سجل العام 2020 ارتفاعاً كبيراً في انتهاكات حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في اليمن، وسقوط الكثير من الضحايا المدنيين بين قتلى ومصابين ومعتقلين.
ورصدت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان 2901 واقعة انتهاك حدثت في مختلف المحافظات اليمنية، وتضرر فيها 4292 ضحية من الجنسين ومن مختلف الأعمار، منها سقوط 1363 بين قتيل وجريح جراء استهداف المدنيين، بينهم 404 قتلى، 56 امرأة و83 طفلاً وطفلة. و751 جريحاً، بينهم 103 من النساء و194 طفلاً.
فرق ميدانية لرصد الانتهاكات
تقوم اللجنة الوطنية بالتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، برصد الحالات التي تستقبلها عبر فرقها الميدانية، في ظل استمرار الحرب التي راح ضحيتها آلاف اليمنيين من القتلى والجرحى، ومست حقوق الإنسان والوضع الإنساني في المجالات كافة، ما أدى إلى ارتفاع معدل الفقر في كل المحافظات، واستمرار النزوح الجماعي من مناطق الحرب التي طالت المدنيين وحقهم في الأمن والغذاء والدواء والصحة والتعليم وحرية التنقل وغيرها من الحقوق.
وسجلت اللجنة في بيانها السنوي سقوط 232 ضحية انفجار ألغام وعبوات، بينها 23 من النساء و44 طفلاً، ورصد 1052 واقعة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، واستهداف 39 معلماً أثرياً ودينياً، و17 واقعة اعتداء على الطواقم الطبية والمنشآت والمرافق الصحية، وتدمير 757 من المباني العامة والخاصة، و17 مدرسة للأطفال، ورصد 118 واقعة تجنيد أطفال من دون سنّ الـ 15.
وقالت اللجنة إنها وثقّت تفجير 30 منزلاً إضافة إلى التهجير القسري لـ310 مواطنين، والرصد والتحقيق في 54 واقعة قتل خارج نطاق القانون، واستمعت اللجنة خلالها لأكثر من 8703 مُبلغين وشهود على أنماط مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في معظم المحافظات اليمنية.
زيارة المحافظات
ونوهت اللجنة إلى أنها ومن منطلق حرصها على مراقبة وتقييم وضع حقوق المحتجزين وضمانات المحاكمة العادلة، نفّذ أعضاء وراصدو اللجنة عدداً من الزيارات إلى السجون ومراكز الاحتجاز في محافظات تعز ومأرب وعدن وشبوة ولحج، وناقشوا مع قيادة الجهات الأمنية في تلك المحافظات بعض الوقائع التي تقوم اللجنة بالتحقيق فيها، وميدانياً، قامت اللجنة بـ 12 زيارة ميدانية إلى مديريات محافظات تعز ولحج ومأرب للتحقيق بوقائع استهداف الأحياء السكنية وسقوط مقذوفات مختلفة، إضافة إلى الزيارات شبه اليومية للباحثين الميدانيين في 18 محافظة لإجراء المقابلات المباشرة مع الضحايا وذويهم وشهود العيان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعقدت اللجنة خلال العام الماضي جلسات استماع علنية ومغلقة مع ضحايا الاعتقال التعسفي والتعذيب، وأطفال الانتهاكات الجسيمة، ونفذت ورش عمل مع عقّال الحارات في مناطق التماس، لتسهيل الوصول إلى الضحايا والتحقق من منهجية الإضرار بالمدنيين، إضافة إلى التواصل والتعاون مع المجتمع المدني، خصوصاً المنظمات العاملة في مجال حماية حقوق الإنسان للنساء والمؤسسات المنضوية ضمن الاتحاد الوطني للفئات الأشد فقراً.
المعايير الدولية
وأكدت اللجنة استمرارها في التحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان على النحو الذي انتهجته منذ بداية عملها وفقاً للمعايير الدولية المعمول بها من قبل لجان التحقيق، مناشدة أطراف النزاع كافة الامتثال للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما الالتزام بحماية حياة وسلامة وكرامة المدنيين من دون تمييز، وضمان وصولهم إلى الموارد وفرص العيش الكريم.
كما دانت اللجنة كل أشكال استخدام العنف ضد الأبرياء من النساء والرجال والأطفال كأدوات حرب، وسياسات القمع والاعتقالات التعسفية وتقييد الحريات.
يذكر أن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، تأسست بقرار جمهوري رقم 14 لسنة 2012، وجاء قرار إنشائها متوافقاً مع قرار مجلس حقوق الإنسان لسنة 2011، الذي نص على ضرورة إجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا، إلا أنه بسبب الظروف السياسية التي شهدتها البلاد في اندلاع الحرب، تأخر إصدار القرار بتسمية أعضائها حتى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 13 لسنة 2015.
في قفص الاتهام
قال المحامي والناشط الحقوقي الخضر الأحمدي إن العام 2020 من أكثر الأعوام التي شهدت ارتفاعاً في انتهاكات حقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب اليمنية في العام 2015، واتهم، طرفي الصراع شمالاً وجنوباً بالاستمرار في تجاوز القوانين المحلية والدولية المتعلقة بالحقوق الإنسانية، مطالباً بمزيد من الضغط من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة، على الأطراف اليمنية كافة لاحترام الحقوق والحريات.
وتطرق الأحمدي، إلى ما تقوم به جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، "أجزم أن جماعة الحوثي تصدرت الانتهاكات في المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها، خلال العام الماضي، بمختلف أشكالها، وتضرر بسببها مئات المواطنين بين القتل والإصابة والاعتقالات والتعذيب، والكثير من ضحاياها كان بسبب القصف العشوائي بالقذائف والصواريخ المختلفة التي تطلقها على الأحياء السكنية بشكل مكثف، وكانت محافظة تعز الأكثر تضرراً من تلك الممارسات، بالإضافة إلى أخرى، ومارست اعتقالات تعسفية وقمعاً لحرية الرأي والتعبير، والزج بالأبرياء في معتقلات غير قانونية، في محافظات صنعاء وذمار وتعز وإب والحديدة".
وعن حجم الانتهاكات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية قال الأحمدي، "لم تخل مناطق الشرعية منها، وإن كانت أقلّ مقارنة بمناطق سيطرة الحوثي، فمحافظة تعز، تسيطر عليها الحكومة والحوثيون، شهدت تجاوزات من قبل بعض الجماعات المسلحة المحسوبة على الحكومة أو المعارضة لها، وأدت إلى مواجهات بينها وسط بعض المدن ما أدى إلى سقوط ضحايا بالعشرات، أما في المحافظات الجنوبية المحررة، لعل أهمها محافظة شبوة وغيرها، تمثلت في اعتقالات غير قانونية من قبل بعض الأجهزة الأمنية لنشطاء رأي، ومضايقات لحرية التعبير".
وشدد الأحمدي على ضرورة إحالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في كل مناطق اليمن شمالاً وجنوباً إلى القضاء المحلي والدولي، معتبراً ذلك خطوة مهمة للحد من استمرار الانتهاكات.