أكد المغرب وفرنسا رغبتهما في تعزيز التعاون القضائي الذي يربطهما بما فيه مجالا حماية القاصرين المغاربة في فرنسا ومكافحة الإرهاب.
تعاون متميز
في هذا السياق، نوّه وزير العدل الفرنسي إريك ديبون موريتي بعمق العلاقات المغربية الفرنسية والجهود الكبرى للمملكة على مختلف الأصعدة، خصوصاً في مجال العدالة والنظام القضائي، معرباً خلال زيارته إلى المغرب بين السادس والسابع من ديسمبر (كانون الأول) عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون الثنائي في المجال القضائي وتوسيع آفاقه.
من جانبه، أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مصطفى فارس لدى اجتماعه مع موريتي رغبة بلاده في تعزيز أسس التعاون القضائي مع باريس، مشيراً إلى إرادة المجلس في تطوير آفاق الشراكة في هذا المجال، بما يعكس عمق العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تربط البلدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
علاقات نموذجية
ووصف محللون مستوى التعاون القضائي المغربي الفرنسي بـ"المثالي"، إذ أشار رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية إلى أن العلاقات بين البلدين تعتبر نموذجية في الوقت الحالي، نظراً إلى أن المغرب حليف أساسي لفرنسا على كل المستويات، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب الأمني ومكافحة الإرهاب.
وأضاف أن زيارة موريتي الى البلاد تهدف إلى تعميق هذا التعاون القضائي الذي شهد توتراً بسبب بعض الملفات، لكن سرعان ما تم تجاوزه بعدما عُدّلت اتفاقية التعاون القضائي من طرف البرلمان الفرنسي، مؤكداً أن "التعديل أعاد الأمور إلى نصابها بالتزام القضاء الفرنسي بمراسلة القضاء في المملكة وإعطائه جميع المعلومات، كلما تعلّق الأمر بدعوى قضائية ضد مواطن مغربي. ويشمل هذا الإجراء المواطنين المغاربة الحاصلين على الجنسية الفرنسية، ما يعني أن القضاء المغربي بإمكانه تقنياً أن يعطّل أي ملاحقة إذا لم يوافق على حيثياتها".
التعاون في مكافحة الإرهاب
وتعتمد فرنسا على المغرب بشكل أساسي في تعاونها الخارجي بما هو مرتبط بملفّ مكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. في السياق، أكد موريتي أن البلدين "يتعاونان بشكل فعال في هذا المجال، بما في ذلك إطار يضم بلجيكا وإسبانيا أيضاً"، آملاً "العمل بشكل منسَّق لمكافحة هذه الظاهرة والجريمة التي يمكن أن تقوّض مجتمعاتنا".
حماية القاصرين
وأثارت زيادة أعداد القاصرين المغاربة في فرنسا قلق البلدين، ومعظمهم من المهاجرين غير الشرعيين. وسبق لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن حدد عدد القاصرين الأجانب الموجودين في فرنسا بـ 16 ألف قاصر من جنسيات مختلفة، مسجّلين لدى المصالح الإدارية، في حين لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المغاربة منهم.
ووقّع الوزيران اتفاقاً يتعلق بالمهاجرين المغاربة القاصرين غير المرافقين الموجودين في فرنسا، يمكّن القضاء في الأخيرة من طلب الحصول على معلومات حول هوية القاصرين المغاربة المهاجرين من نظيره في الرباط، ما سيسهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمصلحتهم، كما يفتح الاتفاق المجال بخصوص تبادل المعلومات ووضع إطار واضح للتعاون وحل المشكلات بين البلدين.
ويسمح الاتفاق كذلك للقضاة الفرنسيين بإصدار أمر بإعادة القاصرين الى بلدهم، على أساس قرارات وضع الأطفال تحت الحماية القضائية الصادرة عن قضاة مغربيين، بهدف حماية مصلحتهم.
واعتبر الوزير الفرنسي أن حماية القاصرين هي أولوية للرباط وباريس، مؤكداً أن قضية غير المصحوبين منهم أساسية بالنسبة إلى البلدين، آملاً في الوقت عينه أن يمكّن المخطط الإجرائي المتضمن تفاصيل عملية تدبير وضعية القاصرين غير المصحوبين، قضاة النيابة العامة الفرنسيين ونظراءهم المغاربة من العمل معاً بهدف حماية النظام العام والأطفال. وشدد موريتي على أن التعاون المغربي مكّن السلطات الفرنسية من اعتبار أن عدداً ممن صرّحوا بأنهم قاصرون هم في الواقع بالغون وأن المواطنين المغاربة، خلافاً لما يروّج خطأ في بعض الأحيان، لا يشكّلون الغالبية من بين القاصرين الموجودين في فرنسا.
تعزيز الشراكة
وأوضح الوزير الفرنسي أن الشراكة مع المغرب تتعزز من خلال التبادلات المكثفة من حيث تكوين القضاة وكتاب الضبط وتحديث قطاع العدالة، وكذلك من خلال "معالجة السلطات المغربية الفعالة والجادة لطلباتنا المتعلقة بالمساعدة الجنائية المتبادلة، التي تعدّ بالنسبة إلينا الأكثر انسياباً خارج الاتحاد الأوروبي".
من جانبه، أكد وزير العدل المغربي بنعبد القادر تميّز علاقات التعاون بين السلطات القضائية في البلدين، التي اعتبرها منظمة بشكل جيد ومتكيّفة باستمرار مع الأوضاع الجديدة، ويطبعها الحوار المكثف على نحو كبير، مشيراً إلى أن الاجتماع مع موريتي تطرق إلى آفاق هذا التعاون خلال السنتين المقبلتين، ومشدداً على عزم البلدين زيادة تعزيز هذه الشراكة من خلال عدد من المبادرات والآليات، خصوصاً في إطار إعلان النوايا بشأن رعاية القاصرين غير المصحوبين بذويهم.