لا أحد يريد العودة إلى الوراء عندما يتعلق الأمر بالاتفاق النووي، لكن كل على طريقته، إذ ترفض السعودية ودول الخليج العودة إلى الاتفاق النووي كما وُقّع عليه في أبريل (نيسان) 2015.
فالسعوديون الذين رحّبوا بالاتفاق النووي في مجمله، يرفضون الصيغة الموقّع عليها في لوزان، كما أكد وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان، إذ توقع في تصريح له اليوم السبت مشاركة دول الإقليم في أي خطوة مقبلة بهذا الصدد، مشدداً على "وجوب مشاورة بلاده ودول الخليج بشكل كامل في حال أعيد إحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران".
وحذّر الوزير السعودي في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية من أنه لا يمكن إنقاذ الاتفاق بشكل دائم سوى بمشاركة الجميع فيه، مضيفاً أنه "الطريق الوحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام".
وحول السيناريو المرتقب لما ستقدم عليه إدارة بايدن في هذا الملف، قال "ما نتوقعه هو أن يتم التشاور معنا بشكل كامل، ومع أصدقائنا الإقليميين بشأن ما يحدث، في ما لو سعت الإدارة الجديدة إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي".
توسيع الاتفاق
إلا أن رفض الاتفاق بشكله الحالي والحديث عن حاجته للتوسيع، لم يصدرا عن السعوديين فقط، فقد شهدت الأيام الماضية تصريحات من أطراف مشاركة في الاتفاق النووي، تصبّ في الخانة ذاتها حول ضرورة أن تطرأ عليه تعديلات تضمن قدرته على الاستدامة وتحقيق أهدافه.
وكان أبرز تلك التصريحات من الرئيس الأميركي المنتخب جو بادين، عندما تحدّث عن إمكانية عودة بلاده تحت إدارته إلى الاتفاق النووي، إلا أنه استدرك قائلاً "لكن الأمر لن يكون سهلاً"، في إشارة إلى عزمه التباحث حوله.
وأكد بايدن في حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز" تصميمه على توسيع الاتفاق ليشمل ملفات إضافية بالتشاور مع حلفاء واشنطن في المنطقة.
وقال "يجب منع إيران من حيازة سلاح دمار شامل، لأن ذلك يعني سباق تسلح نووي في المنطقة، وهو آخر شيء نحتاج إليه في الشرق الأوسط"، مردفاً "ننوي في هذا الصدد أن نطلق مفاوضات واتفاقات إضافية لتشديد وتمديد القيود النووية المفروضة على طهران على أن تشمل برنامجها الصاروخي"، الأمر الذي يتوافق فيه مع تصريحات ألمانيا، الطرف الخامس في الاتفاق. إلا أن الرئيس المنتخب يرى ضرورة العودة إلى الاتفاق النووي من قبل أميركا كنقطة انطلاق لمفاوضات "متابعة" تضمن شموليته.
لكن إيران لا تريد العودة إلى الوراء
لكن الرفضَين السابقَين لصيغة الاتفاق النووي القديم، يقابلهما رفض من طهران أيضاً، للعودة إلى طاولة المفاوضات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فقد شنّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، هجوماً شرساً على الولايات المتحدة والدول الأوروبية عقب تصريحات بايدن، مؤكداً أن طهران لن تعيد التفاوض بشأن ما وقّعت عليه دول "4+1". وأضاف "سنلتزم به بشكل كامل إذا احترمت الولايات المتحدة وأوروبا تعهّداتها التي وقّعت عليها في الاتفاق".
وحول فكرة توسيع الاتفاق ليشمل برنامجها الصاروخي، قال ظريف إن "الأطراف قرّروا قبل خمس سنوات ألا يشمل التفاوض برنامج بلاده الصاروخي" وسياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، نظراً إلى "عدم استعداد الأطراف الآخرين لوقف أعمالهم الشريرة في الإقليم".
أين نقطة العودة؟
ولا تتفق الدول المشاركة أو المتأثرة من الاتفاق النووي، إلا في رفض العودة إلى الوراء سواء بالصيغة القديمة أو رفض التعديل. وأثار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب هذا النزاع بعد انسحابه من الاتفاق في 2018، قائلاً إنه "غير كافٍ لكبح برنامج إيران النووي والخاص بالصواريخ الباليستية"، أو معالجة المشكلات التي يتسبب بها نفوذها في الشرق الأوسط.
وأقرّ مجلس صيانة الدستور في إيران قبل أيام، قانوناً يلزم الحكومة وقف أنشطة الأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم عن الحدّ المنصوص عليه في الاتفاق النووي لعام 2015، إذا لم تُخفّف العقوبات المفروضة عليها خلال شهرين.
وقال ظريف إن الحكومة لا تحبذ القانون، لكنها ستطبّقه ما لم تعُد الدول الموقعة على الاتفاقية إلى التزاماتها، ورفع العقوبات التي كلّفت الإيرانيين 250 مليار دولار.