فيما يجري الإعداد للانتخابات الفلسطينية بعد موافقة حركة "حماس" عليها بشكل متتال، وعودة الحوار الثنائي بينها وبين حركة "فتح"، من أجل إنجاز ملف المصالحة عبر صناديق الاقتراع، انتقدت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة "الجهاد الإسلامي" هذه التحركات واعتبرتها خارج الشراكة الوطنية.
وتأتي هذه الانتقادات بعدما اعتبرت بعض الفصائل الفلسطينية أنّ التوافق بين "فتح" و"حماس" يأتي خارج ما اتفق عليه في اجتماع الأمناء العامين، وأنّ "حماس" استجابت لضغوط خارجية بعد تحذيرها بأنّ "البدائل صعبة وعليها تحمل تبعات ذلك إذا لم توافق على الذهاب إلى صناديق الاقتراع".
لقاءات واتصالات ثنائية
ونُظّم في الثالث من سبتمبر (أيلول) 2020 اجتماع ضمّ جميع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، واتفقوا خلاله على تشكيل قيادة موحدة من جميع القوى السياسية لمواجهة التحديات وإعادة ترتيب الساحة والإعداد لانتخابات عامة، وأن يُنفّذ ذلك من خلال التشاور بين جميع الأحزاب.
في الواقع، تشهد "فتح" و"حماس" حالة من التقارب الإيجابية، إذ يُجري قادتهما اتصالات ثنائية في إطارات مختلفة ومن دون مشاركة الفصائل السياسية الأخرى. وتدعي حماس أنّها ستعمل على تتويج ذلك في لقاء يضم وفدي الفصيلين في القاهرة، على أن يشمل الفصائل الأخرى لإطلاعها على التفاهمات وجعلها توافقاً وطنياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول عضو المكتب السياسي في "الجهاد الإسلامي" خالد البطش إنّ "ما أعلنته حماس والسلطة الفلسطينية عن التوصل إلى اتفاق يخص المصالحة عن طريق الانتخابات والمشاركة، يأتي خارج سياق الاجماع الفصائلي، ونحن لم نعترض على اللقاءات الثنائية بينهما، لكن كان من المفترض أن تكون هناك اتصالات موسعة مع الكل الوطني".
ويلفت البطش إلى أنّ "هناك موقفاً فصائلياً بضرورة إجراء الانتخابات بالتزامن، لكن حماس تنازلت عن ذلك، ما يجعل مفهوم الشراكة الوطنية غير واضح، خصوصاً أنّ هناك أطرافاً لا تتعامل مع هذا المبدأ بشكل جدي" (في إشارة إلى "فتح").
وتفيد المعلومات بأنّ دولاً إقليمية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ومسؤولين في واشنطن، ضغطت على السلطة الفلسطينية في اتجاه إعادة بناء المنظومة السياسية، والسيطرة على قطاع غزّة، خصوصاً بعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات الأميركية إذ إن عدم تطبيق هذه الخطوة يعقد مسألة التسوية السياسية.
وبحسب المعلومات فإنّ دولاً عربية منها مصر، وأخرى منها روسيا، ضغطت على "حماس" في اتجاه استعادة الوطنية، وإعادة بناء المنظومة السياسية، وشرحت لقيادة الحركة أنّ رفض القرارات يسبب لها عزلة ويضعها في مأزق عالمي، وأن ثمّة بدائل صعبة جداً مطروحة قد تطاول سكان القطاع، وعليها تحمل ذلك.
تغيير أولويات
يشير البطش إلى أنّ "استجابة حماس للضغوط، وعقدها لقاءات ثنائية مع "فتح"، حصلتا من دون توافق وطني ومشاورات مع الفصائل. وهذا تجاوز خطير لجميع مخرجات الحوارات مع القوى السياسية".
في الحقيقة، ليست "الجهاد الإسلامي" وحدها اعترضت على التقارب بين "فتح" و"حماس"، أيضاً الجبهة الشعبية، إذ تقول عضو المركزية فيها مريم أبو دقة إنّه "لا بد من إجراء حوار وطني شامل تضع فيه جميع الفصائل النقاط على الحروف، خصوصاً أنّ جميع الاتفاقيات الثنائية السابقة باءت بالفشل، وعدم مشاركة القوى السياسية في ذلك يجعلنا نراجع إذا ما كنا سنشارك في أيّ عملية انتخابية".
وتشير أبو دقة إلى أنّ "الأساس الذي ينبغي الاستناد إليه كمرجعية في أيّ انتخابات مقبلة، هو توافق الأمناء العامين للفصائل، ووثيقة الوفاق (أعدت في 2006)، بحسب ما اتفق عليه في المجلسين الوطني والمركزي، وما دون ذلك تجاوز كبير".
"حماس" والمسار الصحيح
في الإطار ذاته، شدّد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية فهد سليمان على "وجوب مغادرة فتح وحماس مربع الثنائية، عند مناقشة الملفات الوطنية الكبرى"، مؤكّداً أنّ "لا أحد في ساحة العمل الوطني معجب بأسلوب الثنائيات".
وتفيد معلومات خاصة بأنّ "حماس" نشطت بعد اعتراض الفصائل على مسارها الأخير، في الكواليس، وتواصلت مع العديد من التنظيمات الفلسطينية، بهدف إطلاعها على المستجدات وكسب موقفها في دعم التوجه إلى إجراء الانتخابات.
في المقابل، يعتبر مسؤول العلاقات الدولية في "حماس" أسامة حمدان أنّ من شأن الانتخابات توحيد الصف الفلسطيني، وما يجري يسير في المسار الصحيح، وستشهد الأسابيع المقبلة حواراً حثيثاً مع الفصائل في شأن العملية الانتخابية، لافتاً إلى أنّ هناك مطالب قانونية محقة ستبحثها "حماس" مع الفصائل في لقاءاتها المشتركة.
فيما يصف الكاتب مصطفى الصواف موقف الفصائل بـ"المبدئي"، خصوصاً أن موقف تلك الأحزاب هو عدم المشاركة في الانتخابات، ولا جديد في ذلك.