في 31 ديسمبر (كانون الأول) تنتهي المرحلة الانتقالية التالية لــ"بريكست"، سواء أُبرم اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي أم لا، وستبدأ المملكة المتحدة حياة خارج السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبيَّين.
واستناداً إلى ما يقوله لنا الخبراء الاقتصاديون جميعاً تقريباً، سيكون لذلك أثر اقتصادي كبير في حياة البريطانيين.
لكن ما هي هذه الآثار تماماً، وكيف سيشعر بها الناس العاديون؟
نسلط الضوء أدناه على السيناريوهيـْنِ الاثنين، سواء تم الاتفاق أم لا، حول مدى تأثير ذلك على أسعار البيوت وأقساط الرهون العقارية، وهما مجالان عادة ما يبرزان ثروة الناس وأوضاعهم المالية الشخصية في بريطانيا.
"بريكست" مع اتفاق
وفق مكتب مسؤولية الميزانية المستقل (OBR) التابع لوزارة المالية، ستشكل مغادرة الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاق للتجارة الحرة، عائقاً بعيد المدى للاقتصاد، حيث ستقلص الناتج الاقتصادي بواقع 4 في المئة مقارنة مع الوضع العكسي.
لكن هذا السيناريو يعني أن أي تعطيل قريب الأجل، بغض النظر عن الأثر الضخم لفيروس كورونا، سيتم تجنبه.
فخلال الإغلاق في وقت سابق من هذا العام، شهدت سوق العقار جموداً، وانهار عدد الصفقات في أبريل (نيسان).
لكن سعر بيع البيت المتوسط لم يتراجع هذا العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعززت السوق بفضل الإعفاء من ضريبة الدمغة، التي أعلن عنها وزير المالية في الصيف، وسيستمر (هذا الإعفاء) إلى مارس (آذار) 2021.
ويشير هذا كله إلى أن مغادرة الاتحاد الأوروبي مع اتفاق تجاري، أمر ناجح، لن يكون له على الأرجح، أثر سلبي قريب المدى في ما يتعلق بأسعار البيوت.
بالنسبة إلى الأجل الأبعد، فستُحَدد تكلفة الإسكان من خلال التوازن بين عرض بيوت جديدة (للبيع) والطلب عليها، وكذلك (مستوى) معدلات الفائدة.
فلا يُتوقع إذاً أن يؤثر "بريكست"، مدعم باتفاق مع الاتحاد الأوروبي، مباشرة على هذه العوامل الهيكلية الرئيسة لسوق العقار في بريطانيا.
أما بالنسبة إلى أقساط الرهون العقارية، فالتسديدات الخاصة بمعظم المقترضين، يحددها بشكل غير مباشر المعدل الوطني الرئيس للفائدة الذي يرسمه بنك إنجلترا.
وستمثل مغادرة (بريطانيا) الاتحاد الأوروبي مع اتفاق تجاري السيناريو الألطف، من وجهة نظر اللجنة التي تحدد هذا المعدل في المصرف.
فهي قد تقرب موعد رفع المصرف لمعدلات الفائدة، المرتبط بسيناريو عدم الوصول إلى اتفاق تجاري في 31 ديسمبر(كانون الأول). وهذا قد يرفع أقساط الرهون العقارية لأسر كثيرة.
لكن المصرف يتابع عن كثب تطور الاقتصاد ككل، فلا يزال هذا الأخير تحت قبضة حالة الطوارئ الخاصة بفيروس كورونا. وفي ضوء ذلك، لا تتوقع الأسواق المالية زيادات مهمة في معدلات الفائدة من قبل المصرف، سواء رافق "بريكست" اتفاق أم لا.
سيناريو "بريكست" من دون اتفاق
بالإضافة إلى تداعيات كورونا، هناك من يستشهد باستنتاجات المؤسسة الملكية للمساحين العقاريين القانونيين، التي تشير إلى أن سوق العقار قد تتأثر سلباً في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
لكن يصعب القول بأي مقدار من الثقة، إن أسعار البيوت ستهبط في حال حدوث "بريكست" من دون اتفاق، لا سيما في ضوء الصمود الاستثنائي لتلك الأسعار لفترة طويلة أثناء مواجهة أزمة فيروس كورونا، التي اعتُبرت كأكبر صدمة للاقتصاد البريطاني خلال 300 سنة.
وعلى صعيد أقساط الرهون العقارية، تتوقع الأسواق المالية حالياً، قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة إلى أقل من الصفر في الأشهر المقبلة للمساعدة في دعم الاقتصاد.
ويعتقد محللون كثر بأن "بريكست" من دون اتفاق قد يكون العامل الذي يدفع المصرف إلى تحديد معدلات سلبية للفائدة للمرة الأولى.
وفي حين لن تؤدي الأسعار السلبية للفائدة، على الأرجح إلى تراجع في متوسط تسديدات الرهون العقارية عن مستوياتها المتدنية جداً حالياً، فهي ستضمن أنها لن ترتفع.
وهذا قد يساعد في التخفيف من الضربة المالية، التي سيسببها بريكست من دون اتفاق لبعض الأسر.
لكن سيكون التهديد الأكبر للعاملين في بعض القطاعات، (مثل التصنيع، المعرضة بشكل خاص للصدمة التي ستنجم عن "بريكست" من دون اتفاق)، وسبل عيشهم هو احتمال فقدانهم لأعمالهم بدلاً من رفع تسديدات الرهون العقارية.
© The Independent