أثار مسلسل "التاج" (The Crown) الذي يعرض على منصة "نتفليكس" ويتناول عهد الملكة إليزابيث الثانية أزمة مع الحكومة البريطانية، لما يتضمنه من مشاهد عن حياة العائلة الملكية وسيرة الملكة إليزابيث الثانية.
وطالب وزير الثقافة البريطاني، أوليفر دودن، من "نتفليكس" التنويه بأن العمل هو مسلسل خيالي، موضحاً أن بعض الأحداث التي تم تصويرها في العرض " ينبغي أن لا تؤخذ على أنها حقيقة"، مشدداً على ضرورة إضافة إشارة تؤكد أن العمل خيالي في بداية كل حلقة، وفق ما ذكرت شبكة "سكاي نيوز".
وأكد "أن مسلسل (ذا كراون) الناجح والذي يعرض على شبكة نتفليكس يجب أن يتضمن إيضاحاً بأن معظم محتوياته عبارة عن خيال، وذلك بسبب مخاوف من إلحاق الضرر بصورة العائلة المالكة البريطانية" على حد قوله.
ومضى دودن قائلاً خلال مقابلة له مع صحيفة "ذي ميل أون صنداي" :"إنه عمل خيالي تم إنتاجه بشكل جميل، لذا يجب أن تكون نتفليكس واضحة جداً من البداية، كما هو الحال مع الإنتاجات التلفزيونية الأخرى، ومن دون هذا الإعلان، أخشى أن جيلاً جديداً من المشاهدين لم يعش هذه الأحداث، قد يخطئ ويظن أن الأحداث التى وقعت في المسلسل هي أحداث حقيقية".
ويعتقد أن الوزير البريطاني قد راسل المنصة للتعبير عن مخاوفه. وبحسب شبكة "سكاي نيوز" قالت "نتفليكس" إنها "لا تملك أي خطط - ولا ترى أي حاجة" لإضافة علامة "إخلاء مسؤولية" إلى "ذا كراون" لتوضح أن العمل هو مسلسل خيالي وليس فيلماً وثائقياً.
ورأت الممثلة هيلينا بونهام كارتر التي تؤدي دور شقيقة الملكة، أن ثمة "مسؤولية أخلاقية" تقع على "ذا كراون"، تتمثل في التأكد من أن الجمهور لن يظن أن المسلسل عمل وثائقي واقعي. وتقاطعت تصريحات كارتر مع تصريحات نسبت لتشارلز سبنسر، شقيق الأميرة ديانا، رغم موقفه غير الودي حيال العائلة المالكة.
ووصف المؤرخ إيوانيس ديرويد، مؤلف كتاب "إنجلترا في مسلسلات"، هذا المطلب بأنه "سخيف بعض الشيء". وقال إن لا إمكان للاعتقاد بأن المسلسل وثائقي رغم التقليد اللافت للديكورات والأزياء. وأشار إلى أن "ذا كراون" هو "واحد من عناصر عدة تتيح للبريطانيين تكوين نظرتهم إلى العائلة المالكة"، و"لا يكفي وحده" لكي يجعلهم يرون في تشارلز رجلاً جيداً أو العكس.
وشدد على أن "دور المسلسل ليس على الإطلاق أن يكون دقيقاً"، إذ "حتى المؤرخ يلجأ إلى إعادة تركيب" الرواية التاريخية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"انحياز" ضد تشارلز
وتعرّض مسلسل "ذا كراون" "لحملة انتقادات واسعة، إذ وصفه بريطانيون بأنه "منحاز كلياً" في تناوله العائلة الملكية البريطانية، معتبرين أنه ينطوي على "افتراء" ويشكّل "هجوماً لاذعاً" على الأمير تشارلز.
وركّزت الانتقادات على الطريقة التي عالج بها المسلسل العلاقة بين الأمير تشارلز وريث التاج وزوجته الأولى الأميرة الراحلة ديانا.
ويتطرق الموسم الرابع من المسلسل إلى انضمام الأميرة ديانا إلى العائلة المالكة البريطانية، وتؤدي دورها إيمّا كورين. ويصوّر المسلسل ديانا كخطيبة مستوحدة، ثم كعروس شابة حزينة تعيش مع زوج بارد وغير مخلص، لا يزال يحنّ إلى حبّه لكاميلا عندما كان شاباً.
وأقرّ كاتب "ذا كراون" بيتر مورغن بأنه في المواسم الأربعة من المسلسل جانباً روائياً، وخصوصاً في المشاهد الحميمة، لكنّ كثراً من الصحافيين المتخصصين في شؤون العائلة المالكة ومن القريبين منها رأوا أنه ذهب بعيداً جداً هذه المرة.
وقالت المتخصصة في الشؤون الملكية بيني جونور لوكالة فرانس برس إن المسلسل "يصوّر ديانا على أنها الضحية وتشارلز على أنه الشرير، بينما كان الإثنان على السواء ضحيتين". وأهم ما تأخذه جونور على المسلسل أنه عزا الشره المرضي لديانا إلى زواجها من تشارلز . كذلك تنتقد تأكيده أن وريث العرش حافظ على علاقته مع كاميلا بعد زواجه مباشرة.
ونقلت صحيفة "تايمز" عن عدد من أصدقاء تشارلز أن الطريقة التي يصوّره بها المسلسل تشكّل "افتراء". أما الملحق الصحافي السابق في قصر باكنغهام ديكي آربيتر فلاحظ أن المسلسل برمته يمثّل "هجوماً لاذعاً" على الأمير. وفي صحيفة "ذي غارديان"، وصف كاتب السيرة الملكية هوغو فيكرز الموسم الرابع بأنه "منحاز كلياً".
عمل جيد
واعتبر المؤرخ إيوانيس ديرويد، أن العلاقة بين الأمير تشارلز وديانا تبدو حقيقية، لكنّه رأى أن الأهم من "حقيقة" كل شخص هو "الدور الذي يؤديه في العائلة المالكة"، معتبراً أن "ذا كراون" قام بعمل جيد في هذا الإطار.
وأضاف أن رد فعل جزء من الجمهور يعود إلى أن "الشحنة العاطفية" لا تزال تحيط بالأحداث التي يتناولها المسلسل. أما "في المواسم السابقة، فتمحور المسلسل حول أحداث قديمة وأحياناً شخصيات منسية"، لذلك كان الجدل محصوراً "بكتاب السير". وأبرزَ أن المسلسل لامس في موسمه الرابع "أموراً حديثة طبعت الذاكرة الجماعية بقوة".
فالزواج الفاشل بين ديانا وتشارلز لا يزال موضوعاً حساساً للغاية منذ مقتل أميرة ويلز بطريقة مأسوية في باريس عام 1997. ومنذ ذلك الحين، تمكن وريث العرش الذي تزوج من كاميلا، من إعادة تلميع صورته.
وأسفت بيني جونور لكون المسلسل "ضاراً جداً" للزوجين الملكيين تشارلز وكاميلا اللذين سيتوليان العرش يوماً. وقالت إن "الكثير من الناس في بريطانيا وفي العالم، سيعتقدون أن المسلسل رواية حقيقية، في حين أنه ليس تاريخاً، بل خيال روائي".