أعلن المغرب الجمعة، 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، إطلاق عملية عسكرية في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء الغربية على الحدود مع موريتانيا، من أجل "إعادة إرساء حرية التنقل" المدني والتجاري في المنطقة، مديناً "استفزازات" جبهة "بوليساريو"، التي أعلنت بدورها انطلاق "الحرب".
وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية، إن هذه العملية تأتي بعد عرقلة أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول)، الطريق الذي تمرّ عبره خصوصاً شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
"الحرب بدأت"
في المقابل، قال وزير الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك، في اتصال هاتفي من العاصمة الجزائرية مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن "الحرب بدأت. المغرب ألغى وقف إطلاق النار" الموقّع في عام 1991. وأضاف، "إنه عدوان"، مؤكداً أن "القوات الصحراوية تجد نفسها في حالة دفاع عن النفس وتردّ على القوات المغربية".
والنزاع في الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في أفريقيا، حيث استرجع المغرب الصحراء من الاستعمار الإسباني في عام 1975، لتتأسّس جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام واحد وترفع السلاح مطالبةً بانفصال الإقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات، ويُعتقد أن فيه مكامن نفطية.
وفشلت كل جهود السلام التي قادتها الأمم المتحدة، لكنها نجحت في فرض اتفاق وقف إطلاق النار في عام 1991. والكركرات منطقة عازلة تقوم فيها قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، بدوريات بانتظام.
ويقترح المغرب الذي يسيطر على 80 في المئة من مساحة الصحراء الغربية، حكماً ذاتياً للإقليم تحت السيادة المغربية، لكن جبهة البوليساريو تطالب بالانفصال التام عن المغرب.
عرقلة حركة التنقل
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بيان الخارجية المغربية إن "البوليساريو وميليشياتها التي تسلّلت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر، قامت بأعمال عصابات هناك وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على المراقبين العسكريين للمينورسو"، بعثة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة احترام اتفاق وقف إطلاق النار.
أضاف، "المغرب قرّر التحرّك في احترام تام للسلطات المخولة له" أمام هذه "الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة"، من أجل "وضع حدّ لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري".
سد الثغرات وتأمين حركة المرور
وأوضح مسؤول في وزارة الخارجية المغربية، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن أفراداً من الهندسة المدنية التابعة للقوات المسلحة الملكية انتشروا على حوالى 10 كيلومترات "لسد ثغرة" في الجدار الدفاعي الذي يفصل طرفي النزاع، بهدف "منع أي دخول للمنطقة".
وقال مصدر رفيع المستوى لوكالة "رويترز"، إن "الجيش المغربي قرر أن يتدخل لرد ميليشيات البوليساريو عن المنطقة بعد أن استنفدنا الصبر والحكمة"، مضيفاً عبر الهاتف، "تدخّل الجيش لا يكون دائماً عن طريق حمل السلاح، وإنما القرار الآن أن يبني الجيش حواجز رملية لسد الثغرات وتأمين مرور الشاحنات والمدنيين".
وأشار المصدر إلى أن "حمل السلاح مستبعد"، مضيفاً "المغرب ينتهج مقاربة مطابقة للشرعية الدولية ولا يخضع للاستفزاز".
سائقون مغربيون عالقون
وكان حوالى 200 سائق شاحنة مغربي وجّهوا الأسبوع الماضي نداء استغاثة إلى كل من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنهم عالقون في معبر الكركرات الواقع بين موريتانيا والصحراء الغربية.
وقال السائقون إنهم عالقون في الجانب الموريتاني بعدما "منعتهم ميليشيات تابعة لانفصاليين" من عبور منطقة الكركرات أثناء عودتهم عبر الحدود البرية مع موريتانيا.
وهددت جبهة بوليساريو، الاثنين، بإنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع الرباط إذا "أدخلت" المملكة عسكريين أو مدنيين إلى منطقة الكركرات العازلة.
وشهدت المنطقة في الماضي توتراً حاداً بين بوليساريو والمغرب، خصوصاً مطلع عام 2017. وتحتج جبهة بوليساريو على عبور هذه النقطة التي يعتبرها الجانب المغربي حيوية للتبادل التجاري مع أفريقيا جنوب الصحراء.
فرنسا تدعو "لفعل كل ما يمكن تجنّباً للتصعيد"
ودعت فرنسا الجمعة إلى "فعل كل ما يمكن تجنّباً للتصعيد" في الصحراء الغربية.
وقالت وزارة الخارجيّة الفرنسيّة لوكالة فرانس برس إنّ "فرنسا تدعو اليوم إلى فعل كلّ ما يمكن لتجنّب التصعيد والعودة إلى حل سياسي في أقرب وقت".