انتهت حوارات القاهرة بين حركتي "فتح" و"حماس"، برعاية جهاز الاستخبارات المصرية، بالإعلان عن فشل المصالحة الفلسطينية، نتيجة الاختلاف على ترتيب إجراء الانتخابات (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني)، بالتزامن أو بالتدريج، وفق عضو اللجنة المركزية في "فتح" روحي فتوح.
وهذا الفشل، جعل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يطرح خيار فرض عقوبات جديدة على قطاع غزة، التي من شأنها إرضاخ "حماس" وإجبارها على التنازل عن شروطها، والتراجع عن تسويف إنهاء ملف الانقسام السياسي في الأراضي الفلسطينية.
وجاء ذلك، عقب بيان مشترك صادر عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعباس، عقب لقاء جمعهما، كان مضمونه بأن مصر متشددة في تطبيق خيار المصالحة الفلسطينية التي ستكون مدخلاً لحل جميع الخلافات السياسية.
انسحاب من المصالحة
تعتقد "فتح" والسلطة الفلسطينية، أن "حماس" انسحبت من المصالحة الفلسطينية لأهداف سياسية وبذرائع واهية، بينما تعتقد الأخيرة أن الطرف الأول لم يلتزم قراراته في وقف التنسيق (الأمني والمدني) مع إسرائيل، وقطع جميع العلاقات معها، وهذا كاف لإثبات عدم جدية "فتح" في الذهاب إلى وحدة وطنية قائمة على أساس الشراكة السياسية.
في يوليو (تموز) الماضي، أعلنت الحركتان عن تجاوز الخلاف السياسي بينهما، والذهاب إلى برنامج وطني مشترك قائم على إنهاء حقبة الانقسام عبر صناديق الاقتراع كأفضل طريقة لتطبيق المصالحة الوطنية بينهما، وذلك بعد قرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق مع إسرائيل نتيجة إصرار رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو على تنفيذ خطة ضم مستوطنات الضفة الغربية، لكن اتفاق الطرفين الفلسطينيين لم يكلل بالنجاح.
يقول عضو المجلس الثوري في "فتح" عزام الأحمد، إن عباس يهدف إلى إنهاء الانقسام السياسي بأي طريقة، لتوحيد الخطاب أمام المحافل الدولية، ومن أجل الحصول على حلم الدولة التي نقاتل جميعاً من أجلها، معتبراً أن على "حماس" فهم ذلك.
يتابع الأحمد "أرسلنا وفد الحركة إلى القاهرة للحصول على موافقة الطرف الآخر في ملف الانتخابات، وعقدها في فترة زمنية معينة، لكن وجدنا اختلافاً بين قيادات حماس في الداخل والخارج في هذا الشأن، وأن حماس ترغب في إجراء جميع الانتخابات في وقت واحد، ووضعت ذلك شرطاً للتقدم في ملف المصالحة، وهذا الأمر غير منطقي وغير قابل للتطبيق".
وجهة نظر "حماس"
لكن النائب في المجلس التشريعي عن "حماس" عاطف عدوان، يقول إن مطلب الانتخابات المتزامنة رغبة جميع الفصائل وليس حركته وحدها، بالتالي ما "نطلبه مصلحة وطنية عليا". وحول اختلاف قيادات "حماس" على إنجاز المصالحة، يوضح أنها حركة مؤسساتية لا توجد فيها رؤية لأشخاص، بل يتم التوافق على مواقفها داخل أطرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على أي حال، ووفقاً لادعاء "فتح" فإن اختلاف قيادات "حماس" واشتراطها الذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني متزامنة، دفعا عباس إلى عقد اجتماع جمع فيه مسؤولين في الحكومة الفلسطينية وقيادات في "فتح"، للتباحث في كيفية إجبار "حماس" على الذهاب إلى برنامجه الوطني وإنهاء الانقسام.
وبحسب معلومات حصلت عليها "اندبندنت عربية" من مسؤولين في الحكومة الفلسطينية، فإن المجتمعين طرحوا فكرة فرض عقوبات جديدة على غزة، تكون أقسى من سابقتها، بخاصة أن القطاع يحتاج في هذه الفترة إلى وقوف السلطة بجانبه من أجل إخراجه من الأزمات المركبة التي يعانيها.
قرارات غير مسؤولة
في المقابل، يقول القيادي في الجبهة الشعبية كايد الغول، إن ما صدر وما سيصدر بشأن غزة، يعد قرارات غير مسؤولة تدفع سكان القطاع إلى الهاوية، ولن تضر بالقائمين على إدارته، بل قد تزيد من عنادهم في التمسك بشروطهم وتصعيدها.
ومن بين العقوبات الجديدة، تنوي الحكومة الفلسطينية عدم إرسال الأجهزة الطبية المخصصة لمواجهة جائحة كورونا، إضافة إلى وقف توريد المسحات المخصصة لفحص المصابين بالفيروس، في حين أن "كوفيد-19" ينتشر بسرعة في غزة، في ظل أزمة صحية ناتجة من نقص المعدات الطبية.
وحتى الآن، لم تنظر الحكومة في رام الله إلى الملف المالي لموظفيها في غزة، ولم تصرف لهم رواتب كاملة بعد تسلمها أموال المقاصة، في حين أنها صرفت رواتب موظفيها في الضفة الغربية مع نسبة من التعويض. وتشير التوقعات إلى إمكانية خصم نسبة جديدة من أجور موظفي السلطة في القطاع. كما حضرت السلطة قوائم أسماء موظفيها فيه لفرض التقاعد القسري عليهم، وقد استخدمت هذه العقوبة عام 2017 لإجبار "حماس" على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها آنذاك.
ومن بين العقوبات الجديدة، فإن السلطة الفلسطينية قد توقف صرف مخصصات عائلات الأسرى في القطاع، إضافة إلى عدم دفع فاتورة كهرباء غزة، ورفع ثمن الوقود الوارد إليها، إلى جانب تقليص تغطيتها المالية للتحويلات الطبية الخارجية.
وستبقي السلطة على العقوبات التي كانت فرضتها عام 2017، ومن أبرزها خصومات بلغت 50 في المئة على رواتب 62 ألفاً من موظفي السلطة، وقطع رواتب نحو 277 أسيراً محرراً، ووقف الموازنات التشغيلية للوزارات من بينها الصحة والتعليم، وتقليص عدد الشاحنات الموردة للقطاع.