يبدو أن سكان غزة يرفضون زج القطاع في تجاذبات المحاور، الأمر الذي دفعهم إلى تشويه وتمزيق صور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية على العراق.
وقبل أيام، عُلقت صور بأحجام كبيرة لسليماني في مفترقات طرق رئيسة في القطاع، وكتب عليها شعارات مختلفة، بين "أمضى حياته من أجل دعم المقاومة"، و"أصدقاء فلسطين وداعموها أصدقاؤنا، وأعداؤها أعداؤنا، هكذا كانت سياستنا وستبقى"، وذُيلت الصور بـ"شهيد القدس" من دون أن تحمل شعاراً معيناً لفصيل سياسي.
ورفعت في القطاع قبل أيام من الذكرى السنوية لمقتل سليماني، الذي جرى في الثالث من يناير (كانون الثاني) المنصرم، وكذلك قبل يوم من تنفيذ مناورة عسكرية للفصائل المسلحة في غزة.
شطب وتمزيق
وأثار تعليق صور الجنرال الإيراني غضب فئات عدة في غزة، وهو ما دفع بعض الشبان إلى تمزيقها ليلاً، وإنزالها من الميادين، ونشر مقطع فيديو يوضح هذا التصرف. كما شطبوا توصيف "شهيد القدس" وصورته باللون الأسود، ووضعوا علامة "إكس" على اسمه بالكامل.
وجاء هذا التصرف، بعدما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورته باستهجان، رافضين رفعها في غزة، خصوصاً أن ذلك يزج القطاع إلى مزيد من العزلة عن المجتمعات العربية، ويزيد معاناة سكانه في ظل الحصار المفروض عليه.
شعب متعدد الانتماءات
وتعليقاً على تمزيق صور سليماني، يقول رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس أحمد عوض، "رفع الصور يعد لمسة وفاء من الفصائل التي تلقت دعماً منه وإعلانها التحالف مع إيران، وإزالتها رفض لهذا التحالف شعبياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف، "الشعب الفلسطيني متعدد الانتماءات، ويوجد جدل حقيقي في أوساطه حول الصورة، خصوصاً أن هناك أجندات متعارضة داخل غزة، وتظهر واضحة بين الفصائل السياسية في ساحة القطاع". موضحاً "تمزيق الصور جزء من الجدل، ورفض زج القطاع في تجاذبات المحاور السياسية"، لافتاً إلى أن هذا إشارة واضحة للفصائل لمحاولة إنقاذ غزة، بدل الدخول في محاور قد تسبب خسارة أوساط أخرى.
ويؤكد الباحث في الشؤون السياسية ياسر الزعاترة، أن حماس لم ترفع صور الجنرال الإيراني، وأن ما جرى هو موقف يتجاهل مشاعر غالبية الأمة. "جميع المؤشرات تدل على أن حماس غير مسؤولة عن رفع صور سليماني في غزة، خصوصاً أنها إذا رغبت في ذلك تضع شعارها الرسمي بشكل واضح على اللافتات".
انتقادات واسعة
وواجه رفع صورة سليماني في غزة انتقادات واسعة في الأوساط العربية، واعتُبر ذلك تحيزاً واضحاً لإيران، وخسارة المجتمعات الداعمة القضية الفلسطينية، بسبب هذا التصرف غير المحسوبة نتائجه.
من جهته، يقول محمود الزق، عضو المجلس المركزي الفلسطيني (ثاني أعلى سلطة)، "ليس كل سكان غزة مع محور إيران. توجد أطياف وفئات لها انتماءات وطنية فلسطينية بحتة، وعلى الفصائل مراعاة الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع، ومحاولة عدم الزج به في خلافات يدفع المواطن ثمنه".
وأضاف، "عند قيام الثورة الفلسطينية رفضنا التحالف من أطراف إقليمية، وما زلنا نرفض ذلك. فكرة التحالف والولاء لأقاليم ثمنها باهظ علينا، ويجب التعامل مع الجميع على أساس أن فلسطين قضية وطنية من دون جعلها تتبع لمحور معين".
إسرائيلياً، وصف متحدث الجيش أفخاي أدرعي الصورة المعلقة بأنها "استعراض للقوة التي نظمتها إيران". وقال "سؤال للسادة في غزة: هل تتوقعون من الشارع العربي أن يتعاطف معكم ومع قضيتكم وهو يراكم تنصبون التماثيل لقتلة السوريين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين؟ كيف تتحالفون مع من يحتل أربع عواصم عربية؟".