خرج دومينيك كامينغز من داونينغ ستريت في مشهد أخير تصدر عناوين الصحف بعد خسارته معركة على النفوذ، وطلب بوريس جونسون المزعوم منه "ألا يعود" أبداً.
وخرج المساعد المثير للجدل وهو يحمل صندوقاً وضع فيها أغراضه المكتبية من مقر رئاسة الوزراء، وأخبر حلفاءه أنه راحل إلى الأبد، مع أنه يُعتقد أنه سوف يواصل أداء مهامه لشهر إضافي.
وقد التقطت هذه الصورة الغريبة بعد أسبوع من الفوضى والاقتتال الداخلي نجم عنه تلاشي ثقة رئيس الوزراء بالسيد كامينغز على ما يبدو.
ويقال إن السيد جونسون يريد "تصفية الجو والسير قدماً" بعد هذه المغادرة، فيما أشارت تلميحات إلى أن رئيس الوزراء اتهم كامينغز وحليفه المقرب لي كاين بالمسؤولية عن الإحاطات السلبية الأخيرة عنه.
وتشير تقارير إضافية إلى أنه طُلب من كامينغز "الخروج وعدم العودة" بعد اجتماع مدو استمر 45 دقيقة في داونينغ ستريت.
وترد هذه الأنباء فيما انصاعت رئاسة الوزراء للضغوط التي مارسها النواب من أجل تعيين كبير موظفين يضبط العمل في مقر الحكومة، بعد الفوضى الهائلة والاضطراب الذي ساد خلال الأيام الأخيرة وأدى إلى نهاية السيد كامينغز.
وسوف يستلم هذه المهمة مؤقتاً إدوارد ليستر، المساعد الموثوق منذ الأيام التي شغل خلالها جونسون منصب عمدة مدينة لندن "بانتظار تعيين شخص دائم في المنصب".
وفي يوم ساده الارتباك، رفض داونينغ ستريت بدايةً الإفصاح عما إذا كان السيد كامينغز استقال رسمياً أو إذا كان سيقطع كافة الصلات بالمكان، وسط تلميح إلى أنه قد "يظل له موقع فيه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت الإحاطة اللاحقة الغاضبة حول تاريخ مغادرته إلى تصادم جديد ومحاولة محتملة لإرغامه (إلى جانب كاين، رئيس الاتصالات السابق في رئاسة الوزراء) على العمل لمهلة تعتبر فترة إشعار قبل مغادرة الوظيفة.
وأصر مصدر في رئاسة الوزراء على أن "دومينيك كامينغز، ولي كاين سيستمران في العمل لصالح رئيس الوزراء ومكتب الرئاسة حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول)".
وسرعان ما ظهرت روايات مختلفة عن اللقاء الأخير الذي جمع بوريس جونسون بمساعديه، فيما أشارت بعض التقارير إلى أن رئيس الوزراء أمر الثنائي بغضب "بالخروج وعدم العودة أبداً" بعد اتهامهما بالتشهير به وبشريكته كاري سيموندز.
فيما زعمت نسخة أخرى من الرواية عن "المواجهة" أن الثلاثي تبادل النكات والتقط الصور (التذكارية قبل رحيل كامينغز وكاين).
ومع ذلك، يسدل هذا الرحيل الستار على دور السيد كامينغز المركزي الكبير في قلب السلطة، بعد أن عُزي له الفضل بكونه نابغة الحملات المسؤول عن الفوز في استفتاء بريكست.
وقال مايكل هيزلتاين، نائب رئيس الوزراء المحافظ السابق المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، الذي بات الآن رئيس الحركة الأوروبية "خلال مقابلة أجريتها في مارس (آذار)، توقعت أن يرحل دومينيك كامينغز بحلول عيد الميلاد".
"لا يحضر في ذهني أي رجل آخر ألحق هذا القدر الكبير من الأذى بهذا البلد، خلال فترة قصيرة كهذه. لقد رتب على جيل كامل دفع ثمن بريكست".
وتحدث نواب حزب المحافظين من جانبهم كذلك (الذين يعزون له الفضل بالفوز المزدوج في استفتاء 2016 وحملة الانتخابات العامة 2019) عن الحاجة لإحداث تغيير.
وقد هاجمت تيريزا فيليه، وزيرة البيئة السابقة، "سلوكه الرافض" للوزراء والنواب، فقالت "هذه فرصة للابتعاد عن هذا الأمر والحصول على مقاربة فيها تعاون أكثر".
كما رحب بيرنارد جينكينز الذي يترأس لجنة الارتباط في مجلس العموم، بهذه الفرصة لاستعادة "الاحترام والنزاهة والثقة" التي كانت "مفقودة خلال الأشهر الماضية".
وقال "إنها فرصة لإعادة ضبط طريقة عمل الحكومة، والتركيز على بعض القيم حول ما نريد أن نعكسه كحزب محافظ داخل الحكومة".
وإذ قال إنه "لا يمكن لأي رئيس وزراء أن يتحمل تحول مستشار واحد إلى مادة مستمرة للأخبار"، أضاف السير برنارد "لست متفاجئاً من ناحية ما من انتهاء الموضوع بهذا الشكل. لا وجود لشخص لا يمكن الاستغناء عنه".
كما دعا روجر غايل، وهو نائب محافظ آخر، لتعيين كبير موظفين قوي، فقال "بكل صراحة، هذا لهو لا يمكن ولا يجب السماح به، وعلى رئيس الوزراء أن يمسك بزمام الأمور".
كما أعرب نائب كبير في البرلمان الأوروبي عن تفاؤله بتقليص خطر حصول بريكست بلا اتفاق الآن، مع خروج السيد كامينغز المتشدد، لكن (مصادر) داونينغ ستريت سرعان ما بددت هذا التلميح.
وقال فيليب لامبرت الذي شارك في لجنة بريكست داخل البرلمان الأوروبي، إن مغادرة السيد كامينغز هي "إشارة على الأرجح إلى أن السيد جونسون بدأ يغير موقفه وسوف يقبل في النهاية بشروط الاتحاد الأوروبي" من أجل إبرام اتفاق تجاري.
لكن الناطق باسم رئيس الوزراء قضى على هذا الزعم قائلاً "قطعاً لا. هذا خطأ بكل بساطة. فموقف الحكومة من مفاوضات الاتفاق التجاري المستقبلي لم يتغير".
وما زالت المفاوضات تقف عند طريق مسدود، فيما يحل الموعد النهائي بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي الخميس المقبل، حين يُعتقد أن بروكسيل قد تطرح عرضاً أخيراً "إما يقبلونه أو يرفضونه".
© The Independent