني (حوالى 26 مليار دولار) لـ"سلسلة التوريد في هيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS Supply Chain ، تتعلق بالاختبارات المخصصة لنقاط الرعاية الصحية ومعدات التشخيص.
وتشكل قيمة العقود مجتمعةً التي تمتد إلى سنوات، ثلاثة أضعاف الموازنة السنوية للشرطة في إنجلترا وويلز، على الرغم من أن مصادر وزارة الصحة البريطانية أكدت أنه قد لا يتم بالضرورة إنفاق معظم هذه الأموال.
ويُجرى في الوقت الراهن طرح "اختبارات التدفق الأفقي" على الرغم من وجود بعض الصعوبات في توسيع نطاق العمليات في ليفربول لتشمل 50 ألف فحص يومياً، في إطار تحقيق الأهداف الحكومية الطموحة لاختبار جميع سكان البلاد في غضون أسبوعين.
وقد تم في الأيام الثلاثة الأولى اختبار نحو 23170 شخصاً، بعد افتتاح المراكز الستة الأولى في المدينة يوم الجمعة. وطُلب من 154 شخصاً فقط - 0.7 في المئة - بأن يقوموا بعزل أنفسهم ذاتياً بعدما جاءت نتيجة اختبارهم إيجابية لجهة الإصابة بعدوى "كوفيد-19".
وافتتحت السلطات 12 موقع اختبار آخر على أن يليها المزيد، بعدما لوحظ وقوف الناس في صفوف انتظار طويلة بلغت مدتها 45 دقيقة أو أكثر في اليوم الأول، وانضم أفراد من القوى العسكرية إلى جهود توفير الاختبارات.
وفي هذا السياق، تم إرسال أكثر من 600 ألف وحدة اختبار هذا الأسبوع إلى أحياء العاصمة لندن، إضافة إلى المناطق الساخنة التي تفشى فيها الوباء في الشمال الغربي وميدلاندز ويوركشير، حيث تلقت المجالس المحلية وعداً بإمدادات إضافية كافية لاختبار 10 في المئة من سكانها أسبوعياً. وتعهدت الحكومة أيضاً بتزويد الإدارات المفوضة في الأقاليم (الإدارات المستقلة التي نُقلت إليها السلطة) بمخصصات مالية لشراء وحدات اختبار من أجل تكثيف الفحوصات في كل من اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية.
ويمكن لهذا النوع من الاختبار المعتمد، الذي يشبه تقنية كشف الحمل، أن يظهر نتيجة الفحص في غضون 20 دقيقة، ويؤمل أن يتم من خلاله تخفيض مدة التأخير في تحديد الأشخاص المصابين وكذلك الذين كانوا على اتصال وثيق معهم، وإبلاغهم بوجوب القيام بعزل ذاتي.
ومن غير المتوقع أن يؤدي الشروع في الاختبارات إلى فحص مجمل السكان في غضون 10 أسابيع، بحيث يُرجح أن يتم اختبار المجموعات السكانية ذات الأولوية والفئات المعرضة لخطر الإصابة بالعدوى بشكل متكرر، في حين قد يصعب الوصول إلى مجموعات أخرى. ومُنحت المجالس المحلية بشكل فردي، مرونة في تحديد طريقة نشر الإمدادات والجهات التي يتعين اختبارها، وذلك وفق الظروف المحلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي توضيح رسمي قال وزير الصحة مات هانكوك: "قمنا في الأسبوع الماضي، بإجراء اختبارات جماعية في ليفربول باستخدام تقنية جديدة وسريعة من شأنها أن تساعدنا في الكشف عن هذا الفيروس بشكل أسرع من أي وقت مضى، حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض العدوى. إن الاختبار الشامل يُعد أداة حيوية لمساعدتنا في السيطرة على تفشي المرض والعودة إلى نمط حياة أكثر طبيعية".
وأضاف هانكوك: "يسعدني القول إنه سيتم الآن إرسال 10 آلاف وحدة متخصصة في خدمة "الاختبار والتتبع" NHS Test and Trace إلى أكثر من 50 مديرية مرتبطة بقطاع الصحة العامة، في إطار استراتيجيتنا المعتمدة لاختبار الأفراد الذين لا تظهر عليهم أعراض. أود أن أشكر جميع مديري الصحة العامة على دعمهم والجهود التي بذلوها خلال الأشهر الماضية في مساعدتنا على التصدي لهذا الفيروس والسيطرة عليه، واستعادة الاستقرار والحياة الطبيعية في البلاد".
المجلس المحلي في مدينة ولفرهامبتون رحب بالإعلان الحكومي حول الاختبارات السريعة. وقال مدير الصحة العامة فيها جون دينلي إن المدينة "أعربت عن اهتمامها" بجلب الاختبارات إلى ولفرهامبتون بعد مراقبة نتائج النموذج الأولي في ليفربول، وتوقع وصول وحدات الاختبار "في الأيام المقبلة".
في الوقت نفسه، قال جوني ماكماهون العضو في مجلس مقاطعة ستافوردشير: "إننا ملتزمون اغتنام أي فرصة لوقف انتشار العدوى. فمن خلال قيامنا بتوسيع نطاق الاختبارات، سنتمكن من تحديد مزيد من الأشخاص المصابين بالفيروس الذين يتوجب عليهم أن يعزلوا أنفسهم، الأمر الذي سيؤدي إلى وقف انتشار الفيروس وخفض عدد حالات الإصابة بالمرض".
© The Independent