دفع نداء إنساني بحت مجموعة من السعوديين إلى تكوين فريق تطوعي بمجهودات فردية، تحول، أخيراً، إلى جمعية تحت مظلة حكومية كعامل مساعد للجهات ذات الاختصاص، باشرت 47 مهمة خلال 2020، النصيب الأكبر منها كان في العاصمة الرياض.
ففي سياق قصصي، صنعت واقعة درامية لشخصين تاها في إحدى صحاري السعودية، قصة نجاح الفريق التطوعي الذي تجاوز، أخيراً، ثلاثة آلاف عضو، على مدى ثماني سنوات متتالية.
يقول مدير العلاقات العامة والإعلام لجمعية "عون للبحث والإنقاذ"، ياسر الزيد، الفكرة انطلقت من مساعدة الآخرين، وذكر أنه في البداية، "استنجد شخص ما بأعضاء مجموعة منتديات، لمؤازرته في البحث عن تائهَين من ذويه في الصحراء.
وبالعثور عليهما، بقي أحدهما على قيد الحياة". وكأن تلك المجموعة كانت بانتظار هذه الواقعة لتنطلق ضمن فريق إنساني بجهود فردية بحتة.
أسهم تعدد حالات المفقودين خارج النطاق العمراني في تأسيس بنية الفريق الذي أصبح على أهبة الاستعداد ضمن مدن السعودية المترامية الأطراف، وضم عدداً من المتطوعين الذين يتشاطرون في هوايات متشابهة، ضمنها الخروج والتنزه أو الرحلات البرية خارج النطاق العمراني.
واستمر الأعضاء المؤسسون متمسكين برسالتهم وأهدافهم ومسعاهم الذي أخذ يتطور كأداء تتماشى مع الزمن ويتناسب مع مقاييس السرعة، حتى توجت المبادرة رسمياً تحت مظلة الجهات المسؤولة وتحولت من فريق إلى جمعية متخصصة في البحث وإنقاذ المفقودين والعالقين خارج النطاق العمراني.
انتقاء المتطوعين
يوضح الزيد، أن الجمعية تضم عدداً يتجاوز الثلاثة آلاف عضو، منهم المتخصصون، والممرضون، والطيارون، ونحرص على أن يمتلك المتطوع الأدوات اللازمة قدر الإمكان، كأن يمتلك سيارة دفع رباعي، وجهازاً لاسلكياً مصرحاً به، أو برنامجاً يعمل خارج النطاق العمراني، أو أن يكون طياراً يعمل تحت مظلة رسمية.
يضيف، "تحتاج الجمعية لتوفر الرغبة من المتطوع والأدوات، وانطلقت مبادرتنا لمعاونة الجهات المتخصصة لكوننا عوداً من حزمة، نؤمن بأهمية التكاتف المجتمعي، وفعل الخير أساس جذري في أعضاء المبادرة التي بدأت بــ12 عضواً، ونقبل عدداً أكبر من المتطوعين لزيادة نسبة الفرص والتوسع في هذا العمل الجماعي الكبير، كما نقبل التبرعات للمساهمة في دعم واستمرارية الجمعية، فمساحة السعودية شاسعة الأرجاء، والرمال ضخمة للغاية، وقد تتعرض سيارة بعض الأعضاء للعطل، ويضطر لإصلاحها على نفقته الخاصة، وبجانب دعم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للجمعيات بشكل عام، ننادي الشركات والمؤسسات لوضع بصمتها في مشاريع إنسانية من باب المسؤولية الاجتماعية، وتقديم التسهيلات لدعم المهام في هذا النشاط الإنساني البحت واستمراريته، كما أن الحكومة الرشيدة والرؤية المستقبلية تدعمان التوجه التطوعي في كافة مجالاته المفيدة للمجتمع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حالات صعبة
نفذت الجمعية خلال العام الماضي 47 مهمة إنقاذ، بينها 40 حالة تم العثور عليها ومساعدتها، والحالات الباقية وجدت متوفاة. ومن أصعب الحالات، بحسب قوله، "فقدان رجل مسن في الحرة بالمدينة المنورة، وهي منطقة حجرية، إذ ترجل الرجل عن سيارته لمسافة، وعُثر على سيارته من خلال طائرة مروحية مشطت المكان حتى عَثر عليه أحد أعضاء الجمعية متوفى. وقبل أسابيع فقد طفل خارج النطاق العمراني بالقرب من مدينة حفر الباطن، وانطلقت سبع سيارات مجهزة للبحث عنه، وبالتكاتف مع ذويه عُثر عليه".
المفقودون داخل النطاق
وفي حالة الفقد داخل النطاق العمراني قال، "بمجرد أن يصل البلاغ إلى الجمعية، نقوم بالإعلان عن اسمه والمنطقة وأرقام التواصل مع ذويه، فمهمتنا في الأساس هي البحث عن المفقودين خارج النطاق العمراني في المناطق الصحراوية والجبلية التي تفتقر إلى التواصل".
وعن أسباب الفقد قال" أهمها عدم إدراك خطورة الطريق، لذلك ننصح المتنزهين قبل الخروج خارج النطاق العمراني، بالتزود بمؤونة إضافية احتياطاً، والتأكد من سلامة محركات السيارة، والتزود بالماء الكافي، والتواصل مع الأقارب وتزويدهم بآخر نقطة يصلون إليها، ليسهل البحث عنه، والتوصل إليهم بأسرع وقت ممكن، كما يجب أن يحيط نفسه بثقافة الظروف الطارئة. على سبيل المثال استغلال الليل، ففي النهار قد تتعارض أشعة الشمس ويتشابه عليه الطريق ولا تبدو الرؤية واضحة، أما في الليل، فتصبح الأضواء أكثر وضوحاً، أيضاً إخبار الطائرات بالحاجة للمساعدة من خلال كتابة رسالة قصيرة على الرمال بخط كبير، أو بفك وحرق إطار السيارة، كإشارة للمارة لمساعدته، كذلك استخدام المرآة الجانبية وتوجيهها إلى أشعة الشمس، ليلفت انتباه الطائرات المارة، أو بوضع القصدير على السيارة لتعكس أشعة الشمس، للفت انتباه أي طيار قريب. وغالباً ما تصل البلاغات من ذوي المفقود، وقد يكون المفقود مصاباً بمرض نفسي، أو اعتلال في نفسيته، أو مريض سكر، لذلك نراعي ضمن هذا العمل الإنساني جميع الاحتمالات وأسباب الفقد".