حالة من الغضب والصدمة سيطرت على الرأي العام المصري، عقب صدور حكم قضائي بتبرئة 3 متهمين بـ"تعرية" مسنة مسيحية بإحدى قرى محافظة المنيا في صعيد مصر، نتيجة أحداث ذات بعد طائفي قبل 4 سنوات، وهي القضية المعروفة إعلامياً بقضية "سيدة الكرم".
شائعة حب تؤدي إلى كارثة
تعود الواقعة إلى مايو (أيار) عام 2016 حين وقعت اشتباكات بين أهالي في قرية الكرم بمركز أبو قرقاص في محافظة المنيا، بسبب تردد شائعة عن وجود علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وسيدة مسلمة طلقها زوجها بسبب تلك الأقاويل، حيث توجه عدد من أقارب أصهار السيدة إلى منزل الشاب المسيحي للتعدي عليه، لكنهم لم يجدوا سوى والدته "سعاد ثابت" البالغة من العمر 70 عاماً، فمزقوا ملابسها، وأخرجوها من المنزل، حتى قام أحد الأهالي المسلمين بإدخالها منزله، ومنحها ملابس لسترها، بحسب تحريات الشرطة، كما أسفرت الأحداث حينها عن حرق 7 منازل وإصابة شخصين. وتوجهت السيدة المسنة إلى قسم الشرطة، وحررت محضراً اتهمت فيه عدداً من الأشخاص بالاعتداء عليها بالضرب، وتجريدها من ملابسها.
تحول البلاغ إلى القضاء، وأحيل المتهمون الثلاثة إلى المحاكمة، حيث صدر حكم بسجنهم 10 سنوات، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في ظل تغيبهم عن المحاكمة، وأعيدت إجراءات التقاضي في درجة الاستئناف، حتى صدر قرار تبرئتهم الخميس الماضي، من محكمة جنايات المنيا.
قرار النائب العام
حكم البراءة أعقبته تعليقات متعاطفة مع السيدة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما احتلت صدارة اهتمامات البرامج في القنوات الفضائية المصرية ليل الخميس، ما دفع النائب العام المستشار حمادة الصاوي إلى تكليف المكتب الفني بدراسة أوجه الطعن على الحكم الصادر ببراءة المتهمين، فور إيداع أسباب الحكم من جانب محكمة الجنايات.
ورحب إيهاب رمزي عضو مجلس النواب ومحامي "سيدة الكرم" بالقرار، مؤكداً أن حكم تبرئة المتهمين أصابه العوار، مؤكداً انتظار صدور حيثيات الحكم المفاجئ على حد وصفه.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن قرار النائب العام أسعد أطياف الشعب المصري الذي صُدم بالحكم القضائي، ويهدئ حالة الغضب لدى أوساط الشعب. وأوضح أن الفريق القانوني الممثل لسيدة الكرم ينتظر نتائج دراسة النائب العام لقرار محكمة الجنايات، وتوقع أن يعاد نظر القضية أمام محكمة النقض، مؤكداً ثقته في منظومة القضاء المصري والنيابة العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"سيدة الكرم": حقي عند ربنا
كانت السيدة قد غادرت القرية منذ الواقعة قبل 4 سنوات، ورفضت العودة إلا بعد معاقبة مرتكبيها. وعقب صدور الحكم دخلت في حالة من البكاء، ونقل عنها موقع "أقباط متحدون" الإخباري روايتها بإدانة المتهمين والاعتداء عليها وحرق منزلها وإجبارها على مغادرة بلدتها، ومع هذا نالوا البراءة، وبصوت تغلبه الدموع أكدت أنها رفضت عروضاً كثيرة للتنازل عن القضية، وأضافت "ربنا يجيب لي حقي".
وأصدرت رئيسة المجلس القومي للمرأة مايا مرسي بياناً لتوجيه الشكر إلى النائب العام على قراره بشأن "سيدة الكرم"، وأعربت عن سعادتها وامتنانها لقراره الذي وصفته بالعادل والمنصف، وأكدت استعداد المجلس لتكوين فريق قانوني للدفاع عنها متى طلبت ذلك.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد توجه باعتذار إلى "سيدة الكرم" بعد أيام من الواقعة عام 2016، وأكد خلال افتتاح أحد المشروعات أن القانون سيطبق على الجميع. وأضاف "لا يليق أبداً أن ما وقع يحدث في مصر، أو يتكرر، ومن يخطئ، أياً كان سيحاسب".
