يستضيف المركز الثقافي الإسباني في العاصمة الأردنية عمان حتى 2 فبراير (شباط) المقبل معرضاً لأعمال الفنان الإسباني باكو روكا، تحت عنوان "الذاكرة في مواجهة النسيان". يضم المعرض مجموعة متنوعة من أعمال الفنان في رسوم القصص المصورة. ويعد باكو روكا واحداً من أبرز رسامي القصص المصورة في أوروبا، وحصل عن أعماله على عديد من الجوائز العالمية، كما تحول كثير من رواياته المصورة إلى أفلام سينمائية، كان أشهرها فيلم "تجاعيد" الذي تم إنتاجه في عام 2011، والحائز جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، وأفضل سيناريو، كما رشح أيضاً لجائزة الأوسكار. وبين أعماله الشهيرة التي تحولت إلى أعمال سينمائية، روايته "شتاء رسام الكاريكاتير"، و"مذكرات رجل يرتدي البيجامة"، و"كنز البجعة السوداء".
يقام هذا المعرض ضمن احتفالات رسوم الكاريكاتير والقصص المصورة في الأردن. وتخلل العرض كذلك تقديم حلقة نقاش افتراضية حول مسيرة باكو روكا الفنية في مجال تأليف ورسم القصص المصورة، تحدث خلالها الفنان عن بداياته وأبرز أعماله، متطرقاً للتحديات التي تواجه صناعة الروايات المصورة عالمياً.
يعرف باكو روكا بتفاعله مع كثير من القضايا الملحة على الساحة المحلية والدولية من خلال رسومه ورواياته المصورة. وكان روكا بين ثلاثة فنانين إسبان بارزين أطلقوا قبل شهور حملة دعائية لدعم العاملين في المجال الطبي في غمرة اشتداد الوباء، وقد زينت رسومهم عديداً من الأماكن العامة والمكتبات والصحف. وأظهرت هذه الرسوم العاملين في المجال الطبي كأبطال خارقين يقفون في مقدمة الصفوف التي تكافح وباء كورونا.
الحالة الصحية للعالم
وفي واحد من هذه الأعمال التي رسمها باكو، وحظيت بانتشار واسع عالمياً، تظهر امرأة شابة في زي الأطباء وهي تقف في مقدمة حشد من الأبطال الخارقين. وفي هذا العمل تنظر المرأة في تحدٍ إلى العدو المجهول منحية بيدها اليسرى "سوبر مان"، الواقف خلفها مباشرة، بينما تهيئ قبضتها اليمنى للمعركة. وانتشر هذا الرسم وغيره في عديد من الأماكن العامة في إسبانيا، وتلقفه كذلك عديد من المؤسسات الصحية في أوروبا والعالم.
وفي روايته المصورة "تجاعيد" يقدم روكا سرداً إنسانياً يعكس حالة الأشخاص المصابين بداء ألزهايمر، مسلطاً الضوء على هذا المرض الذي يصيب كبار السن غالباً. وتدور الرواية حول مدير بنك متقاعد مصاب بألزهايمر، يعيش في مؤسسة لرعاية المسنين. وتصور الرواية تفاصيل الحياة اليومية في دار المسنين، وكيف يتعرف الرجل تدريجياً على المرض الذي داهمه، ومحاولاته للتعامل معه.
يقول باكو روكا إنه أراد من خلال هذه الرواية أن يفهم ويشرح للناس شعور التقدم في العمر في مجتمع يجعل كبار السن غير مرئيين.
وفي روايته "شتاء رسام الكاريكاتير"، الصادرة في 2011، يعرض الفنان سرداً تاريخياً وسياسياً لإحدى الوقائع التي حدثت أثناء فترة حكم الديكتاتور الإسباني فرانكو في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. وتدور الرواية حول مجموعة من رسامي الكاريكاتير قرروا ترك وظائفهم لاعتراضهم على السياسة التحريرية الموالية لنظام فرانكو الفاشي. وتقدم الرواية سرداً لهذه الواقعة والتحديات والصعاب التي واجهها هؤلاء الرسامون في ظل مطاردات وملاحقات مستمرة واتهامات لهم بالعمالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على سؤاله حول التهميش الذي يعانيه فن القصص المصورة في الأردن والمنطقة العربية، يقول الفنان: "إن فن القصص المصورة كان يعاني التهميش كذلك في إسبانيا، فقد كانت مثل هذه الإصدارات تعرض في متاجر منفصلة، ومع الوقت بدأت تنتشر وتعرض في عديد من المكتبات والمتاجر الشهيرة". ويضيف باكو أن هذا الاهتمام الملحوظ بفن القصص المصورة في إسبانيا حدث قبل عقد أو أكثر بقليل، الأمر يحتاج من المهتمين بهذا الفن الإصرار والوجود باستمرار دون يأس أو ملل حتى يعتاد الناس على مثل هذه الأنماط الجديدة في التعبير.
وحول اهتمامه بالحرب الأهلية الإسبانية التي تناولها في عديد من رواياته، يرى روكا أن هناك كثيراً من الناس الذين لا يعرفون كثيراً عن الحرب الأهلية الإسبانية، حتى في إسبانيا نفسها، فقد وضع حكم فرانكو غطاءً كثيفاً على هذه الحقبة، وبعد سقوط الديكتاتورية اخترنا ألا نتعمق كثيراً في الماضي، غير أن الأمر كان له تبعات عميقة ما زلنا نتحملها إلى اليوم، وعلى الناس أن يعرفوا ما الذي حدث حينها بالضبط، وهذا ما أحاول أن أفعله.
تتميز رسوم باكو روكا بالواقعية المنمقة، فهو يهتم بجميع التفاصيل داخل المشهد المرسوم، والمفعم بالجمال والحنين إلى الماضي، وهو يقف على قمة موجة واقعية في الرسوم الهزلية الإسبانية المعاصرة، كما يعد الفنان الأكثر إنتاجاً في مجاله بين فناني أوروبا والعالم.