تتسارع الأحداث في الجزائر بشكل لافت، وآخرها رجوع وزير الدفاع الأسبق المثير للجدل خالد نزار، من منفاه في إسبانيا، ثم عودة الرئيس عبد المجيد تبون بعد شهرين من العلاج في ألمانيا، وصولاً إلى تبرئة ما يعرف برؤوس "العصابة" من تهمة التآمر على الجيش والدولة.
في خطوة غير متوقعة، قضت المحكمة العسكرية في محافظة البليدة، وسط الجزائر، ببراءة كل من المديرين السابقين لجهاز الاستخبارات، الفريق محمد مدين المدعو "توفيق" والجنرال بشير طرطاق المدعو "عثمان"، والسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، من تهمة "التآمر على الجيش والدولة"، وذلك بعدما أيّدت المحكمة في 10 فبراير (شباط) 2020، الأحكام الابتدائية القاضية بالسجن 15 عاماً بحقهم.
وسبقت الأحكام الجديدة، تبرئة حنون التي أطلق سراحها مع إدانتها بجريمة عدم التبليغ عن جناية وتسليط عقوبة 3 سنوات حبس، منها 9 أشهر نافذة، وهي المدة التي أمضتها في السجن المدني منذ التاسع من مايو (أيار) 2019.
وكانت المحكمة العليا قد أعلنت، في بيان في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 أن الغرفة الجنائية للمحكمة العليا القسم الثالث، أصدرت قراراً بشأن الطعن الذي رفعه كل من النائب العام العسكري لدى مجلس الاستئناف العسكري في البليدة، والمتهمين في قضية التآمر على سلطتي الجيش والدولة. ويقضي القرار بقبول الطعون مع إبطال الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية والأطراف إلى مجلس الاستئناف العسكري في البليدة، مشكلاً بفريق جديد من القضاة للفصل في القضية طبقاً للقانون.
التحالفات تغيّرت
وفي خضم "الصمت" الذي تمارسه غالبية الأطراف السياسية، يبقى فهم ما يجري في غاية الصعوبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الدبلوماسي الجزائري والحقوقي محمد خدير أن "عملية تصفية الحسابات تعتمد على المناصب التي يسيطر عليها المعنيّون، وعليه فإذا ذهبت المناصب تغيّرت موازين القوى"، مضيفاً "نعلم أن عملية التآمر لم تكن إلا الشعرة التي قصمت ظهر البعير، لأن الخلاف بين قائد أركان الجيش الراحل قايد صالح ورئيس جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين (توفيق)، قديم جداً، وكان صالح يريد التخلص من توفيق، وجاءت الفرصة وتخلص منه، لكن عند وفاة صالح، عاد توفيق إلى مكانه". وختم أن "التحالفات تغيّرت، ولكل وقت أذان".
ويروي خدير أن "جلسة المحاكمة بدأت صباحاً باستجواب المتهمين في شأن التهم المنسوبة إليهم، ليتم بعدها فتح باب المرافعات لفريق الدفاع وللمتهمين للإدلاء بأقوالهم وطلباتهم الأخيرة، فأنكروا جميعاً الدعاوى المرفوعة ضدهم، وأكدوا أنهم لم يتآمروا ضد الجزائر وشعبها وجيشها، وأنهم كانوا يبحثون عن مخارج للأزمة وليس إدخال البلاد في متاهات"، مشددين على أنهم ضحايا لقضية مفبركة. ثم انسحبت هيئة القضاة للمداولة التي دامت نصف ساعة، لتخرج بعدها مصرّحة ببراءتهم من التهم المنسوبة إليهم في شأن التآمر ضد الجيش ومحاولة قلب النظام".
قضايا أخرى
في المقابل، لم يتم تناول ملف وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، الذي عاد أخيراً من منفاه الاختياري في إسبانيا والذي قضت المحكمة بسجنه 20 سنة، وأصدرت أمراً بملاحقته دولياً والقبض عليه، ما يوحي بمحاكمات أخرى منتظرة بأحكام جديدة.
ومن المنتظر أن يُحوَّل الجنرال بشير طرطاق والسعيد بوتفليقة إلى سجن مدني في انتظار محاكمتهما في قضايا أخرى تتعلق بالفساد. بينما يستفيد الرجل القوي في الاستخبارات الجنرال "توفيق" من الإفراج، على الرغم من أنه موجود خارج السجن العسكري منذ ثلاثة أشهر من أجل العلاج، وفق تصريح أحد أعضاء هيئة الدفاع المحامي فاروق قسنطيني.
وفي السياق، أكد حزب العمال في منشور على صفحته على موقع "فيسبوك"، أن أمينته العامة لويزة حنون، بُرِّئت من التهم الموجهة إليها في قضية التآمر على سلطة الجيش، إذ رفع مجلس الاستئناف العسكري في 10 فبراير 2020، هذه التهمة عن الأمينة العامة للحزب.