بدأ شتاء "كوفيد-19" بمؤشرات قاتمة كتوقف نمو الوظائف وتقلص إنفاق المستهلكين، في حين أثارت السلالة المتحورة، سريعة الانتشار، احتمالات حدوث عمليات إغلاق جديدة.
لكن بعد عام 2020 الأكثر غرابة، هناك ثلاثة أسباب وجيهة للاعتقاد بأن 2021 سيكون أفضل، وربما أفضل بكثير مما نعتقد. كل ذلك يعود إلى الطابع الفريد لكل من الركود واستجابة السياسة.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن معظم حالات الركود عادة ما تبدأ عندما يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة أو الأسواق المالية المجهدة إلى تقويض الطلب على السلع والخدمات، كما يقود إلى ارتفاع معدلات البطالة. وعام 2020 بدأ بكارثة أشبه بالكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والزلازل، تسببت في انقطاع إمدادات السلع والخدمات.
وعندما تنتهي كارثة من هذا النوع، يحدث انتعاش على شكل حرف V يظهر في صورة انخفاض حاد في الناتج أو التوظيف أو أي مقياس آخر يقيس صحة الاقتصاد متبوعاً بانتعاش سريع ومستدام، لكن الكارثة التي خلفها فيروس كورونا، وهي الأكثر انتشاراً والأطول استمراراً منذ قرن، لم تنته بعد. كان هناك انتعاش جزئي على شكل حرف V في الربع الثالث حين تم رفع الإغلاق. ولكن بما أن الوباء لم تتم السيطرة عليه مطلقاً، فلم تنته القيود والتباعد الاجتماعي، بل تم تشديدها أخيراً.
تعمل هذه القيود على قمع الإنفاق الاستهلاكي. وتقدر "آي أتش أس ماركت"، أن الاستهلاك الشخصي يقل بنسبة 7 في المئة عن مستواه الأساسي كما تمليه الأجور والرواتب والمدفوعات الحكومية والثروة وأسعار الفائدة والضرائب والتركيبة السكانية. في فترة 2007-2009، ركد بالقرب من المستوى الأساسي أو فوقه.
وإذا كانت اللقاحات فعالة - وهي مصدر قلق خاص لأن البديل سريع الانتشار يشل بريطانيا على سبيل المثال - فيجب تطعيم معظم السكان بحلول منتصف العام، مما يسمح بإنهاء قيود التباعد الاجتماعي. بالتالي، ليس غريباً الاعتقاد بأن الإنفاق الاستهلاكي يمكن أن يعود إلى مستواه الأساسي بحلول نهاية العام (على الرغم من أن هذا ليس من توقعات "آي أتش أس ماركت"). فقد يؤدي ذلك إلى زيادة النمو عام 2021 إلى 5 في المئة، وهو الأفضل منذ عام 1984. رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قال أخيراً إن "المخاوف التي كانت لدينا في البداية من إمكانية حدوث عجز خطير وعميق وتخفيضات كبيرة في الموازنة من جانب حكومات الولايات والحكومات المحلية لم تحدث بعد".
زيادة أسعار الأصول والإنفاق الاستهلاكي والرأسمالي
وأضافت الصحيفة أن التوقعات تشير إلى تراجع الإيرادات للولايات المتحدة الأميركية بنسبة 11 في المئة في السنة المالية الحالية، التي تنتهي في يونيو (حزيران) المقبل، عن تلك المدرجة في الموازنة، وفقاً لتقرير صدر عن الرابطة الوطنية لمسؤولي الموازنة بالدولة.
وقالت كاثرين فيسي وايت، مديرة دراسات عملية الموازنة في ناسبو لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الضربة كانت أقل من المخاوف، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الوباء أضر بشكل غير متناسب بالعمال ذوي الأجور المنخفضة الذين يدفعون ضرائب أقل على الدخل والخدمات التي تفرض ضرائب مبيعات أقل من السلع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع الإشارة إلى أن حكومات الولايات الأميركية المحلية لم تحصل على المساعدة العامة التي كانت تأمل في الحصول عليها من الصفقة المالية لهذا الأسبوع، لكن تم تخصيص 122 مليار دولار للمدارس والتعليم العالي وتوزيع اللقاحات وأنظمة النقل والاختبار والتعقب، في وقت تزداد قوة السخاء الفيدرالي.
عندما يبدأ الانتعاش، غالباً ما يسعّر المستثمرون أسعار فائدة أعلى، لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قصّر هذه العملية من خلال الوعد بأن أسعار الفائدة، التي تقترب من الصفر، ستبقى كما هي وإن لم يصل التضخم إلى 2 في المئة ولم تنخفض البطالة إلى مستويات ما قبل الوباء. هذا الالتزام غير المسبوق له فائدة محدودة بينما الوباء المتفشي يوقف النشاط. ولكن بمجرد رفع القيود، يمكن أن يؤدي إلى زيادة أسعار الأصول والإنفاق الاستهلاكي والرأسمالي.
انخفاض حالات الإفلاس وارتفاع الإيداعات
غالباً ما تلحق حالات الركود أضراراً طويلة المدى من خلال القضاء على أعمال كاملة إلى جانب علاقات يصعب إعادة تكوينها بين العملاء والموردين والموظفين.
وترى الصحيفة أنه لا يزال الوقت مبكراً، لكن هناك علامات على إمكانية تقليل الندبات هذه المرة. فعادة ما ترتفع حالات الإفلاس عندما ترتفع معدلات البطالة، لكنها تنخفض هذه المرة، بحسب "إبيك أكسر"، الذي يتتبع الطلبات.
وارتفعت إيداعات الفصل 11 بحسب النشاط التجاري، لكنها أقل بكثير من المستويات التي تم الوصول إليها في الركود السابق. ويتوقع كريس كروس، من "إبيك أكسر"، ارتفاع الإيداعات، لا سيما بمجرد انتهاء فترات وقف الإخلاء التي تحمي المستأجرين الجانحين وأصحاب المنازل. لكن تلك التأجيلات والقروض الفيدرالية القابلة للإلغاء ستجني في النهاية الكثير للأفراد والشركات من محاكم الإفلاس.
60 في المئة من الوظائف ستعود مع إعطاء اللقاحات
وحتى بعد سبعة أشهر من النمو القوي، انخفض إجمالي التوظيف بمقدار 9.8 مليون في نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بشهر فبراير (شباط)، وهو عجز في الوظائف أكبر مما كان عليه في فبراير 2010، وهو أدنى مستوى في الدورة السابقة. لكن 38 في المئة من هذا العدد هم أشخاص فقدوا وظائفهم بشكل دائم، مقارنة بـ 77 في المئة في ذلك الوقت.
ويقدر بنك "غولدمان ساكس" أن 60 في المئة من الوظائف المفقودة في الصناعات الحساسة، ومعظمها سيعود مع إعطاء اللقاحات. صحيح أن الوظائف أو الشركات التي دمرت خلال أحلك أيام الوباء قد ولت إلى الأبد، وهناك المزيد من الأيام المظلمة قادمة، لكن الانتعاش السريع في العام المقبل يعطي الأمل في أن العديد من العاطلين من العمل سوف يتجنبون الوقوع في فخ البطالة طويلة الأجل وأن الشركات الجديدة ستنهض قريباً من الرماد.