تمكّنت صحيفة "اندبندنت" ومدوّنة DeSmog التي تُعنى بمسألة الاحتباس الحراري في العالم، من كشف النقاب عن أن منظمة "إخبارية وإعلامية" مجهولة الهوية، تستخدم وسائل إعلانية متطورة على صفحات "فيسبوك"، بهدف الترويج لإنكار علم المناخ. هذه المنظمة أنشأها رئيس مركز أبحاث معروف بتأييده للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
المجموعة التي تطلق على نفسها اسم "إيكو سنترال" Eco Central، تستخدم كصورة غلاف لصفحتها على "فيسبوك"، صورة محرّفة لـغريتا ثانبرغ، الناشطة البيئية السويدية المعروفة دولياً بدفاعها عن المناخ. وقد وصفت تلك المجموعة السير ديفيد أتينبره، المذيع والمؤرّخ الطبيعي الذي وضع سلسلة برامج وثائقية عن حماية الطبيعة، بأنه "منافق بيئي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه المجموعة أنفقت آلاف الجنيهات الإسترلينية على إعلانات نشرت على صفحات "فيسبوك"، بما فيها إعلان يدّعي أن "تغيّر المناخ هو خدعة يلجأ إليها السياسيون ووسائل الإعلام والمشاهير"، وإعلان آخر يزعم أن تبدّل المناخ هو مجرّد "أخبار مزيفة تضر بأطفالنا".
وجاء في أحد الإعلانات الأخيرة التي نشرتها مجموعة "إيكو سنترال" أن "إثارة الذعر من التغيّر المناخي تسبب أضراراً نفسية وتدمر الطفولة. كفى، لقد طفح الكيل".
في هذا الإطار، تمكّن تحقيق مشترك أجرته صحيفة "اندبندنت" ومؤسسة "ديسموغ" للتحقيقات البيئية، من الكشف عن أن المنظمة المذكورة قد أنشأها ماثيو ماكينون، مدير "مركز دراسات ويلز" Centre for Welsh Studies، وهو مؤسسة أبحاث تؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتتخذ من مدينة كارديف مقرّاً لها.
وتوصّل التحقيق إلى أن ماكينون يدير حساب إعلانات "إيكو سنترال" على "فيسبوك". ويدرج كل من "مركز دراسات ويلز" ومجموعة "إيكو سنترال" العنوان ذاته على المواقع الإلكترونية العائدة إليهما.
ويضمّ المركز في مجلس مستشاريه عدداً من سياسيّي حزب "المحافظين"، بمَن فيهم النائب في مجلس العموم ديفيد جونز، الذي يتولّى أيضاً منصب نائب رئيس "مجموعة الأبحاث الأوروبية" European Research Group، والنائبان في البرلمان البريطاني الدكتور جيمس ديفيس وسارة أثيرتون، إضافة إلى أدريان مايسون، العضو في المجلس المحلي لمدينة Bay of Colwyn في ويلز.
وإلى جانب هؤلاء السياسيين من حزب "المحافظين"، يشارك في عضوية المجلس الاستشاري للمركز، باتريك مينفورد، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في كلية كارديف للأعمال في "جامعة كارديف".
وعلى الرغم من ذلك، قال ماكينون لصحيفة "اندبندنت" إن انخراطه في مجموعة "إيكو سنترال" لم يكن مرتبطاً بمركز الأبحاث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد تمّ بدلاً من ذلك، إنشاء الصفحة نيابة عن "عميل خاص" بواسطة شركته Consulate Communications Limited . واستناداً إلى السجل الرسمي للشركات في المملكة المتحدة Companies Houses، فإن "كونسوليت كوميونيكيشنز ليميتد" هي شركة علاقات عامة يديرها ماكينون وإدوارد سومنر، وهو مستشار سياسي سابق. أما العنوان المدرج للشركة، فهو نفسه المستخدم لدى كل من مجموعة "إيكو سنترال" و"مركز دراسات ويلز".
