دعت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر بموضوعية في مقترحاته، موجهةً إلى بروكسل انتقادات ساخرة بشأن العرض "الهزلي" الذي طرحه على طاولة النقاش، والمتعلق بحصص صيد الأسماك المتنازع عليها في المياه الإقليمية. يأتي ذلك وسط أجواء من التوتر الشديد، في وقت يدخل الطرفان في ما يُعتبر الأسبوع الأخير من المفاوضات التجارية المتعلقة بمرحلة ما بعد "بريكست".
المقترح الذي طرحته بروكسل أثار سخط المملكة المتحدة بعد ورود تقارير تفيد بأن الاتحاد الأوروبي قد يقبل بخفض حصته من حقوق الصيد في المياه البريطانية بنسبة 15 إلى 18 في المئة فقط، ما يشير إلى أن توصل المحادثات إلى تقدم ملموس بشأن المواقف الصلبة للجانبين، ما زال غير مرجح، قبل انتهاء الفترة الانتقالية المرتقبة لـ "بريكست" في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معلومٌ أن فريق التفاوض من جانب المملكة المتحدة، الذي يقوده كبير المفاوضين اللورد ديفيد فروست، يعتقد أن الفوائد المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، لا تحظى بالتقدير الكافي، في ضوء التحذيرات المرعبة السابقة من مفاعيل هذا القرار على قطاع الأعمال والاقتصاد في البلاد.
لكن مصدراً قريباً من فريق التفاوض أفاد بأن المملكة المتحدة ليست على استعداد لـ "التخلي" عن سيادتها. وقال المفاوضون إنه "خلال الأيام المقبلة سنعكف على مواصلة التفاوض بطرق مكثفة ومبدعة، إلا أننا نأمل في أن يتبنى الاتحاد الأوروبي من جانبه منهجيةً جديدة في التفكير، لأن ما تلقيناه حتى الآن من مقترحات لا يفضي إلى عقد صفقة. ويتعين في المقابل على الطرف الآخر أن يدرك أن سيادتنا ليست مطروحة للبيع".
إلى ذلك، أوضح مصدر حكومي أن "الأرقام المقترحة (المتعلقة بصيد الأسماك) هي مثيرة للسخرية، وأن الجانب الأوروبي يدرك جيداً أننا لن نقبل بها على الإطلاق. ويبدو أن هناك إخفاقاً من جانب المفوضية الأوروبية في استيعاب حجم التغيير الذي يتطلبه مسار تحولنا إلى دولة مستقلة".
ومع ذلك، وردت معلومات تشير إلى ظهور مسار محتمل من شأنه أن يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق على إحدى النقاط الشائكة الرئيسية الأخرى المتمثلة في تحقيق تكافؤ في الفرص بين الجانبين.
يشار إلى أن المفاوضات المباشرة حول الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، كانت قد استؤنفت بين الطرفين في لندن، قبل أكثر بقليل من شهر على موعد انتهاء الفترة الانتقالية في الحادي والثلاثين من ديسمبر، لكن يُعتقد أن تعثر المحادثات يثير شكوكاً متزايدة لدى بعض دول الاتحاد الأوروبي بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل قد أشارت إلى أن وزراء المملكة المتحدة ما زالوا على استعداد لمغادرة المفاوضات حتى في هذه المرحلة المتأخرة. وقالت إن الحكومة ملتزمة بأن تؤدي محادثات الخروج البريطاني من الكتلة الأوروبية إلى نتيجة "حاسمة".
وأردفت قائلة "إلا أننا نستعد في الوقت نفسه لإنهاء المرحلة الانتقالية بالطرق الملائمة التي يتوخى منا مواطنونا القيام بها".
وفي وقت سابق، دافع النائب الفرنسي بيار كارلسكيند الذي يرأس لجنة مصايد الأسماك في البرلمان الأوروبي، عن المقترحات الأوروبية المقدمة بشأن صيد الأسماك في المياه الإقليمية البريطانية.
وقال لبرنامج "توداي" الذي تبثه إذاعة "بي بي سي 4": "لقد طلبتم إتاحة الفرصة أمام شركاتكم للوصول إلى السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي، وفي المقابل ما نطلبه هو إتاحة الفرصة أمام صيادينا للوصول إلى مياهكم... وما ذلك، إلا انطلاق من مبدأ المعاملة بالمثل".
لكن اللورد فروست أعلن يوم الجمعة الفائت إن إبرام أي صفقة محتملة يجب أن يقوم على احترام سيادة المملكة المتحدة.
أضاف أن "الحديث عن ذلك ليس مجرد كلام في الهواء، لما له من عواقب عملية تشمل: ضبط حدودنا، والتوصل إلى قرار في شأن بناء نظام إداري قوي ونزيه لدعم الحكومة، وكذلك التحكم بمياه الصيد التابعة لنا".
وفي المقابل، أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مكالمة مع نظيره الإيرلندي مايكل مارتن، التزامه التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يحترم سيادة المملكة المتحدة.
وبرأي مراقبين، فإن الحكومة البريطانية ترى أن النقطة الحاسمة في المفاوضات ستصل ذروتها خلال الأيام المقبلة، حين ستتضح الصورة حول ما إذا كان ممكناً أم لا، الوصول إلى اتفاق.
وسواء تم إبرام صفقة أم لا، يتوقع أن تسود الموانئ البريطانية أجواء من الفوضى. ومع ذلك، فإن عدم الخروج بصفقة من شأنه أن يلحق مزيداً من الضرر بالاقتصاد البريطاني.
© The Independent