سجّل النحاس ارتفاعاً للأسبوع الخامس على التوالي، إذ بلغ إجمالي مكاسب المعدن الصناعي 78 في المئة من أدنى مستوى هذا العام في مارس (آذار) الماضي. وقفز سعر الرطل إلى 3.6 دولار في بورصة نيويورك، وتجاوز سعر الطن مستوى 8.000 دولار في بورصة لندن للمرة الأولى خلال ثماني سنوات.
وتجاوزت مكاسب النحاس السنوية 30 في المئة هذا العام. ويبدو أن الطلب على هذا المعدن الصناعي من المؤشرات التي تعطينا بعض الإشارات عن اتجاهات النمو الاقتصادي مستقبلاً.
أربعة أسباب رئيسة
ويمثل الإنتاج التشيلي من النحاس نحو 30 في المئة من إجمالي الإمداد العالمي، مما جعلها إحدى أهم الدول المنتجة في العالم، لذلك فإن أي تغيير في هذا القطاع في تشيلي له تأثير مباشر على كمية المعروض من النحاس.
ويتضح أن هناك تراجعاً واضحاً في أرقام إنتاج النحاس بتشيلي خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2020، ويظهر التراجع في معدلات الإنتاج التي كانت 4.8 مليون طن مقارنة بـ 5.6 مليون طن للعام 2019. ويعود هذا الضعف لتأثير جائحة كورونا في عمل المناجم، وعدم انتظام العمل خلال الموجة الأولى التي ضربت أميركا الجنوبية.
وكذلك هبوط إنتاج المناجم في بيرو بـ 16.5 في المئة خلال الفترة بين يناير وسبتمبر (أيلول) 2020، والتراجع الأكبر كان خلال الفصل الثاني من هذا العام بـ 38 في المئة، وذلك نسبة إلى تداعيات جائحة كورونا. هذه الأرقام أصدرتها المجموعة الدولية لدراسات النحاس في تقرير حديث، كشف أيضاً ارتفاع إنتاج الكونغو وبنما.
ضعف الدولار الأميركي
كل السلع والمعادن تسعّر بالدولار الأميركي، وعليه فهناك رابط بين سعر العملة الخضراء وأسعار المعادن، فكلما ارتفع الدولار تراجعت المعادن، والعكس. وهذا العام، استمرت العملة الأميركية في التراجع، وهبط مؤشر الدولار دون مستوى 90 خلال الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ أبريل (نيسان) 2018. وفي المقابل ارتفع النحاس بقوة خلال الفترة نفسها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الفصل الرابع من هذا العام، كانت هناك علاقة عكسية بين سعر الذهب والنحاس، إذ حدث انعكاس بعد إعلان لقاحات كورونا، مما دفع شهية المستثمرين في الارتفاع، مع تراجع الذهب وفقاً لذلك، بينما يستفيد النحاس من عودة المخاطر، وتوقعات تعافي الاقتصاد وعودة الطلب الصناعي، وهما عاملان مؤثران في تداولات عقود النحاس عبر البورصات.
زيادة الطلب على النحاس
وبينما يأتي نصف الطلب على النحاس من الصين، ففي ذلك إشارة إلى تعافي الاقتصاد الصيني من جائحة كورونا، مما يؤثر إيجاباً في توقعات الأسواق بشأن ارتفاع الطلب من أكبر أسواق استهلاك المعدن في العالم. وأشار تقرير المجموعة الدولية لدراسات النحاس إلى ارتفاع الطلب على نحاس المصافي عالمياً بـ 1.5 في المئة خلال الأشهر التسعة من هذا العام.
وكشف التقرير أن إجمالي العجز في نحاس المصافي بلغ 345 ألف طن، وذلك لتعطل كثير منها هذا العام، متأثرة بعمليات الإغلاق لمواجهة تداعيات انتشار كورونا.
خطة تحفيز الاقتصاد
إلى ذلك، أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي، الاثنين الماضي، خطة لتحفيز الاقتصاد لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، يبلغ حجمها 900 مليار دولار، وهي حزمة التحفيز الثانية الأضخم، بعد الخطة التي أجازتها الإدارة الأميركية في مارس (آذار) الفائت، لمواجهة الموجة الأولى من الجائحة.
وتشمل الحزمة الجديدة مدفوعات نقدية للأفراد ومساعدات للعاطلين من العمل، كما تغطي المشاريع الصغيرة. وأيضاً جرى تخصيص دعم للجوانب اللوجيستية لتوزيع لقاحات كورونا.
وهذا التحرك من الكونغرس متوقع وتترقبه الأسواق، ويعزز شهية المستثمرين في أسواق المال، وهو ما يجعل سيناريوهات تحفيز الاقتصاد من العوامل التي دفعت أسعار المعدن إلى الارتفاع في الأسواق المالية خلال 2020، إذ جرى تداول العقود المستقبلية، مما جعلها أداة استثمارية يلجأ إليها المستثمرون. وهذه الأسباب مجتمعة دفعت بالنحاس إلى الارتفاع إلى أعلى مستوى له منذ العام 2013.