بعد عشرة أيام من اعتصام المحتجين امام مقر قيادة الجيش السوداني، وثلاثة أيام من تشكيل المجلس العسكري الانتقالي، بقيادة عبد الفتاح البرهان،
حاولت قوة من الجيش وقوات الدعم السريع ازالة المتاريس، وتنظيف الطرق، لكن المعتصمين رفضوا ذلك ما ادى الى انسحاب القوة.
برهن يا البرهان
"اندبندنت عربية" زارت موقع الاعتصام فكان الالآف يهتفون "حرية، سلام، وعدالة.. الثورة خيار الشعب". ويرفض المحتجون المغادرة قبل تنفيذ اهداف الثورة، ويواصلون الهتاف" برهن برهن يا برهان او حتسقط انت كمان"، في اشارة الى رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان. المحتجون الذين أمضوا ليلتهم في ساحة الاعتصام لم يتجاوزوا الثلاثة آلاف، لكن بعد الظهر، ومع انخفاض درجات الحرارة التي بلغت 44 درجة، ارتفع العدد الى أكثر من سبعة آلاف.
وقالت قوات الدعم السريع، عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، إنها ستقوم بحملات نظافة للشوارع أمام القيادة العامة للجيش. وأضافت أن "مهمة قواتكم الحفاظ على سلامتكم، وقد شهدت المنطقة اشتباكات خلال الأيام الماضية، ربما خلفت أجساماً غريبة (دون توضيح) يصعب على المدنيين التعامل معها"، وتابع "لذلك تأتي مهمة قواتكم في تهيئة البيئة التي تضمن سلامتكم".
وكان الناطق باسم المجلس شمس الدين كباشي طالب، خلال مؤتمر صحفي الاحد، المعتصمين بإزالة المتاريس وفتح الطرق، مؤكداً عدم النية بفض الاعتصام بالقوة. "وإنما في الوقت ذاته لن نرضى بالفوضى"، وقال "إن اغلاق الشوارع بالمتاريس يُعد من الظواهر السالبة التي تهدد الأمن العام".
وتجولت سيارتان من الجيش قرب ساحة الاعتصام ونادتا عبر مكبرات الصوت "استمراركم في الاعتصام امام القيادة بعد سقوط النظام استفزاز للقوات المسلحة".
الشباب يتجهون لتنظيم صفوفهم
في ساحة الاعتصام تجمعات مختلفة، واللافت أربعة أركان نقاش في مواقع مختلفة. ركن يناقش متطلبات الفترة الانتقالية، وفي ركن ثانٍ المعتصمون ينتقدون جهاز الامن والاستخبارات، وفي ثالث يافعون يدعون الى تشكيل تيار من شباب الثورة، حتى لا تسرق جهودهم. وقال الناشط عمر السماني إنهم لن يسمحوا بسرقة دمائهم وعرقهم، وسيشكلون تياراً شبابياً عريضاً باسم "تيار الشباب للتغيير".
ريماز عوض الله، وجدتها منهمكة في تفتيش فتيات قادمات الى ساحة الاعتصام. وقالت "إنهن يردن التحقق من عدم تسرب أي شخص يحمل سلاحاً نارياً او ابيض (سكاكين وخناجر)، حتى لا يفسد سلمية الاحتجاج"، واكدت ان ساحة الاعتصام لم تشهد اي احتكاكات او تحرش وأنهن إذا شككن في اي شخص يسلمنه الى عناصر الجيش بالمنطقة.
باعة متجولون
محمد بابكر خريج كلية هندسة بجامعة السودان قال انهم دفعوا ثمن سياسات نظام الرئيس المعزول عمر البشير القاسية، التي جعلت معظم الشباب يجلسون على رصيف البطالة، ويتملكهم الأسى، وهم عاجزون عن تحقيق أحلامهم وآمالهم، لذا فإنهم صنعوا ثورتهم وكانوا زاداً ووقوداً لها، حتى تمكنوا من إجبار النظام على التنحي.
وأثناء تجوالي في موقع الاعتصام، ارتفعت من مكبرات الصوت الأغاني الوطنية والاهازيج. وفي ركن رابع شباب اخذتهم الحماسة ويقومون بطهو وجبات من الرز باللحم في قدور كبيرة، وفتيات يصنعن الشاي والقهوة، ومواطنون يحملون فطائر وحلويات. كما انتشر في ساحة الاعتصام باعة متجولون يبيعون بطاريات شحن الهواتف بالطاقة الشمسية، وشرائح الخلوي، والسجائر، وبسكويت وشوكولاتة، وانابيب معجون الأسنان لمن يقضون ليلتهم في ساحة الاعتصام. أسفل نفق جامعة الخرطوم الجنوبي، وضع المعتصمون صوراً لأربعين شهيداً خلال ثورة ديسمبر "كانون الاول"، غالبيتهم شباب وأبرزهم الطبيب أحمد ابراهيم الذي أرداه قناص قتيلاً في ضاحية بري في شرق الخرطوم. وكان للولايات نصيب من الشهداء في المرحلة الثانية من عمر الثورة، وأبرزهم المعلم أحمد الخير الذي قتل تحت التعذيب في منطقة خشم القربة في شرق البلاد.
مطالب تجمع المهنيين
وجدد "تجمّع المهنيين السودانيين" المعارض، في أول مؤتمر صحافي له يوم الإثنين في الخرطوم منذ إطاحة البشير، مطالبته بتأسيس مجلس رئاسي مدني لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية، وذلك بمشاركة محدودة للعسكريين.
وقال محمد ناجي الأصم أبرز الوجوه القيادية في التجمع، إن مطلب تشكيل المجلس الرئاسي "سُلم للمجلس العسكري الانتقالي، ومعه جملة أخرى من المطالب من بينها حلّ كل مليشيات النظام السابق، وتشكيل مجلس وزراء مدني وسلطة تشريعية".
وطالب الأصم في المؤتمر الصحافي، بإقالة رئيس القضاء والنائب العام وحماية المتظاهرين السلميين، إضافة إلى التحفظ على قيادات النظام السابق ورموزه، ومصادرة ممتلكاتهم وعدم مشاركة حزب المؤتمر الوطني بزعامة البشير في أي حكومة مقبلة. وأكد، أن المجلس العسكري الانتقالي "قام بخطوات إيجابية، لكن ثقة التجمع لا تزال في الشارع السوداني القادر على فرض شروطه"، مبيناً أن الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش السوداني سيستمر، لحين تحقيق شروط الثورة الشعبية.
خلافات المعارضة
من جهته، قلل محمد يوسف أحمد المصطفى، أحد قيادات تجمع المهنيين، من الخلافات التي طرأت بين قوى المعارضة السودانية، وقال "إنها دليل عافية ويمكن تجاوزها، والحاكم هو ميثاق الحرية والتغيير الذي توافقت عليه القوى السياسية". كما رفض يوسف، التعليق على اجتماعات عقدها المجلس العسكري مع أحزاب سياسية أخرى، كانت شريكة في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، مشيراً الى أنهم لا يسيطرون على خطوات المجلس العسكري، ومن حق المجلس الاجتماع مع من يشاء، لكن القضية المركزية التي يجب ألا يفرِّطوا فيها هي قضية الانتقال الى سلطة مدنية مع تمثيل محدود للعسكريين.
وكان الحزب الشيوعي أحد أبرز أحزاب تحالف "قوى الحرية والتغيير" اتهم رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ونائبة رئيس حزب الامة مريم الصادق المهدي، بمحاولة خطف منبر "قوى الحرية" وهما يغردان خارج السرب.