وقال لصحيفة "اندبندنت" إن "مشروع إيكو سنترال ليست له علاقة على الإطلاق بمركز دراسات ويلز. إنه مشروع تديره شركة كونسوليت كوميونيكيشنز ليميتد لمصلحة أحد زبائنها. وهي شركة منفصلة تماماً، تعمل مع عدد من العملاء في القطاع الخاص".
وأضاف: "إنه بالتحديد عقد خاص، وليست له علاقة بأي شكل من الأشكال بالأعمال التي نقوم بها أنا أو زملائي في مركز دراسات ويلز ذات المسؤولية المحدودة. وفي المقابل، إن أي إيحاء بأن مركزنا للدراسات يقف خلف إيكو سنترال هو غير صحيح". وقد رفض ماكينون طلباً بالكشف عن عميله الخاص لمجموعة "إيكو سنترال".
صفحة "إيكو سنترال" على "فيسبوك" لديها أكثر من 1500 متابع، وقد أنفقت ما يزيد على 3 آلاف جنيه إسترليني (نحو 4 آلاف دولار أميركي) على أكثر من 200 إعلان، منذ أن جرى تفعيلها على المحرك في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي، ووصلت إعلاناتها إلى نحو مليون شخص، بحسب مكتبة الإعلانات التابعة لـ"فيسبوك".
وتظهر بيانات الشفافية على المحرك العالمي للتواصل الاجتماعي أن الصفحة أنشئت أساساً في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2019 تحت اسم: Clean Brexit Cymru، قبل أن يُغيّر اسمها إلى "إيكو سنترال" هذه السنة.
وأشار ماثيو ماكينون في حديثه مع صحيفة "اندبندنت" إلى إن الصفحة "استعملها في الأصل مركز دراسات ويلز في حملة نظّمها عام 2019 تحت عنوان: Clean Brexit Cymru ، لكنها قُدّمت بعد ذلك إلى شركة كونسوليت كوميونيكيشنز ليميتد، لأنها لم تعد مستخدمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ديفيد جونز وهو نائب عن دائرة كلويد وست في ويلز جزم لصحيفة "اندبندنت"، ردّاً على طلب وجّه إليه للتعليق، بأنه "لم يسمع من قبل عن مجموعة إيكو سنترال"، وأن "لا علاقة تربطه بها". وأضاف أن أي تأكيد يشير إلى أنه يدعم "منظمة تنكر واقع تغيّر المناخ هو زائف تماماً".
وأردف: "لديّ سجل برلماني أؤكد فيه أنني مقتنع تماماً بأن النشاط البشري يؤثّر بشكل ملموس في التغيّر المناخي، إذ يسهم على نحو كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري. وانطلاقاً من الحرص على أجيال المستقبل، يتعيّن علينا أن نتخذ ما في وسعنا من إجراءات لمحاولة إبطاء هذه العملية والتكيّف معها. إنني أتمسّك بموقفي هذا بشكل كامل".
أما الدكتور جيمس ديفيز، وهو عضو في البرلمان البريطاني عن دائرة فالي أوف كلويد، فأكد هو الآخر لصحيفة "اندبندنت" أنه "لم يسمع أبداً" بـ"إيكو سنترال". وأشار إلى تصريح سابق كان قد أدلى به عن أزمة التغيّر المناخي عندما قال إن "سنة 2021 ستضع بريطانيا العالمية Global Britain (شعار وضعته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي للسياسة الخارجية للمملكة المتحدة بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي) في مقدمة اهتماماتها على المسرح العالمي، عندما نستضيف هذه القمة الدولية الكبرى لتغيّر المناخ في غلاسكو".
وأضاف، "من الأهمية بمكان ألا تكتفي الحكومة البريطانية بالعمل على تشجيع اتخاذ مزيد من التدابير الدولية المتعلقة بتغيّر المناخ، بل يتعيّن عليها أن تثبت قدرتها على ممارسة دور قيادي حقيقي من خلال ترجمة الطموحات التي تصبو إليها على أرض الواقع في داخل البلاد قدر الإمكان".
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة "اندبندنت" اتصلت بكل من سارة أثيرتون وأدريان مايسون والبروفيسور باتريك مينفورد لأخذ تعليقهم على الموضوع.
© The Independent