دخل القرار الأميركي برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيز التنفيذ اليوم الاثنين. وكان التصنيف القائم منذ قرابة ثلاثة عقود قد أعاق الروابط الاقتصادية للخرطوم وحرمها من مساعدات مالية تحتاج إليها بشدة.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اليوم، أن واشنطن رفعت اسم السودان رسميا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي أدرجت فيها عام 1993، وأشار إلى أن الخطوة تمثل تغيرا أساسيا في العلاقات بين البلدين نحو تعاون أكبر.
وقال بومبيو، في بيان نشرته رويترز، إن "تحقق هذا الإنجاز عبر جهود حكومة السودان الانتقالية التي يقودها المدنيون لرسم مسار جديد جريء بعيد عن إرث نظام البشير، ولتلبية المعايير القانونية والسياسية للرفع".
وأعلنت السفارة الأميركية في الخرطوم عبر صفحتها على شبكة فيسبوك، أنه "مع انقضاء مهلة إبلاغ الكونغرس البالغة 45 يوماً، وقع وزير الخارجية بلاغاً يلغي اعتبار السودان بلداً يرعى الإرهاب. ويدخل الإجراء حيز التنفيذ في 14 ديسمبر".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في 19 أكتوبر (تشرين الأول) سحب الخرطوم من اللائحة ورفع العقوبات المفروضة على البلاد التي تعيق الاستثمارات الدولية. وفي 23 أكتوبر، وافقت السلطات السودانية على اتفاقية سلام مع إسرائيل ولم يبلغ ترمب الكونغرس بسحب السودان من اللائحة السوداء إلا بعد هذا الإعلان في 26 أكتوبر.
البشير ورط السودان في الإرهاب
وصنفت الولايات المتحدة السودان على أنه دولة راعية للإرهاب عام 1993 قائلة إن نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير يدعم جماعات متشددة، بينها تنظيم القاعدة وحركة حماس وجماعة حزب الله اللبنانية.
وفي تسعينيات القرن العشرين، أصبح النظام السوداني منبوذاً لاستضافته أسامة بن لادن وكارلوس الثعلب ليصبح نقطة ارتكاز للحركات المتطرفة تحت مظلة فكر حسن الترابي.
وبدأ موقف السودان يتغير مع تهميش الترابي وتعاون البشير مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
وفي السنوات القليلة الماضية، رأى كثير من السودانيين أن وضع اسم بلادهم على القائمة الأميركية إلى جانب سوريا وإيران وكوريا الشمالية أصبح غير مستحق وعفا عليه الزمن. وأطيح البشير في أبريل (نيسان) 2019، والسودان الآن في مرحلة انتقالية تحت قيادة مجلس حاكم يديره المدنيون والعسكريون وحكومة تكنوقراط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيف أثر التصنيف في السودان؟
كان التصنيف يعني أنه من غير الممكن للولايات المتحدة تقديم مساعدات اقتصادية للسودان وأدى فعليا إلى منع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من التمويل أو تخفيف الديون عن كاهل الخرطوم.
كما أعاق التصنيف المعاملات بالدور للشركات السودانية وزاد من تعقيد استيراد العديد من البضائع اللازمة للبنية الأساسية والرعاية الصحية والنقل.
وحتى مع رفع العقوبات التجارية الأميركية عام 2017 ظلت الاستثمارات الأجنبية هزيلة وعزفت البنوك الأجنبية عن التعامل مع السودان مع سعيها لضمان الامتثال للعقوبات.
متطلبات وقف التصنيف
كان من ضمن متطلبات وقف التصنيف الذي أضر بمصالح البلاد، التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وزيادة الحريات الدينية وتعزيز القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية ودفع تعويضات عن هجمات تقول الولايات المتحدة إن الخرطوم لها صلة بها.
وأشارت واشنطن العام الماضي إلى أنها تستعد لرفع اسم السودان من القائمة.
وفي فبراير (شباط)، تم التوصل لاتفاق على تعويض ضحايا الهجوم على المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" عام 2000. لكن دفع تعويضات عن هجمات القاعدة على سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998 أصبح نقطة شائكة.
ووافق السودان على دفع 335 مليون دولار على سبيل التسوية كتعويض عن تفجير السفارتين وحوّل المبلغ إلى حساب ضمان.
ما الذي يتبقى؟
أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الكونغرس في 23 أكتوبر (تشرين الأول) بنيته رفع السودان من قائمة الإرهاب وهو ما يعني سريانه بعد فترة مراجعة مدتها 45 يوما.
لكن مبلغ 335 مليون دولار المتعلق بتفجير السفارتين لن يصرف إلا عندما تمنح الولايات المتحدة السودان حصانة سيادية، أي حمايته من رفع دعاوى قضائية ضده في المحاكم الأميركية.
وعرقل عضوان في مجلس الشيوخ، هما روبرت مينينديز من نيوجيرزي وتشاك شومر من نيويورك، تشريعا لإعادة الحصانة السيادية قائلين إنهما قلقان بشأن تقييد الدعاوى التي يمكن أن ترفعها أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر على السودان في المستقبل. ويقول خبراء إن مسؤولية السودان عن هجمات 11 سبتمبر مشكوك فيها.
ما الذي سيتغير بالنسبة للسودان؟
يقول مسؤولون سودانيون إن إزالة الاسم من قائمة الإرهاب خطوة كبيرة يمكن أن تساعد في تحقيق استقرار الاقتصاد وإنعاشه. وأضافوا أنها ستسمح للسودان بالعودة للانضمام لشبكات التمويل العالمية وتزيد من تحويلات العاملين بالخارج ومن تدفقات التجارة والاستثمارات.
وقال مسؤول بوزارة المالية السودانية إن الولايات المتحدة يمكنها تسوية متأخرات ديون السودان ودعم خطط للإعفاء من الدين ومساعدة السودان على الحصول على أكثر من مليار دولار سنويا من مقرضين دوليين.
لكن المسؤولين حذروا كذلك من أن الاقتصاد لن يتغير بين عشية وضحاها. ويقول مصرفيون ومحللون إن خطوات استئناف العلاقات مع البنوك الأجنبية ستكون بطيئة على الأرجح.
فبدون الحصانة السيادية قد يرى المستثمرون أن أموالهم معرضة للخطر.