بعد أيام من تصنيف الولايات المتحدة الأميركية للحرس الثوري الإيراني كـ"منظمة إرهابية"، حظرت شبكة "إنستغرام" حساب المرشد الإيراني علي خامنئي باللغة الإنجليزية، ضمن حملة بدأت بحجب حسابات أبرز قادة الحرس الثوري، على رأسهم قاسم سليماني ومحمد علي جعفري، غداة سريان قانون تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية.
وقالت شبكة "إنستغرام" إن إغلاق حسابات قادة "الحرس الثوري" وحجب حسابات القادة العسكريين الإيرانيين جاء امتثالاً لقرار تصنيف "الحرس" على قائمة المجموعات الإرهابية. حيث تمنع قوانين "إنستغرام" الأنشطة التي تدعو إلى العنف والتمييز والعداء والكراهية والمواد الإباحية.
وأفاد متحدث باسم (إنستغرام) بأننا "نعمل وفق قوانين العقوبات الأميركية ونتعاون مع المسؤولين الحكوميين من أجل ضمان التزاماتنا القانونية، بما فيها الامتثال لقرار تصنيف (الحرس) منظمةً إرهابية"، فيما وصفت وسائل إعلام محسوبة على تيار "الحرس" في إيران الخطوة بـ"السياسية".
كيف بدأت عملية الحظر؟
وبدأت "إنستغرام" بحذف الحساب التابع لـ"سباه نيوز"، الموقع الإعلامي الناطق باسم "الحرس الثوري"، قبل أن تتوالى الأخبار عن اختفاء حسابات قادة "الحرس الثوري" إثر خطوة دونالد ترمب تصنيف "الحرس" على قائمة الإرهاب.
ووفق ما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية، ظن الإيرانيون في بداية الأمر أن حجب صفحة قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، "عابر" مثل مرات سابقة، لكن اختفاء حساب رئيس الأركان محمد باقري، وقائد "الحرس الثوري"، محمد علي جعفري، أكد للإيرانيين أنهم بصدد واقع جديد بخصوص حضورهم على شبكات التواصل، ومؤشر قوي على بدء تبعات تصنيف "الحرس" رسمياً وبدء ملاحقة منسوبيه على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبعد ساعات من حجب حسابات قادة "الحرس الثوري"، وسّعت شبكة "إنستغرام" نطاق الحملة ضد حسابات المسؤولين الإيرانيين، فاستهدفت حساب المرشد علي خامنئي الموجّه إلى المخاطبين باللغة الإنجليزية، الذي يتابعه 13 ألفاً و500 حساب على شبكة "إنستغرام"، بينما يتابع حسابه باللغة الفارسية مليونان و300 ألف حساب، فيما يحظى حسابه باللغة العربية بمتابعة 20 ألفاً و800 حساب.
وعادةً ما يستخدم قادة "الحرس الثوري" صفحات شبكات التواصل لنشر مواقفهم أو مخاطبة العالم الخارجي، وغالباً ما تتسم المواقف بتهديدات لأطراف خارجية، في مقدمها الولايات المتحدة التي تعد منطلقاً للتطبيقات التي يستخدمها كوادر "الحرس".
أبرز القادة الإيرانيين المحظورين على "إنستغرام"
إضافةً إلى حساب خامنئي بالإنجليزية، وسليماني وجعفري وباقري، شمل حظر "إنستغرام" حساب نائب قائد "الحرس" حسين سلامي، وقائد القوات البرية في الحرس محمد باكبور، ومساعد شؤون الموارد البشرية في الأركان المسلحة موسى كمالي، وقائد الوحدة الصاروخية أمير علي حاجي زادة، ومستشار المرشد الإيراني في الشؤون العسكرية وقائد الحرس سابقاً رحيم صفوي.
وضمت قائمة المحظورين الواجهة السياسية لـ"الحرس"، وأبرزهم مرشح الرئاسة لعدة دورات وعمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف، إضافة إلى رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق وأبرز صقور المحافظين المنتقدين لروحاني، عزت الله ضرغامي. كما شملت حملة الحجب حساب ميليشيا فيلق "فاطميون" الأفغاني الذي يدربه ويرعاه الحرس الثوري.
وتوعدت الإدارة الأميركية مَن يخرق قانون اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية، وهو الثاني الذي يوجّه ضربة إلى إيران بعدما وقّع على الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة العقوبات على طهران في مايو (أيار) 2017.
ويتضمن القرار الأميركي معاقبة أي شخص أو كيان أميركي يتعامل مع "الحرس الثوري"، بوصفه منظمة مدرجة على قائمة الإرهاب الدولي، ويعاقب الأفراد بالسجن مدة تصل إلى 20 عاماً. وتعد حسابات خامنئي وسليماني بين الحسابات الأكثر متابعة للمسؤولين الإيرانيين.
فى المقابل أقر البرلمان الإيراني، قبل يومين، رسمياً قانوناً يضع القوات الأميركية المستقرة في الشرق الأوسط على قائمة الإرهاب، في خطوة مماثلة لقرار ترمب. ويشمل القانون الدولَ والكيانات المؤيدة للقرار الأميركي.
وهذه هي المرة الرابعة التي تحجب فيها "إنستغرام" حساب سليماني الذي يتابعه 734 ألف حساب، والذي يقول إنه يعكس أنشطة القيادي الذي أصبح من محاور الأجندة الدعائية للحرس الثوري عقب الكشف عن حضور إيران العسكري في سوريا.
كيف ردّت طهران على عملية الحظر؟
وفق ما نقلت صحيفة "اعتماد"، فإن خطوة "إنستغرام"، مسايرة لسياسة العقوبات الأميركية وأيضا خطوة سياسية. وأفادت الصحيفة، من دون الإشارة إلى المصدر، بأنه "لا نية لإطلاق صفحة جديدة باسم سليماني حتى إشعار آخر"، مشيرة إلى حذف صور للحشد الشعبي العراقي بعد دخول وحداته إلى المناطق المنكوبة جراء الفيضانات في غرب إيران. والصحيفة مملوكة لعضو البرلمان إلياس حضرتي، وهو عضو سابق في "الحرس الثوري" خلال الحرب الإيرانية العراقية، وهي من بين الصحف التي تبتعد تدريجياً عن رديف الصحف الإصلاحية وتتبنى نبرة الأوساط المتشددة لدور "الحرس" الإقليمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما نقلت وكالة "فارس" عن مساعد شؤون الموارد الإنسانية في الأركان المسلحة، موسى كمالي، أن حسابات قادة الحرس "لا صلة لها بالعنف"، وقال "نحن حراس، وهذا نوع من المعركة"، متهماً "إنستغرام" بتقديم "خدمات لإسرائيل والاستكبار العالمي". وأن حسابه ينشر قضايا تتعلق بالمجندين.
وتعمل شبكات واسعة يرعاها جهاز الدعاية في "الحرس الثوري" على مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن سياساته الإقليمية ويحمل بعضا منها أسماء رموزه. ويملك الحرس "جيشاً إلكترونياً" خاصاً بما تعدّه إيران حرباً إلكترونية، كما تموَّل أطراف متعددة في إيران مراكز أبحاث وحسابات عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتحمل رموزاً وأسماء إيرانية.
وبحسب "إنستغرام" يملك الإيرانيون أكثر من نحو 50 مليون حساب على الشبكة، وهي تتقدم على شبكة "تليغرام" التي حظرتها السلطات العام الماضي. كما تشكل الشبكة المصدر الأول لنشر الأخبار إلى جانب شبكة "تليغرام".
وأطلق ناشطون دعوات في السنوات الماضية مناشدةً شبكات التواصل حظر نشاطات المسؤولين الإيرانيين بسبب حجم شبكة "فيسبوك" و"تويتر". حيث ينشط المسؤولون الإيرانيون في "تويتر" بشكل واسع على الرغم من حظره منذ احتجاجات الحركة الخضراء عقب الانتخابات الرئاسية في 2009.
"تويتر" فى الطريق لخطوة مماثلة
في الاتجاه ذاته، أعلنت إدارة موقع التغريدات "تويتر" نجاحها في تطوير منظومة رصد المنشورات المسيئة التي تتضمن عبارات كراهية ومحرضة دون الحاجة للانتظار لأن يتم التبليغ عنها أولا من قبل مستخدمي موقع التواصل الشهير.
وحسبما ذكر موقع "ماشابل" الأميركي المختص بأخبار التقنيات، اليوم الخميس، فإن عملية رصد تغريدات الكراهية والتحريض كانت تمثل أكبر تحدٍ لمواقع التواصل الاجتماعي لعجزها عن رصد هذه المنشورات وردعها بشكل كامل، كونها مقيدة بمنظومة عمل المواقع بشكل عام التي كانت تتطلب أن يتم التبليغ عن هذه المنشورات أولا ليتم التعامل معها وحذفها.
وقال الموقع الأميركي إن إدارة "تويتر" أكدت أنها لم تعد بحاجة لذلك الآن، فقد أصبحت قادرة على رصد المنشورات المسيئة وحذفها بشكل ذاتي بعد رفعها من معدل ذكاء أجهزة الرصد المتطورة لديها التي تعمل أغلبيتها بالذكاء الاصطناعي.
وكان من أكثر الانتقادات التي تتعرض لها منصات التواصل المختلفة حول العالم، عدم قدرتها على منع انتشار المنشورات المسيئة والمحرضة على الكراهية والعنصرية والتطرف، كونها سببا رئيسيا في انتشار الإرهاب الإلكتروني، غير أن بيان "تويتر" قد يمثل حلا جذريا لهذه الأزمة.
وبين يناير( كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين، حظر الموقع 100 ألف حسابٍ أنشئ من قبل مستخدمين تمّ حظر حسابات سابقة لهم. وقالت الشركة إنّ الموقع أصبح قادراً على التحرّك مسبقاً لحظر المحتوى المسيئ بسرعة أكبر بنسبة 38% من السابق، بدلاً من انتظار بلاغات المستخدمين حول التغريدات المسيئة.